إنّ مصر اليوم تبدو وكأنّها تستقرّ، هي الأخرى، على «حلّ يمنيّ» يتابع مسيرة الاستبداد من دون الرمز الاستبداديّ الأوّل. واحتمال كهذا إنّما يجد ما يعزّزه في الانتصاف السكّانيّ الذي أشارت إليه آخر المواجهات الانتخابيّة، بما ينشئ أساساً للتطابق بين السياسيّ والمجتمعيّ، مخفّفاً الطابع القمعيّ لما هو قمعيّ تعريفاً. ويُخشى أن يكون الانتقال من «المستبدّ الأوحد» إلى «استبداد من غير مستبدّ» هو ما ستُحمَل الثورة المصريّة على التوقّف عنده، وهو ما سيكون الشكل المصريّ في «التكيّف مع العصر وإملاءاته». لكنّ ما يُخشى، أكثر من ذلك، أن تتأكّد تلك النظريّة القائلة إنّ الثورات ليست مهنة عربيّة: فهي في البلدان المنسجمة سكّانيّاً تُحِلّ وجوهاً محلّ وجوه، أو تتقلّص إلى حدود غرف القصر ومؤامراتها، أمّا في البلدان الضعيفة الانسجام فتنقلب حروباً أهليّة مفتوحة. ... نؤثر، على رغم كلّ شيء، أن نتمسّك بالإصرار على أنّ ما بدأ في «ميدان التحرير» لن يتوقّف. أمّا أن يكون المرء ساذجاً فأفضل ألف مرّة من أن يكون سينيكيّاً. http://alhayat.com/Details/411837