السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، لا يخفى على سيادتكم أنَّ ما فرضه الله على عباده ينقسم إلى قسمين: أولهما وأهمهما: الفروض والواجبات المتعلقة بالأمَّة. وثانيهما: فروض الأعيان المتعلقة بالأفراد. وقد جعلكم الله –جلَّ شأنه- في موقع المسئوليَّة عن فروض الأمَّة، وما أكثرها وما أهمها، فهناك الجوع والفقر والمرض وإعجاب كل ذي رأي برأيه، والشح المطاع والهوى المتبع، وغير ذلك كثير، لكن هناك أولويَّات ظاهرة للعيان بارزة، عميقة الأثر، طويلة المدى، سأسمح لنفسي أن أضع بين يديك ما يظهر لي منها شيئًا فشيئًا. أولهما: العمل على إعادة ارتباط مصر-باعتبارها في أهم موقع بين قارات الأرض وشعوبها- بشبكة من المواصلات والاتصالات مع مجالها الحيوي المحيط بها وعمقها الاستراتيجي في آسيا وأفريقيا، وإيجاد أجواء ملائمة لفتح الأبواب أمام معالجات جادة لأزماتنا الاقتصاديَّة بأنواعها، والتي لن نستطيع معالجتها على المستويات القطريَّة، بل لابد من الخروج بها إلى الدوائر الأرحب والأوسع والأشمل، والخطوة الأولى لبدء مسيرة الألف ميل بالاتفاق مع الدول التي تشارك مصر هذا الإقليم، وفي مقدمتها السعوديَّة وتركيا وإيران، وسائر البلاد العربيَّة الأخرى، ومنها السودان شماله وجنوبه، بربطه بشبكة مواصلات تبدأ بخطوتين جاهزتين تقريبًا هما: أ- بناء جسر بين مصر والمملكة بأقرب وقت ممكن، يجنب الحجاج والمعتمرين والعمال الذاهبين والقادمين إلى المملكة السعوديَّة ومنها، مصائر الموت غرقًا باستعمال العبَّارات المعروفة بكثرة حوادثها، وهذا مشروع كان جاهزًا للتنفيذ بين البلدين لولا أنَّ الرئيس المخلوع خضع لضغوط جعلته يوقف هذا المشروع، والمطلوب إحياؤه من جديد، والبدء به خاصَّة والمملكة كانت قد تحمَّست له وشرعت في إعداد ما يتعلق به وذهب خادم الحرمين في موعد محدد لوضع الحجر الأساس لذلك الجسر من ناحية المملكة وتخلَّف الرئيس المخلوع وادعى أنَّه لم يبلغ بهذا الأمر وليست لديه فكرة عنه، وهذا الجسر ضروري بل أعتبره حجر أساس في تحسين الأوضاع الاقتصاديَّة وأوضاع العمالة المصريَّة وطرق التعاون بين الشعبين والشعوب الأخرى الخليجيَّة والإقليميَّة التي ستستفيد من هذا الجسر. ب- إحياء مشروع سكة حديد الحجاز يتكامل مع الجسر في ربط جميع دول الإقليم ببعضها، وفتح أبواب تبادل البضائع والمصالح وتواصل المؤسَّسات، والتكامل الصناعيّ والتجاريّ بين أقطار الإقليم كلّها، ولا نذيع سرًا إذا أكدنا أنَّ تركيا من جانبها قد بدأت اتصالات مكثفة مع الدول ذات العلاقة لإعادة بناء السكة التي فجرها لورنس في الحرب العالميَّة الأولى، ولم يستطع العرب وجيرانهم أن يعيدوها إلى العمل رغم مرور ما يقرب من مئة عام، مع أنَّها شريان حيوي وضروري لأبناء المنطقة في أمور دنياهم وأخراهم. فلعلك يا سيادة الرئيس تولي هذا الأمر من الاهتمام ما يستحقه، وسيسجل التاريخ لك بأحرف من نور هذا الإنجاز الممكن والمقدور عليه–إن شاء الله- في حدود ولايتك الأولى، وفقكم الله.