في مارس آزار من كل عام تحتفل الدول باليوم العالمي للمرأة، وتتبارى زوجات الرؤساء والحكام والملوك في تكريم بنات جلدتهن أماً وأختاً وزوجة وقبل ذلك إنسان له الحق في الحياة، أما في سورية ومع انخراط الجيش والأمن والشبيحة في أعمال القتل فقد بات الوضع مختلفاً، فالمرأة هنا إما أشلاء شهيدة أو أرملة شهيد أو يتيمة شهيد أو بقايا حطام مغتصبة متكومة في زاوية زنزانة معتمة بأحد سلخانات بشار الأسد. وكما يقول المثل وراء كل ديكتاتور شيطان أخرس، وهو ما تحقق في تونس وليبيا ومصر واليوم يجرى الحديث عنه في سورية. أسمها أسماء الأخرس مهنتها زوجة السفاح بشار وكاتمة أسراره، دعتها منظمة العفو الدولية بباريس إلى احترام تعهداتها تجاه نساء سوريا اللاتي يتعرضن للاغتصاب والقتل على يد زوجها وقواته. المفارقة أنها تتجاهل أعمال القتل والبطش الذي تتعرض له أخواتها السوريات، فعندما دعتها مجموعةً من عمال الإغاثة لمناقشة الأوضاع الأمنية في سورية، التزمت أسماء الصمت عندما سمعت عن مآسي المحتجين، ولم تبدُ عليها أي مظاهر للتأثر. وفي هذا الصدد وجه لها المدير العام لمكتب منظمة العفو الدولية بباريس ستيفان أوبليست رسالة بمناسبة يوم المرأة ، قال فيها إنه على مدى الأشهر ال12 الماضية التي اتسمت بسفك الدماء الرهيب في سوريا، فإن الأخرس ترفض التحدث علنا عن الأعمال الوحشية التي يرتكبها زوجها وقواته، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 200 امرأة. ومنذ مارس 2011 تقوم قوات الأسد بجرائم وحشية ضد المتظاهرين الذين خرجوا يطلبون الحرية ، وهو ما تعتبره منظمة العفو الدولية جرائم ضد الإنسانية، بينما انتقد أوبليست صمت الأخرس مؤكداً أنه منذ بداية أعمال القمع لم تقم سيدة سوريا الأولى بأي شيء يدين جرائم زوجها ونظامه، بل ودعمت علنا سياسة الأرض المحروقة التي ينفذها زوجها. موقف الأخرس الذي كانت تخفيه قد لا يختلف كثيرا عن موقف أي زوجة ديكتاتور في الماضي أو في الحاضر، وهو موقف بحسب منظمة العفو يتناقض مع ما كانت تبديه من اهتمام بالقضايا الاجتماعية، وخاصة فيما يتعلق بحقوق النساء والأطفال، وعبثاً ناشدتها منظمة العفو باستخدام نفوذها لوقف القمع والانتهاكات ضد المرأة في سوريا. ومع اقتراب نهاية ديكتاتور سورية وخشية أن تلقى مصيره، حاولت الأخرس القفز من سفينة آل الأسد قبل الغرق، والهروب بمساعدة زوجها نفسه، ولكن تصدى لها شقيقه ماهر الذي يدير آلة القتل ويقود قطيع من الأمن والشبيحة بالوكالة ومنعها من المغادرة، وبحسب مصادر في القصر جذبها بعنف من شعرها وطرحها أرضاً، فعادت إلى زوجها باكية وتدخل لدى شقيقه ماهر ليقنعه بضرورة خروجها إلى لندن، وتعلل لأخيه الذي يسيطر على المطارات بأن أعصابها من مشاهد الدماء والقتل انهارت وأصبحت تؤثر عليه وستؤدى إلى انهياره. وخوفاً من مصير رأس الذئب الطائر في تونس وليبيا ومصر استنجدت الأخرس بالسفير البريطاني في دمشق الذي تدخل لصالحها، لأنها بريطانية المولد وتحمل جوازا بريطانيا، ومنذ ذلك الوقت لم تظهر للعلن ، وبينما تتعرض حرائر سورية في كل دقيقة وثانية للقتل والاغتصاب تنعم الأخرس فى لندن بالإقامة الآمنة في فيلا والدها فواز الأخرس ومع أمها سحر العطري الدبلوماسية السابقة في ايست اكتون قرب ايلنغ برودوى في غرب العاصمة البريطانية، تحت حماية كاملة من قوات من مكافحة الإرهاب وسكوتلاند يارد خوفا من الانتقام . وبينما تجمع ثكالى سورية أشلاء أبنائهن التي مزقتها قذائف دبابات الأسد أو تلك التي نحرتها سكاكين الشبيحة، تنعم الأخرس بحضانة أطفالها الثلاثة الصغار حافظ وكريم وزين، وقد جعلت أصابعها في آذانها حتى لا تسمع صراخ الأطفال اليتامى في حمص واستغشت ثيابها حتى لا ترى دماء الأمهات التي غاصت فيها أقدام زوجها الديكتاتور وشقيقه ماهر وجنودهما . أسماء الأخرس التي جاهرت بنشاطها في مجال تحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمع السوري، مثلما جاهر زوجها بوحشيته في نفس المجال، اختفت عن الأنظار تقريبا في الشهور الماضية حتى يناير من هذا العام عندما وقفت مع أطفالها مبتسمة ومصفقة مثلها مثل باقي الحضور خلال كلمة ألقاها بشار الأسد أمام مناصريه، فهل خيّبت أسماء الأسد آمال السوريين بصمتها عن جرائم زوجها في سوريا؟ وهل من الممكن أن سيدة سوريا الأولى قد رضخت لضغوطات من قبل نظام زوجها فأحجمت عن اتخاذ موقف شجاع ضد العنف والاغتصاب الذي يمارسه زوجها ضد شعبه؟! إنّ التي لا تحركها قصص القتل والسحل والدماء لا يمكن أن يكون في قلبها مثقال ذرة من رحمة، والتي لا ترتجف من قصص الفتيات المغتصبات والمقطعات في ثلاجات المستشفيات لا يمكن أن تكون ناشطة في حقوق حتى الحيوان، والتي لا تحركها صورة الأمهات الثكالى النائحات على أطفالهن لا يمكن أن تكون سيدة سورية الأولي، إلا لو كانت الأولي في الصمت المشجع على أعمال القتل، في حين بلغ عدد الأطفال الذين مزقهم رصاص زوجها أكثر من 200 طفل معروفة أسماؤهم وأعمارهم، وموثقة أخبارهم في لجنة حقوق الطفل في الأممالمتحدة، أما مجموع القتلى الجرحى والمعتقلين فقد توقف العالم عن العد.