لم يعد ميدان التحرير مجرد ملجأ مؤقت للأحداث وأطفال الشوارع وإنما تجاوز ذلك إلى الدرجة التى أصبح عندها وطنا مصغرا وآمنا لأطفال بلا مأوى .. بعض هؤلاء الأطفال لم يكن لهم من قبل مأوى وإنما خرجوا للشوارع تحت ضغط الظروف والواقع المؤلم نتيجة التفكك الأسرى ثم وجدوا فى ميدان التحرير وسط المعتصمين حالة الدفء المفقودة فى حياتهم. لكن المفاجأة أن عددا كبيرا من هؤلاء الأطفال كانوا من قبل من المقيمين بدور رعاية الأحداث والأيتام التابعة لوزارة التضامن الاجتماعى لكنهم لم يتحملوا المعيشة بها فهربوا وكان الميدان هو الملجأ. بعض المعتصمين بالميدان الآن يؤكدون أن هناك خطة مقصودة من الجهات الأمنية للعبث بحالة الهدوء السائدة بالميدان عن طريق تسريب هؤلاء الأطفال والأحداث بهدف إثارة الشغب فى التحرير قبل الخامس والعشرين من يناير القادم وبعضهم يؤكدون أنهم شاهدوا سيارات خاصة تنقل مجموعات من الأطفال وترميهم إلى الميدان.. وبالأمس وقعت حادثة احتجاز طفل من هؤلاء الأطفال بمحطة مترو السادات.. الطفل اسمه يوسف ومريض بالسكر ولا يتجاوز سنه 12 عاما حيث قام أمن المترو بضرب الطفل ومطاردة 6 اطفال آخرين كانوا معه .. وحسب رواية المعتصمين بالميدان ان هؤلاء الاطفال كانوا متجهين إلى السيدة زينب حيث يتلقون بعض المساعدات من إحدى دور الرعاية بها ثم يعودون فى نهاية اليوم للمبيت فى التحرير ولم يقصدوا التعدى على المترو ولكن امن المحطة حاول منعهم من الدخول فوقعت مشادة ادت إلى احتجاز الطفل يوسف الذى اختفى الآن دون أن يعرف باقى الأطفال مكانه .. ومن ناحيتها تمكنت الخدمات الأمنية المعينة بمحطة مترو السادات من ضبط عدد من الأطفال حاولوا إلقاء حجارة على مدخل المحطة احتجاجا على احتجاز الطفل يوسف اما باقى الأطفال فقد فروا هاربين وتمت السيطرة على الموقف كما تم احباط محاولة أخرى من بعض الصبية لإلقاء حجارة على مدخل المحطة. لكن من يتقرب من العالم الخاص لهؤلاء الأطفال بميدان التحرير سيجد عالما آخر له تفاصيل مختلفة فهؤلاء الأطفال قبل أن يكونوا أشقياء فهم فى الأصل ضحية مجتمع وضحية دولة وضحية ظروف دفعت بهم إلى الهاوية الطفل صهيب معتز البالغ من العمر 13 سنة هرب من ملجا بالسيدة زينب وترك مؤسسة أخرى لرعاية الأحداث بالسادس من أكتوبر وهى مؤسسة أنا المصرى ولم يجد سوى التحرير ليواصل حياته به . صهيب أصيب بطلق نارى فى قدمه كما أصيب بحجر فى قدمه الأخرى ومع ذلك يصر على التواجد بالميدان السبب يقوله لنا بتعبيره " امى ماتت ومراة أبويا ست مفترية فطردتنى فى الشارع وأبويا مش سائل فيا .. انا زعلان الدنيا كلها راحت ومابقاش فيها غيرى مع إن أبويا محامى فى الامام الشافعى وانا عارف مكانه كويس بس مش هاروح ليه لحد ما اموت .. كان نفسى أطلع ظابط بس أهلي طلعوا وحشين .. أنا سبت دار الرعاية من نفسى وهربت من الشباك علشان المعاملة كانت وحشة وكانوا بيضربونا .. أنا هنا عشان اجيب حقى ويكون معايا فلوس وتليفون .." فى الميدان هناك بعض الشباب يقومون بإيواء هؤلاء الأطفال ومساعدتهم وعلى النقيض يقوم البعض باستغلالهم فى أعمال خاصة بالميدان مثل الباركينج ومسح السيارات وبيع المناديل والتسول وغيرها من هذه الأعمال..