عشية لقاء القمة بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء اليوم الذي يعتبر في تل أبيب، حاسما للموقف حول توجيه ضربة عسكرية إلى إيران، نشر رئيس مجلس الأمن القومي السابق عوزي أراد، معلومات تفيد بأن نتنياهو دفعه إلى الاستقالة من منصبه بطريقة وحشية، "لأنني وقفت مع الموقف الأميركي المعارض لتوجيه ضربة عسكرية إسرائيلية إلى إيران". وقال أراد، في مقابلة مطولة خص بها صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إنه قدم تقريرا مفصلا يوضح فيه أن ضربة كهذه من إسرائيل ستكلف ثمنا باهظا، وستكون أضرارها على إسرائيل أكبر بكثير من فوائدها. وطرح بدائل عدة عن هذه الضربة، في مقدمتها أن الولاياتالمتحدة هي التي يجب أن تقود المعركة لإلغاء المشروع النووي الإيراني، بالطرق الدبلوماسية والعقوبات إلى جانب التهديد بضربة عسكرية أميركية. وجريمة أراد، حسب قوله، هي أنه أصر على أن يتم توثيق هذا الموقف بمذكرة رسمية، حتى تكون دليلا على الحذر في حال تشكيل لجنة تحقيق في فشل السياسة الإسرائيلية في الموضوع الإيراني. ويروي أراد قصصا اعتبرتها "يديعوت أحرونوت" مذهلة ومخيفة عن طريقة عمل نتنياهو ومساعديه، حيث إن كبار مساعدي نتنياهو، وخصوصا مدير مكتبه السابق، نتان ايشل (الذي اضطر إلى الاستقالة في الشهر الماضي بعد تورطه في قضية جنسية مع إحدى الموظفات)، وسكرتيره العسكري، يوحنان لوكر، شوّها مواقف أراد واتهماه بتسريب معلومات إلى الصحافة. وتم تشغيل جهاز المخابرات العامة (الشاباك) لتوريطه بتهمة التسريب والمساس بأمن إسرائيل. وقال إن "الأساليب التي اتبعها الشاباك معي كانت شبيهة بأساليب المخابرات الروسية في زمن الشيوعية". وأضاف: "لقد دمغوني بتهمة التسريب، وحتى عندما ذهبت إلى مقر نتنياهو لأقدم التعازي بوفاة حميه بادرتني سارة (زوجة نتنياهو)، وهي في عز الحداد على والدها، قائلة لي: لماذا تشي إلى مراقب الدولة؟". ويضيف: "نتنياهو مقتنع بأن مراقب الدولة، ميخائيل لندنشتراوس، يريد تصفيته، وكل من يتحدث إلى المراقب يعتبر واشيا، وقد كذب نتنياهو أمام المراقب وأمر موظفيه بأن يكذبوا هم أيضا أمامه". واعتبر أراد نتنياهو مهووسا بالخوف من مساعديه، ويسرع في الإصغاء إلى من يشكك فيهم، وقال: "إنه جبان. يمكن إخافته بسهولة". واتهمه بنكران الجميل، "في السنوات التي كان فيها نتنياهو كلبا ملقى في الشارع كنت مخلصا له. ورفضت العمل مع إيهود أولمرت (رئيس الحكومة السابق)، وقلت له صراحة أنا إلى جانب نتنياهو. أما نتنياهو، فعندما اتصلت به بعد التحقيق معي في غرفة بائسة في المطار طيلة ثلاث ساعات، وقلت له إن زوجتي كانت قلقة علي ولم يقم أحد بطمأنتها، أجابني: أعلم أن ديسكن (رئيس الشاباك في حينه) قام باعتقالك في المطار، ولكنني لا أتدخل في طرق عمل الشاباك". وقد تساءل ناحوم بارنياع، محرر "يديعوت أحرونوت" الذي أجرى المقابلة مع أراد أمس: "هل نتنياهو، كما تظهر شخصيته في هذه المقابلة مع الرجل الذي عمل تحت سيادته بإخلاص طيلة 16 عاما، هو رئيس الحكومة الذي يسلمه الإسرائيليون صلاحية اتخاذ القرار أن تهاجم إسرائيل إيران أم لا؟". الجدير ذكره أن نتنياهو كان قد خضع للتحقيق السري لدى محققي مراقب الدولة حول فضيحة الفساد المرتبطة باسمه، "بيبي تورز"، وذلك قبيل مغادرته إسرائيل متوجها إلى كنداوالولاياتالمتحدة الأميركية، الاثنين الماضي. وقد استغرق التحقيق معه مدة ساعتين ونصف الساعة.والقضية تتعلق بعدة سفريات إلى لندن وغيرها قام بها نتنياهو وزوجته في فترة الحرب العدوانية على لبنان سنة 2006، حين كان زعيما للمعارضة، لشرح الموقف الإسرائيلي، وتبين أنه قبض ثمنها من رجال أعمال لهم مصالح تجارية في إسرائيل. وهذا أمر مخالف للقانون، إذ يعتبر تناقضا للمصالح. وأشارت صحيفة "هآرتس" أمس، نقلا عن مصدر في مكتب مراقب الدولة، إلى أن التعتيم على عملية التحقيق الذي جرى مع نتنياهو، فرض لكي لا يؤثر على مكانته خلال الزيارة لواشنطن، وأن بعض التقديرات في مكتب المراقب تؤكد أن هناك أساسا كافيا لإمكانية تشكيل ملف ضد نتنياهو قد يتحول إلى مقاضاته في وقت لاحق أمام المحكمة بتهمة فساد.