رفضت شركة الاستيراد قرارات البنك المركزى الأخيرة، والتى تستهدف الحد من الاستيراد العشوائى ووصفوا القرارات بالمعطلة لحركة التجارة، وأكدوا أنها ستؤثر على السيولة لدى الشركات بإلغائها التسهيلات الممنوحة من المورد، وستزيد من أزمات الدولار وربما تفتح الباب للتهريب، وكشفوا عن خطورة اضطرار بعض الشركات للتوقف عن الاستيراد، بما يؤثر على المعروض من السلع بالسوق المحلية وخاصة الغذائية والتى سترتفع أسعارها الفترة المقبلة. أكد أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، أن إلزام الشركات المستوردة بتغطية الاعتماد بنسبة 100٪ سيرجعنا لنقطة الصفر مرة أخرى، مؤكداً أن نتائج القرار ستصبح عكسية لأنها ستفتح الباب للتهريب وربما تحرم الدولة ممثلة فى الجمارك من الحصيلة الجمركية. وأشار إلى إلزام المستورد بتقديم مستندات الشركة الدورة المتعاقد معها، مؤكداً أن السداد على بنك المورد له آثار سلبية للغاية على تعاقدات المستورد الخارجية وأهمها فقدانه المصداقية لدى المورد، بالإضافة إلى أن هناك بضاعة يتم التعاقد عليها من سوق معينة، ثم يقوم المورد بشرائها وتوريدها من سوق أخرى، وأحياناً يتم التحويل من بنك آخر، وذلك لا يؤثر على تعاقدات الطرفين، موضحاً أن إلزام الشركة المستوردة بتغطية قيمة الصفقة بالكامل يحرمها من الحصول على تسهيلات الشركة الموردة الائتمانية كأنها تقوم بدفع 25٪ من قيمة الصفقة والباقى يتم خلال 90 يوماً وهو نظام معمول به فى جميع الأسواق وعلى العكس فهو دلالة على ثقة الشركات الموردة بالخارج فى سوق المستورد المصرى. وتوقع «شيحة» تفاقم أزمة الدولار خاصة عندما تضطر الشركة المستوردة لتدبير قيمة الصفقة بالكامل فى ظل فقدان معظم البنوك القدرة على تغطية الاعتمادات المفتوحة بسبب نقص موارد الدولة من العملة الصعبة، وحذر من اختفاء سلع رئيسية من السوق المحلية خاصة الدواء الخام كالزيوت، موضحاً وجود أزمة بالفعل فى الزيت التموينى المطروح على البطاقات. وأكد حسن التاجورى، رئيس شعبة تجار الأخشاب، بغرفة القاهرة التجارية أن هناك أزمة فى موارد الدولة من الدولار رغم الانفراجة فى الاحتياطى النقدى الأخيرة نتيجة القروض الممنوحة من البنوك العالمية أو بعض الدول الخليجية، ولكن تأثير القرارات الأخيرة والمقيدة للاستيراد كانت صائبة فى بعضها وخاطئة فى البعض الآخر، فمثلاً إلزام المستورد بالسداد لبنك المورد سوف يقضى على عمليات غسيل الأموال التى انتشرت فى الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى الحد من تلاعب شركات الصرافة وعملائها من راغبى غسل الأموال على سعر العملة، موضحاً أن هؤلاء يقوموا بشراءه الدولار بأعلى سعر بهدف تحويل أموالهم للخارج. وحول تداعيات القرار السلبية أكد أنها ستخلق سوقاً سوداء جديدة فى حالة فشل البنوك فى تغطية الاعتمادات المفتوحة الأمر الذى سيضطر معه مبرمو الصفقات للجوء للسوق السوداء لتدبير قيمة الصفقة بالكامل لضمان عدم تفويت مواعيد التعاقد، مؤكداً أن هذا الإجراء سوف يؤدى لمزيد من الارتفاع لسعر الدولار على المدى البعيد لأن المركزى ألزم العميل بتدبير 100٪ من الصفقة بدلاً من 50٪. وأكد الباشا إدريس، رئيس شعبة الحاصلات الزراعية بغرفة القاهرة التجارية، أن القرار ستكون له آثار وتداعيات عكس المستهدف من حيث سيؤدى لارتفاع سعر الدولار، بالإضافة إلى تعطيل الاستيراد بما يؤثر على المعروض من السلع بالسوق المحلية والتى ستتراجع بالضرورة بعد خفض الاستيراد، موضحاً أن المواطن سيتحمل فى النهاية تداعيات القرار، بالإضافة إلى تنفيذه دون دراسة. وأشار «إدريس» إلى موقف حدث له مع إحدى البنوك،حيث قام بتصدير شحنة من الفاصوليا البيضاء لإحدى الشركات الإسبانية وتقاعست عن سداد الشحنة بالكامل وبالاتصالات والضغوط عليها عرضت توريد باقى ثمنها بضاعة من دولة أخرى وقبلت والمفروض أنها دخلت الموانئ المصرية خالصة الثمن، إلا أن مسئولى الجمارك رفضوا دخولها بدعوى عدم قيام شركتها بضخ اعتماد البنوك المحلية أى اعتمادات استيرادية، رغم إرسال الشريك الأجنبى المستندات التى تثبت أنها خالصة الثمن. ويرى أحمد صقر، عضو غرفة الإسكندرية التجارية، أن قرار البنك المركزى يهدف لإلغاء دور الشركات المستوردة لصالح الشركات الحكومية، الأمر الذى فتح الباب لهم لمزيد من الاعتمادات الاستيرادية تحت دعوى جهات مضمونة ولا تتلاعب بأسعار السلع، فهو توجه سيادى لصالح السوق، وتساءل: ماذا تنتظر الحكومة من الشركات الاستيرادية بعد تحميلها كل هذه الأعباء مثل إلغاء التسهيلات الائتمانية بإجبارها بتدبير قيمة الصفقة.. بنسبة 100٪ وإلغاء الحسابات المفتوحة كأن يقوم الموردون بإرسال مستند بدون دفع أو الدفع المحدد بعده. وقال «صقر» إن مثل هذه القرارات ستجد صدى غير طيب لدى الشركات الموردة بالخارج لأنها ستفقد الشركات المستوردة مصداقيتها أمامهم، وطالب بتطبيق تجربة روسيا التى قامت بإجراء خروج منظم للسلع التى تقدم بعضها أو إنتاجها حتى لا تؤثر على المعروض بالسوق وتضطر فى مرحلة أخرى للاستيراد، ويبدأ هذا النظام برفع الطاقة الإنتاجية للسلع حتى لا يتأثر الاستهلاك وبالتالى زيادة الصادرات التى ستسهم فى دخول حصيلة من العملة الصعبة للخزانة المصرية، موضحاً أن القرارات يجب اتخاذها وفق منظومة تغيير مفهوم الإنتاج والعمل. وانتقد محمد إسماعيل عبده، رئيس شعبة المستلزمات الطبية بغرفة القاهرة التجارية، قرار الحد من الاستيراد بهدف الاتجار من خلال رفضه تدبير الدولار وخصم التدبير على استيراد المصانع، متسائلاً: كيف يتم التفرقة بين جهتين مؤثرتين فى الاقتصاد، حيث إن شركات الاستيراد بها عمالة وتقوم بدفع الضرائب بالإضافة للرسوم الجمركية. وأكد «عبده» أن الآثار السلبية للقرار ستتضح فيما بعد وسيتضرر من صدورها المواطن الذى سيواجه ارتفاعاً فى الأسعار من جراء نقص المعروض من السلع بعد خفض الاستيراد، معتبراً قرار المركزى عودة لنقطة الصفر ما قبل تولى عامر منصب محافظ البنك المركزى.