بعيدا عن رقابة إدارات المرور , والطرق والكبارى والأحياء شوارع مصر أصبحت إدارتها وملكيتها مستباحة دون سند ملكية , أوعقود شراء». لحساب الملاك الجدد «عقبال أملتك ربنا يدينا ويديهم» مافيا السياس «منادى السيارات». فلا يوجد شارع, أو حارة, أو «زنقة» على طول محافظات مصر وعرضها , إلا ويخضع لسيطرة « الباشا» السايس . فهو وحده الحاكم بأمره فى أرصفة الشوارع . يسمح وبشروطه «ركن» السيارات على جانبى الشارع . ولا مفر من دفع المعلوم «بالذوق», أو «العافية», أو «بالتى هى أحسن» . والمعلوم فى عرف جماعة السياس مقابل إيجار, أو استئجار مساحة ال إثنين, أو الثلاثة أمتار «حيز» انتظار سيارتك بجوار الرصيف فى الشارع , أو الطريق العام. وفى الغالب أنت مجبر على الدفع , وإلا ستسمع «مالايرضيك» . وقد يصل الأمر إلى « إظهار العين الحمرا « إستخدام القوة ضدك . وفى بعض الأحيان قد تعود لسيارتك فتجدها «جثة هامدة» لاتتحرك , عجلاتها ممددة على الأرض . لأن « الباشا «السايس» الله يخرب ... « هوى الكوتش « فض منها الهواء». فيش وتشبيه والحكاية ببساطة أن مهنة السايس, أو منادى السيارات , أو حارس مواقف السيارات. كانت فى السابق مهنة معترفاً بها , ولها أصول . ويحمل العاملون فيها رخصة من الأحياء , وإدارات المرور . وكان يشترط للحصول علي رخصة سايس , وهى عبارة عن «حديدة» صفراء اللون فى شكل بيضاوى تعلق فى جيب جاكت السايس , استيفاؤه لبعض الأوراق كمسوغات للتصريح له للعمل فى هذه المهنة . منها شهادة «فيش وتشبيه» تفيد خلو ساحته من الاتهام فى أى قضايا , وتمتعه بحسن السمعة . وإقرار موقع من أحد العاملين فى المهنة كضامن، إلى جانب صورة من البطاقة الشخصية , أو العائلية تدل على شخصيته , ومقر إقامته. وبناء على هذه المسوغات, وتحريات الأمن يتم منحه رخصة منادى سيارات ,ويحدد موقع عمله حسب الحى , أو المركز التابع للمحافظة التى يتواجد بها محل سكنه . وغالبا مايفضل من يمتلك رخصة قيادة , لضمان عدم تعرض السيارات التى يتعامل معها لأى مكروه , ويفضل أكثر وأكثر من يحمل شهادة «محو أمية» هذا- كان الحال فى فترة تطبيق القانون , وإعمال الرقابة , وليس صوريا , كما هو الحال الآن, لضمان إحكام السيطرة والرقابة ,وضبط المرور. ولكن مع الأيام , وتخلى أجهزة الرقابة المعنية عن دورها, وصلاحيتها فى الشارع المصرى. أصبحت مهنة السايس مجالا مستباحا «لكل من هب ودب» من أصحاب السوابق , والبلطجية والمجرمين , وقطاع الطرق – وهم الأكثرية - فى حين أن الأقلية التى تتوافر فيها الشروط , والتى تمارسها بالتزام , هم من العاطلين عن العمل , ممن لايجدون مهنة يمتهنونها , ولاتتوافر فيهم القوة ,أو القدرة على العمل الشاق , وليس متاحاً لهم فرصة عمل . وكانت هذه المهنة فى السابق تتداول فى محيط عائلات السياس فقط . يتوارثها الابن عن أبيه , وأبوه عن جده , وهكذا . وذلك نظرا لنشأتهم عليها , واحترافهم لها , والعائد المجزى الذى كانوا يحققونه منها . وكانت الرسوم المفروضة على السايس من قبل الأحياء , فى حدود 4 جنيهات يوميا من حصيلة ركن السيارات , والباقى من الإيراد لحسابه الخاص . إتاوة ووصل الأمر إلي أن أصبح يسيطر على هذه المهنة مافيا وعصابات, تحتكر شوارع , ومناطق بكاملها , وتؤجرها للغير للعمل «سياس», ويفرضون «إتاوات» بالقوة على أصحاب السيارات. ويحددون «الإتاوة» مقابل ركن السيارة حسب الموقع . فكلما كان انتظار السيارة فى شارع , أو منطقة حيوية مثل المهندسين , وشارع جامعة الدول العربية , أو مصر الجديدة , أو على النيل تتراوح الإتاوة بين 5 , و10 جنيهات، أما وسط البلد فهى 5 جنيهات , وتزيد بالقرب من المولات , والمطاعم المشهورة, ودور السينما والمسارح. وهناك نظره لكل « زبون» من أصحاب السيارات حسب ماركة وموديل السيارة , والمصرى غير السائح العربى أو الخليجى . قانون تفصيل وهناك أراض فضاء, «وجزر» بين أرصفة الشوارع فى الميادين وتحت الكبارى , تحولت إلى مواقف عشوائية لانتظار السيارات , وأقاموا حولها أسواراً شائكة فى ظل الرقابة الغائبة , تتحكم فيها وتديرها لحسابها هذه المافيا. وقد أصبح لها قانونها الخاص «تفصيل» تفرضه طبقا لمفهومها ونفوذها, وذهب البعض إلى عمل دفاتر تحدد فيها سعر ساعة الانتظار, وسعر «مبيت» السيارة . وقد شجعت الرقابة الغائبة بعض العاملين فى تجارة السيارات المستعملة, أن قلدوا مافيا سياس السيارات , فى تحويل بعض الشوارع , وقطع الأراضى الفضاء ببعض المناطق إلى أسواق عشوائية لتجارة المستعمل فى السيارات , والملابس, « والروبابكيا» الأدوات الصحية والمنزلية والأجهزة الكهربائية , وقد يصرفون فى بعض الأحيان مرتبات شهرية لبعض العاملين المتنفذين فى الوحدات المحلية – من باب – « سيبنى وسيبك», وهى لقمة « هنيه تكفى مية». بهدف غض الطرف عن احتكاراتهم لهذه الأماكن دون وجه حق , وعدم مطاردتهم. وذلك فى إطار قانونهم الخاص « الرزق يحب الخفية». وطبقا للإحصائيات غير الرسمية , يصل عدد محتكرى شوارع المحروسة على مستوى الميادين وأحياء محافظات مصر , إلى عشرات الآلاف ممن يمتهنون العمل سايس سيارات بالقوة , ويسيطرون على أرصفة الشوارع فى مصر . كشف المخدرات ويرى اللواء محسن النعمانى وزير الإدارة المحلية الأسبق , أن مهنة السايس اليوم أصبحت على المشاع , بعيدة عن أى معايير رغم أهميتها . والعاملين فيها يمثلون مصدر ريبة لأصحاب السيارات . ويطالب بضرورة الكشف الدورى عليهم , وإبعاد المدمنين أسوة بما يتم مع السائقين . خاصة وأن الإجراءات المطبقة فى الماضى على السياس , ومنح التراخيص لم تلغ بعد . وإن كانت غير مستخدمة , والرقابة ليس لها وجود . سايس بيتى وليس بغريب لى أنا كاتب هذه السطور , أن أواجه شخصيا بموقف طريف من أحد الدخلاء على المجال .ففى صباح أحد الأيام فوجئت أثناء ركوب سيارتى من أسفل منزلى للتوجه لعملى , بأحد الأشخاص ينادينى «تعالى يا أستاذ يمين شوية «, وبمطالعة الأمر وجدته يطالبنى بثمن ركن السيارة . وظل يجرى ورائى وأنا أقهقه فى حالة دهشة . ومازل الموقف معلقاً فى ذهنى حتى اليوم . والسؤال إلى متى يظل الشارع المصرى مستباحا, وتحتكره فئة البلطجية, وياالدفع «يااااا». وأين أجهزة رقابة الأحياء والمرور ممايحدث من بلطجة وعشوائية . ولماذا لايفعل القانون , لضبط الأوضاع المعوجة فى الشارع . ويتم تحديد أماكن الانتظار وتعيين السياس طبقا للشروط والمواصفات , وفرض رسوم الانتظار لصالح الدولة , وليس حسب الزبون ونوع السيارة , ولحساب المحتكرين الجدد .