ليس دائماً سوء النوايا هو ما قد يورد الناس موارد الهلاك. لكن قد يكون حسن النوايا! فمع سوء التقدير والجهل بحقائق الأشياء يأتي الهلاك المحقق. ولم يكن ما ورد فى الأثر والذي نسطره فيما يلي إلا توجيها لنا من ربنا بفهم هذا المعنى والذي أرى حكمته قد استغلقت على أكثرنا، إلا من رحم ربي. فقد ورد فى الأثر «عن الأوزاعي عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس (رضي الله عنهما): أنّ رجلاً أصابه جرح في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأُمِر بالاغتسال، فاغتسل فمات. فبلغ ذلك رسول الله (ص)، فقال: قتلوه قتلهم الله، ألم يكن شفاء العيّ السؤال». لم يأمر رفقاء هذا الرجل الجريح صاحبهم بالاغتسال إلا غيرة منهم على دينه و صلاح عمله وقربه من الله، لم ينصبوا أنفسهم أوصياء عليه بسوء نية قدر ما كان تعاليهم- عن الإقرار بجهلهم بمقاصد الشرع فى حفظ النفس والمقدم عن مارأوه هم الأولى وهو طهارته بالاغتسال- هو ما أهلك صاحبهم .. بل و أهلكهم هم. فقد دعا عليهم رسول الله (ص) بقوله «قتلهم الله»، وأوضح صلوات الله عليه وسلامه سبب استحقاقهم أن يكونوا هالكين حين صرح مستنكرا تعاليهم عن السؤال رغم جهلهم في قوله: «ألم يكن شفاء العي السؤال؟!». لقد كان قتلة صاحبهم أهل تقوى .. كانوا حريصين على دين صاحبهم .. بل ظنوا أنفسهم أحرص على دينه منه. فأهلكوه، وأهلكوا أنفسهم بحسن النوايا و سوء التقدير. إذاً رفقا بالوطن الجريح .. حتى لا يناله- من الغيورين منا على دينه و هويته- مصير الرجل الجريح. اللهم عافنا .. اللهم وعاف وطننا .. أنت ولى ذلك والقادر عليه.