على رغم تصريحات المستشار محمود الشريف مساعد زير العدل لشئون المحاكم فى العام الماضى أنه تم تنظيم دورات تدريبية لموظفي المحاكم الابتدائية، خصوصًا المحضرين، لرفع كفاءتهم وأدائهم في العمل بالإضافة إلى تدريبهم على تقدير الرسوم وفقا لصحيح القانون، هذا بجانب إجراء تفتيش دوري ومفاجئ على المحاكم لضبط العملية الإدارية بداخلها، وينعكس على الخدمات المقدمة للمتقاضين مع التأكيد على تفعيل دور المكاتب الأمامية بالمحاكم الابتدائية لسرعة إنجاز العمل، وذلك بالتنسيق مع مركز المعلومات القضائي لميكنة جميع المحاكم على مستوى الجمهورية، الا أنه مازالت هناك زيادة فى أعداد الشكاوى ازاء تأخر إنجاز العدالة في القضايا المتعلقة بمصالح المواطن البسيط الاقتصادية والاجتماعية. والغريب أن الكثير من العاملين بوزارة العدل لا يؤدون عملهم إلا بعد أن تعطيهم «المعلوم» وهو له مرادفات عدة منها ما يطلق عليه «الإكرامية، أو الاصطباحة»وهى اسم الدلع للرشوة كما يحلو للبعض أن يسميها اعتقادا بأن هذه التسمية ترفع التجريم عن ذلك الفعل المؤثم قانونا وشرعا قانونا. وللأسف معظم الجهات والمصالح الحكومية تقريبا المناط بها تحقيق العدل والقضاء علي تكون هى سبب البلاء من خلال صغار موظفيها. فى البداية يجب ان نشير الى ما أكده بعض المحامين مرارا أن المحضرين المكلفين بإخطار الزوج بجلسة المحكمة أو حكم النفقة كثيرا ما يأخذون رشاوى مقابل التجاوز عن واجباتهم؛ فالمحضر المرتشي يخطر المحكمة أنه لم يعثر على المذكور. وكما قال المحامي ياسر عبد الجواد: «من السهل على الزوج أن يهرب، ومن السهل على الزوج أن يدفع الرشاوى، والحكومة لا تضع أولوية لتنفيذ الأحكام القضائية، حيث إنها تعطي الأولوية للأمن القومي لا للأمن المدني». كما قال أحد القضاة الذي - طلب عدم التصريح باسمه - إن المحضرين «سرطان» يفت في عضد العملية القضائية برمتها وقد بلغت المشكلة حداً خطيراً، حسب ما قال محام آخر. البعض ينصحون «بالحرص على الذهاب إلى محام منفذ». وحينما يستفسرون عن معنى ذلك، يأتيهم الرد بأنه «هو المحامي الذي يستطيع تنفيذ الأحكام القضائية». والمؤسف أنه قد تقضي المرأة عدة سنوات في محاولة العثور على الزوج السابق لتنفيذ الحكم القضائي. فإذا اعتبر الزوج السابق مفقودا، لا تجد المرأة أيا من المساعدة سواء من الشرطة أو من أي سلطة حكومية أخرى. وإذا لم تكن المرأة تعرف عنوان زوجها على وجه التحديد كي ترسل إليه المحضر، فالنتيجة أنها تحرم من المبلغ المقرر لها بحكم المحكمة. المطلوب.. نظام الكترونى يقول خالد شهاب – المحامى بالنقض مدير مركز الأبحاث والدراسات القانونية- فى البداية يجب أن نشير الى اننا من الدول الأخيرة على مستوى العالم التي ما زالت تستعين بالمحضرين فى الاعلان القانونى؛ فى حين أن معظم الدول المتقدمة تستخدم الانترنت فى الاعلان القانونى. أما فى مصر فما زلنا نلجأ الى الطرق القديمة علما أن المحضرين ليس عليهم الرقابة الكافية كما أنه يتسلم عددا كبيرا من الإعلانات فى اليوم الواحد ولا يتسع الوقت لتسليمها كلها الى المواطنين، خاصة مع بعد المسافات. باختصار أن الفساد مستشر فى الجهاز الادارى للدولة خاصة بين بعض الموظفين بوزارة العدل وأصبح الأمر يتطلب يد من حديد وتدخلا قويا من رجال الأمن لتنفيذ الأحكام . والمؤسف أنه فى الأحكام الجنائية إذا قام المتهم بتغيير محل سكنه يصبح من المستحيل تنفيذ الحكم عليه. كل هذا يحدث بسبب عدم وجود نظام حديث متطور يتم استخدامه فى تسجيل البيانات الخاصة بالمواطنين والمطلوب هو منظومة قضائية جديدة بمنظومة تشريعية جديدة تعتمد على النظام الإلكترونى الحديث فى الاعلان وفى التنفيذ بحيث يقوم كل مواطن عند استخراجه بطاقة رقم قومى بتسجيل بريده الإلكترونى ليتم عليه إرسال الإعلان القانونى. أعوان القضاء أكد المستشار كمال الإسلامبولى – رئيس المجلس الوطنى المصرى عضو مجلس أمناء التيار الشعبى - أن المحضرين هم أعوان القضاء لهم أهمية لا تقل عن الخبراء والأطباء الشرعيين فيما يقومون به ومن أبرز المشاكل التي تعانى منها المحاكم تتمثل فى بطء صدور الأحكام وذلك بسبب تأخر إعلان أطراف الدعوى من قبل المحضرين. ويطالب الإسلامبولى بضرورة وجود شرطة قضائية تكون مهمتها الرئيسية تنفيذ الإعلان بشكل سريع وكذلك قلة عدد القضايا مع قلة عدد القضاء وتنفيذ الأحكام ومراقبة المحضر يتطلب وجود قاض للتنفيذ بالمحكمة على مدار 24 ساعة بالإضافة الى ضرورة أن يكون المحضر على درجة عالية من التعليم، أي يتم اختيارهم من حملة المؤهلات العليا وليكن ليسانس حقوق كي يتمتع بثقافة قانونية حتى يدرك خطورة ما يقوم به مع الوضع فى الاعتبار زيادة مرتباتهم. ضياع الحقوق بينما أوضح المحامى أحمد عودة أن أساس الدعوى هو الإعلان القانوني الصحيح وفقا للإجراءات المنصوص عليها فى المواد القانونية من قانون المرافعات من 1 -13 وإذا ما تم الإعلان بشكل يتعارض مع تلك المواد لا يتم قبول الدعوى من حيث الشكل والمضمون وفى بعض الأحيان يفاجأ بعض الأشخاص بصدور أحكام قضائية ضدهم بالإدانة بسبب لجوء بعض المحضرين إلى التواطؤ مع بعض أطراف القضية من خلال أكثر من حيلة بحيث لا يعلم أحد الأطراف بالدعوى حتى يصدر ضده حكم قد يكون بالسجن أو بالغرامة دون أن يعرف ذلك ويكون السبب محضرا عديم الضمير من اجل حفنة صغيرة أو كبيرة من المال. ويضيف «عودة» أن هذا التصرفات ينتج عنها تشريد العديد من الأسر وضياع حقوقهم وطالب بضرورة أن تكون هناك إجراءات رادعة ضد المخالفين من المحضرين فى إجراءات محاكمة المواطنين سواء بالسلب أو الإيجاب حتى لو أن الأمر وصل الى عزل المخالف منهم من الوظيفة حتى يمكن القضاء على تلك المشكلة التى تؤرق عددا ليس بالقليل وتهز استقرار العدالة وتعتبر من أسوأ سلبيات العمل القضائي فى مصر فى السنوات الأخيرة. تلاعب أما المستشار محمد حامد الجمل – رئيس مجلس الدولة السابق - فإنه يرى أن بعض المحضرين يمثلون آفة الحكم القضائي فى مصر فهم يملكون من الأدوات الكثيرة التى تمكنهم من التلاعب بالأحكام القضائية وهى نقطة فى غاية الخطورة بالنسبة للعمل القضائي ومن ثم فإنني أطالب بفرض مزيد من القيود والعقوبات ضد كل من يتلاعب فى مثل هذه الأمور ولاسيما على المحضرين لأن لديهم القدرة على التلاعب وإدخال الغش على قاضى التنفيذ لما يملكونه من أسرار عن الخصوم بحكم موقعهم وسيطرتهم على جزئية الإعلان لأطراف الدعوى وعملية ضبطهم فيها صعوبة وليست سهلة ومن ثم فإن تغليظ العقوبة أمر ضروري. ويفسر «الجمل» قيام المحضرين ببعض التلاعب من خلال تعطيل وصول الإعلان أو التعلل بأن المعلن إليه غير موجود ومن هنا يقع الضرر وأيضا أحيانا يتفق المحضر مع المعلن إليه بعد استلام الإعلان أو الإنذار ولذلك عندما يتم وضع ضوابط ومعايير ثابتة وعقوبات رادعة من خلال جهة عمله فإن الأمر سوف يتغير كثيرا ويمكن الحد من تلك المشكلة لأنها تؤرق الكثيرين. أين العدالة؟ وتشير جنات عبد الرحمن – المحامية بالنقض - للأسف هناك بعض المحضرين خارج السيطرة أو هم يظنون كذلك ويقوم هؤلاء بالتلاعب بمصير بعض المتقاضين الذين يذهبون ضحايا لقلة من المحضرين الفاسدين وهذا موجود ويحدث تباعا والكل يعرف ذلك ولا أحد يستطيع السيطرة عليهم. فضلا عن قيام بعض المحضرين باستخدام عبارة: «لم يستدل على عنوان» فى التنكيل ببعض أطراف القضايا لمصلحة آخرين وإن كان يتم الآن عمل دورات تدريبية لتطوير العمل بهذه الوظيفة حتى يمكن التقليل من المخاطر التي تحدث من خلالها وتهز العدالة وهى أمور غير مرغوبة. إعلان «مكتبى» ويلخص إبراهيم صلاح المحامى, أساليب التلاعب التى يلجأ إليها بعض المتقاضين ومحاميهم، لهروب موكليهم من تطبيق القانون, أو تنفيذ العقوبة, أو لكسب الوقت لتأجيلها، فى عقد تفاهمات مع المحضر المكلف بالاستعلام، أو تسليم محاضر النيابة، أو إعلان جلسة المحكمة نظير مقابل مادى «إكرامية». وذلك بقيام المحضر بإرسال المحاضر والإعلانات القضائية «أمريكانى» أى بشكل صورى «كده وكده» وهو مصطلح متداول فى أروقة المحضرين. بهدف إثبات أن المقصود بالاستلام لم يستدل على عنوانه، أو عدم وجوده. وقد يتم نفس الأسلوب من خلال جهة الإدارة في أى قسم الشرطة التابع له أحد طرفى النزاع . فيكون الإستعلام عن طريق شيخ الحارة التابع لدائرة القسم. وأيضا يتم الاتفاق معه لإجراء تحريات صورية، لتسجيل عدم الاستدلال على عنوانه نظير مقابل «معروف طبعا». ويحق للشخص الذى تم توريطه بإثبات عدم التوصل إليه، وصدور حكم غيابى ضده، الاحتفاظ بحقه قانونا، بالمعارضة، أو الطعن على الحكم فى أى وقت «أى المواعيد مفتوحة». ولا يسرى التقادم على صاحب الحق «أى لا يسقط الحكم الغيابى عليه» فى حالة وضع اليد على الأراضى، والعقارات فقط لمدة 5 سنوات إذا ثبت للمحكمة أنه حسن النية. ولكن يسرى الحكم فى حقه بعد 15 سنة إذا كان سيئ النية.