مع بداية الربيع العربي قامت مؤسسة (مقياس الديموقراطية العربي) بعمل استطلاع رأي في 11 دولة عربية؛ منها المملكة العربية السعودية لمعرفة توجهات مواطني هذه الدول تجاه القضايا السياسية؛ وعلى رأسها الديمقراطية، وكذلك لتقييم الثقة في المؤسسات العامة وقياس مدى المشاركة المدنية والسياسية والاتجاهات نحو الديموقراطية وغيرها من الموضوعات المهمة. وتم إجراء الاستطلاع في المملكة في أواخر يناير وأوائل فبراير 2011م بمشاركة 1405 شخصا من مختلف المناطق، وجاءت نتائجه مخالفة للتوقعات. فقد حدد أغلب المشاركين القضايا الاقتصادية والمعيشية كالفقر والبطالة وإرتفاع الأسعار على رأس التحديات التي تواجه بلادهم خلال المرحلة الحالية، إذ توافق على ذلك نحو نصف أفراد العينة، بينما يرى 16% من المشاركين أن الفساد المالي والإداري هو التحدي الأهم، لتليه قضية الطلاق والعنوسة، ثم ارتفاع تكاليف الزواج، ليحتل موضوع تعزيز الديمقراطية المؤخرة بنسبة 2% فقط. أما حول نظرة السعوديين إلى الديمقراطية، فإن الدراسة أشارت إلى أن أغلبهم، ويمثلون نسبة 54% يميلون إلى السمات الاقتصادية والاجتماعية منها كتقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وتوفير العناصر الأساسية والقضاء على الفساد المالي والإداري. وأعطى حوالي 46% من المشاركين أولوية للجوانب السياسية للديمقراطية، كحرية انتقاد وزارات الدولة ومؤسساتها، وتغيير الوزراء من خلال الإنتخابات، والمساواة في الحقوق السياسية. وعبر 45% منهم عن قناعتهم بأن "النظام الديمقراطي قد تكون له مشاكله، لكنه أفضل من غيره". وفي سياق الموازنة بين حقوق الإنسان والأمن رأى 48% أن عدم احترام حقوق الإنسان بحجة الحفاظ على الأمن غير مبرر على الإطلاق، فيما اعتقد 58% من المواطنين السعوديين أن الديمقراطية نظام لا يتعارض مع الإسلام، وأن الراي العام السعودي يفضّل نظاما سياسيا معتمدا على الشريعة الإسلامية. وفي مجال المواطنة والحقوق رأى 37% تطبيق مبدأ المساواة مطبق في مقابل 6% لا يرون ذلك إطلاقا. فيما أفاد 23% بمشاركتهم في الانتخابات البلدية علم 2010م، وذلك في مجال ممارسة حقوق المواطنة؛ العكس ل 83% منهم، يتجاوز ذلك مجرد الترشيح إلى ما دونه من حضور اجتماعات أو لقاءات أو حتى توقيع عرائض. وحول متابعة الشأن السياسي انتهت الدراسة إلى اهتمام 63% من المشاركين فيها بالسياسة بدرجات متفاوتة، وجاء التلفزيون الجهاز الأكثر استخداما لما نسبته 72% منهم، لتليه الصحف، فالانترنت فالإذاعة. ختاما.. قد تكون هنالك أوجه نقص وقصور في مثل هذه الدراسات التي تواجه العديد من العقبات والمشاكل، إلا أنها تعكس - بصورة ولو إجمالية - توجهات المجتمع السعودي لقضايا هي في غاية الأهمية. لذا، ينبغي التأكيد على ضرورة أن تنبري مؤسسات بحثية محلية للقيام بمثل هذه الدراسات وتحليل اتجاهات الرأي في المجتمع السعودي بشكل عام.