رفضت ملايين النساء السوريات مغادرة سورية إلى مخيمات اللجوء، وفضلت جميعهن البقاء تحت القصف وفي مرمي طائرات الأسد؛ كل ذلك استعدادا لبناء الوطن الجديد، في مناخ من الحرية والكرامة. وبينما تتأهب قوات نظام الأسد لاقتحام مدينة درعا مهد الثورة السورية، ولا يكاد صوت القصف يهدأ، إلا ويتجدد مرة أخرى، أدى الحصار الخانق إلى اختفاء البيع والشراء للمواد الغذائية، وإلى شح قاتل للأدوية والسلع الضرورية كحليب الأطفال. وتتمركز عناصر الجيش الحر في منطقة اللجاة أكثر مناطق درعا وعورة في التضاريس، وقد فشلت قوات الأسد في اقتحامها، حيث قام الثوار باصطياد دباباته وتدير مدفعياته. حتى سلاح الطيران الحربي فشل في السيطرة على درعا، حيث قام الجيش الحر بالانتشار على مساحات شاسعة، والاحتماء بالكهوف والجبال، بينما أعرب النشطاء عن مخاوفهم من استخدام الأسد للسلاح الكيماوي. من قلب المعركة في درعا كان لصحيفة "التغيير" هذا الحوار مع الناشطة السورية إسلام الزعبي، والتي وافتنا بآخر الأحداث والمستجدات، بمنظور المرأة التي رفضت مغادرة الوطن، رغم القصف والدمار الذي لا يكاد يتوقف. فإلى تفاصيل الحوار: ما هو شكل الحياة اليومية في درعا؟ وهل تتوفر المواد الغذائية بشكل كاف؟ الحياة شبه متوقفة، فالمحروقات والأدوية شبه مفقودة ومن النادر أن تجد أحدا يبيع المواد الغذائية، وإذا فرض أنك وجدتها فعادة ما تكون أسعارها مرتفعه للغاية، وبطبيعة الحال فإن جميع الأعمال متوقفة، في ظل تردي الوضع الأمني وانتشار شبيحة النظام في كل مكان. وإطلاق النار من قبل قوات النظام يزيد في أثناء الليل، حيث تقوم الأجهزة الأمنية مدعومة بالشبيحة بسرقة ما تبقى من المحلات التجارية والبيوت التي هجرها سكانها إلى مناطق أكثر أمنا. فأصوات القصف تملأ أجواء درعا والنظام يقوم بتجهيزات لاقتحام منطقه اللجاه أكبر أماكن تواجد الجيش الحر في درعا، لكنني أأكد لكم أن معركة النظام خاسرة وأنه يقضي أيامه الأخيرة في ظل تجهيزات النظام لاقتحام المنطقة، ماذا يتوقع الثوار؟ أرض اللجاه وعره ولا يمكن اقتحامها إلا بالمشاة وهذا يصب في مصلحة الجيش الحر لكسب المعركة لأن أهل مكة أدرى بشعابها، وآخر ما في جعبة الأسد هو استخدام الطيران الحربي المشتت على أكثر من جبهة، ولا يضر الجيش الحر استخدام الطيران، فهو يتأقلم ويطور أساليب الرد منذ أكثر من ستة أشهر، والسبب كثره الكهوف و المغارات التي تؤمن الملاذ الآمن لعناصر الجيش الحر لكن الخوف من استعمال الأسلحة الكيميائية. هل يمكن أن يستخدمها بالفعل، رغم تهديدات الغرب بعدم استخدامها وإلا حدث تدخل عسكري؟ كل شئ عند هذا المجرم ممكن ومباح، لتوهمه أنه سيخرج بأية مكاسب، واطمئنانه بمساندة عدد من دول العالم، وأن وجوده صمام أمان لإسرائيل. التغيير: هل تعتقدي أن الغرب يمثل على الثوار، أم هو جاد في تهديداته بالتدخل؟ الغرب يريد هدر طاقات سوريا الدفاعية قبل سقوط النظام حتى لا تكون قويه في حال وصول الحكم لأيدي السنة، طبعا كل هذا من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل، والنظام يراهن على ضعف صمود الثوار بأنفسهم، وحذف من قاموسه بعد التدخل الخارجي؛ لاطمئنانه بأن ذلك لن يحدث إلا لصالحه. أما النظام للأسف فإنه يعتبر أن معركته معنا وحدنا ونحن معركتنا مع الكثير من دول العالم المؤيدة أو الصامتة على جرائمه. لكن هل تدفع هذه الظروف بقية السكان إلى الهجرة ومغادرة درعا؟ لا، فالنظام يقضي آخر أيامه، وببعض الصبر نبلغ الغاية بإذن الله، "إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون" ووالله لن نركع وفينا طفل يرضع، فالله يرزقنا وينصرنا. لماذا تفضل النساء السوريات البقاء في سورية رغم القصف والدمار لماذا لا يرحلن لدول الجوار أو مصر ثم يرجعن بعد انتصار الثورة لأن البيت والأسرة أغلى ما يملكن، وإن رحلن بأسرهن؛ فلن يستطعن أخذ البيت والأرض إذا رحلن، نحن نريد أن نبني جيلا حرًا يعيش بكرامته على أرض وطنه، لا في مكان آخر من الأرض. هل يمثل سوء أحوال اللاجئين في الأردن ولبنان تزهيداً لهن، فلا يفكرن في اللجوء؟ لا ليست سوء الملاجئ فقط لأن الوضع هنا أسوء من مخيمات اللاجئين، فنجن نقصف بالطيران الحربي والقذائف، إنها حرب إبادة، لكن هو حب الوطن وحب الشهادة، والعزم على المضي قدمًا في نيل الحرية التي لا توهب؛ إنما تنتزع.