بعد فترة من التعتيم والسرية الشديدة فرضتها السلطات الإثيوبية دامت أكثر من شهرين بشأن حقيقة مرض رئيس الوزراء ميليس زيناوي، أعلن رسميًا عن وفاته في بلجيكا عن عمر ناهز 57 عامًا. وتباينت ردود الأفعال الدولية والأفريقية حول وفاة زيناوي بين الترحيب من جهة والتعبير عن الحزن من جهة أخرى، حيث أشادت كل من واشنطن ولندن بزيناوي، مثمنتين ما قدمه للغرب من "إنجازات" بينما رحبت حركة الشباب الإسلامية بالصومال والجبهة الوطنية لتحرير أوجادين الإثيوبية برحيله. ومن جهته بعث الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتعازيه للسلطات الإثيوبية بوفاة رئيس وزرائها الذي يعتبر حليفا رئيسيا للغرب بأفريقيا. وقال أوباما في بيان إن زيناوي "يستحق الإشادة بما قدمه طوال فترة حكمه لأجل تطور إثيوبيا وخاصة اهتمامه بالفقراء في بلاده". وأضاف أنه ممتن لرئيس الوزراء الإثيوبي لما قدمه من "خدمات للسلم والأمن في أفريقيا، ودوره في الاتحاد الأفريقي، ودفاعه عن أفريقيا على الساحة الدولية". وحث الرئيس الأمريكي الحكومة الإثيوبية على مواصلة دعمها للتنمية والديمقراطية والأمن وحقوق الإنسان والرخاء لمواطنيها. حارب نيابة عن الأمريكيين أما صحيفة نيويورك تايمز فقد كتبت تقول: زيناوي الذي حكم إثيوبيا أكثر من عشرين عاما، وخاض الحرب بالوكالة عن الأمريكيين ضد المد الإسلامي في شرق القارة الأفريقية، وبدهاء فائق جعل من بلاده جبهة للقتال ضد الإسلاميين في الصومال". لكن رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون غالى في المديح لزيناوي، ووصفه بأنه "متحدث ملهم باسم أفريقيا"، مضيفا "إن إسهامه الشخصي في تطور إثيوبيا وبخاصة في إخراج ملايين الإثيوبيين من دائرة الفقر يضع مثالا يحتذي للمنطقة". وفي السياق ذاته، قالت المفوضية الأوروبية إن زيناوي عمل بدأب في مجال الوحدة الأفريقية والتغير المناخي والتنمية، لكنها عبرت عن أملها في أن تحسن إثيوبيا من سجل حقوق الإنسان. ومن ناحيته، قال رئيس الوزراء الكيني رايلا أودينجا إن زيناوي كان "زعيما عظيما" لكنه عبر عن خشيته على الاستقرار في إثيوبيا بعد وفاته. أصداء الخبر في مصر ارتبط اسم زيناوي مع الشارع المصري في السنوات الأخيرة بسبب إصراره على منازعة مصر في حصتها التاريخية بمياه النيل، وعدم اعترافه باتفاقية نهر النيل الموقعة عام 1959 التي تحدد حصص كل دولة من دول حوض النيل في مياه النهر. واتخذ موقفًا معاديًا لمصر خلال السنوات الأخيرة، متهمًا إياها بمحاولة زعزعة أمن واستقرار بلاده عبر تمويل جماعات متمردة تسعى للاستيلاء على السلطة حسب زعمه. واستطاع زيناوي أن يؤثر على دول حوض النيل، وقام بإقناع بوروندي وأوغندا وكينيا تنزانيا ورواندا، بتوقيع الاتفاقية الإطارية الجديدة لتقاسم مياه النيل عام 2011، الأمر الذي يهدد أمن مصر المائي بشكل كبير. وفي سعيه لأن يثبت دعائم حكمه في إثيوبيا؛ سوقَ نفسه باعتباره الشرطي الأمريكي في القرن الأفريقي، مستغلًا حالة السيولة الشديدة التي تشهدها جارته الصومال، والانفلات الأمني الذي تعيشه بعد أن تحولت إلى قبلة لتنظيم القاعدة، والتنظيمات الجهادية. علاقات وثيقة مع الصهاينة دخل زيناوى في علاقات وثيقة مع الكيان الصهيوني، وفتح الباب على مصراعيه لأجهزتها الأمنية خاصة الموساد، وتحولت أديس أبابا إلى واحدة من أقوى قواعد الموساد في إفريقيا ومعبر تل أبيب القوى للتغلل في غرب ووسط القارة الإفريقية، تحت ستار تصدير تكنولوجيا الري والزراعة التي تتفوق فيها الدولة العبرية إلى القارة السمراء. الصوماليون يصفونه بالمحتل رحبت حركة الشباب الإسلامية بالصومال والتي واجهت القوات الإثيوبية مرتين في عهد زيناوي، بوفاة رئيس الوزراء الإثيوبي، الذي حرك جيشه داخل الأراضي الصومالية للمرة الأولى عام 2006 بهدف القضاء على الحركة الإسلامية، فيما اعتبر وقتها أكبر خطوة وثقت علاقات إثيوبيا بالغرب منذ الإطاحة بمنجستو هيلا ميريم، وفي عام 2011 قامت القوات الإثيوبية بدخول الصومال للمرة الثانية بدعم أمريكي أوروبي. وقال المتحدث باسم حركة الشباب الشيخ علي محمود راجي "لقد قاد الزعماء الأفارقة الذين كانت لهم أصابع في الصومال لعقدين، لكن كل ذلك ذهب سدى". ومن جهتها، قالت الجبهة الوطنية لتحرير أوجادين الإثيوبية المحظورة إن وفاة زيناوي قد تمهد لمرحلة جديدة من السلام في البلاد، إلا أنها أكدت استعدادها للقتال من أجل تقرير المصير. وأضافت الجبهة في بيان "قد تمثل وفاة الدكتاتور الإثيوبي مرحلة جديدة للاستقرار والسلام في إثيوبيا ومنطقة القرن الأفريقي بأكملها". وتابعت أنها ستعمل مع أي قوى معارضة "تقدمية متفتحة تكون مستعدة للاعتراف بحق تقرير المصير لكل الأمم والجنسيات". الطاغية المولع بالإبادة كما وصف موقع "إثيوبيان ريفيو" المعارض على الإنترنت زيناوي بأنه "طاغية مولع بالإبادة" وقال "اليوم يوم فرحة لأغلب الإثيوبيين وكل محبي الحرية في أنحاء العالم". وتقول جماعات دولية لحقوق الإنسان إن زيناوي كان حادا مع المعارضة وقد ألقى القبض على العديد من زعمائها بعد انتخابات متنازع على نتائجها عام 2005، كما اعتقل معارضين وصحفيين بموجب قانون لمكافحة الإرهاب صدر عام 2009.