لا يخلو أي بيت من الخلافات الزوجية، والشجار الزوجي لا مفر منه، فليس بالغريب أن يغضب الزوج من الزوجة أو العكس، لتبقى المشكلة ليس في نشوء خلاف بين الزوجين وإنما في كيفية التصرف إزاء حدوث ذلك الخلاف. وحتى لا تتحول البيوت إلى ساحات للحرب عقب كل مناقشة، لابد أن يتعلم الزوجين كيفية التنفيس عن غضبهما بطريقة صحية، لا تضر بأحد الزوجين، ولا بالزواج كمؤسسة تقوم على الود والتفاهم والاحترام. وهذا ما أكد عليه الخبراء في طب النفس، الذين أشاروا إلى أن العلامة المميزة للزواج الصحي هو نجاح الزوجين في تخفيف تأثيرات التوتر والضغوط عليهما، وقدرتهم على التنفيس عن غضبهم بطريقة سليمة. أسباب الشجار لكن ترى ما هي أبرز أسباب الشجار بين الزوجين؟، وما تأثير اندلاع المشاجرات الدائمة بين الزوجين على الأطفال؟، وهل لكبت غضب أحد الزوجين تأثير على صحته؟، وكيف يستطيع الزوجين إدارة الحوار أثناء الشجار، والتنفيس عن غضبهم بطريقة سليمة؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه من خلال هذا التحقيق: في البداية تقول "لينا .م": زوجي دائم الشجار معي، ودائما ما ينتقدني، ويثور على أتفه الأسباب، وحاولت أكثر من مرة التغاضي عن ذلك وأخذ الأمر بصدر رحب، لكني بدأت أفقد السيطرة على أعصابي، خاصة بعد امتداد الشجار بيننا إلى الأماكن العامة؛ فكلما خرجنا لقضاء أي شيء خارج المنزل، يشتد النقاش بيننا، ويمتد لإهانتي أمام أصدقائه؛ ما جعلني الآن أثور على أي شيء، وأصبحت لا أستطيع التغاضي عن أي فعل مهما كان بسيطا. وبدورها رأت "ياسمين. ط" أن عدم تقدير زوجها لما تتحمله من مشقة يومية في ترتيب المنزل، وتولي شؤون الأبناء، ورفضه مساعدتها، هو ما جعلهما يتشاجران باستمرار أمام الأبناء. وتابعت: مللت كثيرا من حياتي، لكن حرصا على أطفالي أصبحت أكبت غضبي، ومع تراكم الخلافات، تتأثر حياتي الزوجية، وكثيرا ما أفكر في الطلاق. وأكدت "سها .ا" أن انغماس زوجها في عمله ليل نهار، وتحمل مسؤولية أبنائها الثلاث بمفردها، أثر على حالتها المزاجية، حتى أنها آثرت الصمت، بدلا من الدخول في حوار دائما ما ينتهي بالخلاف. كبت الغضب يؤثر على الصحة هذا الصمت، وذلك الكبت، تعرضت له دراسة أمريكية نشرت مؤخرا، وحذر معدوها من أن التزام الصمت وكبت الغضب من قبل أحد الزوجين حال نشوء الخلافات الزوجية، بدلا من التنفيس الصحي والسليم عنه يعرض الزوجين لبعض المشاكل الصحية. ولاحظ الباحثون من جامعة متشجن، أن معدلات الوفيات المبكرة تكون أعلى بين مَن يلجأون إلى عدم التنفيس عن الغضب مقارنة بمن ينفسون عن غضبهم من الأزواج أو الزوجات. هدنة مؤقتة وعن كيفية التعامل السليم مع الخلافات الزوجية، رأى علماء النفس أن إعلان حالة الهدنة المؤقتة عندما يكون كلا الزوجين في حالة غضب شديد له مردود إيجابي على الزوجين؛ حيث يمنع الفرد الثائر من الإقدام على فعل طائش، ويقلل من حدة الخلاف. ويعتبر علماء الاجتماع أن حالة السكتة الكلامية التي يصاب بها بعض الأزواج عند نشوب الخلاف ليست حالة مرضية، وإنما هي حكمة للهروب من المشاجرات الزوجية. ونصح الخبراء الزوجين بعدم تضخيم أي مشكلة حتى لا تتعقد الأمور، وإنهاء كل الخلافات والمشاحنات. وفي السياق ذاته رأى عادل العبد اللطيف، الأخصائي الاجتماعي، أن أفضل طريقة لحل أي مشكلة هي التركيز عليها، وعدم التشعب إلى قضايا أخرى، حتى لا تتعقد المشكلة، ونصح الزوجة بضرورة اختيار الوقت والمكان المناسبين لمناقشة المشكلة وعدم تركها معلقة. وأكد العبد اللطيف على ضرورة تعلم الاعتذار، فليس هناك أي إشكال في أن يعترف الإنسان بخطئه، حيث إن علماء الاجتماع يعدون هذه الخطوة بداية للتحول إلى السلوك الإيجابي، كونه من مؤشرات النجاح لأي علاقة صحية بين أي زوجين. قواعد تعامل الأزواج ولكي يعيش الزوجان في سلام ذكر عالما الاجتماع دبلين ثين وشيري شنيدر مؤلفي كتاب "قواعد تعامل الأزواج" ثلاثة وأربعين نصيحة تساعد الزوجين على العيش بسلام منها: - عدم ترك الموضوع الرئيس للخلاف والتطرق إلى موضوعات أخرى، فمثلا حين تتشاجر الزوجة لأن زوجها لا يساعدها في الأعمال المنزلية، فلا ينبغي اتهامه بأنه أيضا لا يساعدها في شراء احتياجات المنزل. - الاعتراف باختلاف وجهات النظر: فمن الضروري أن يتقبل الطرفان ذلك، وتجنب تبادل الاتهامات في كل خلاف. - شجاعة الاعتذار: أي أن يكون لدى الطرف المخطئ الشجاعة الكافية للاعتراف بخطئه، والمبادرة بالاعتذار. - البعد عن الصراخ؛ لأنه يزيد من حدة الخلاف، ويجعل الفرد غير قادر على التحكم في تصرفاته. ورأى الدكتور أشرف غيث أستاذ الاجتماع بجامعة حلوان أنه لكي يكون هناك توافق روحي وعاطفي بين الزوجين، والذي يعتبر من أساسيات البيت السعيد، لا بد أن يكون هناك ثقة بين الطرفين، وأن يكون لديهم استعداد لحل ما تتعرض له الأسرة من مشكلات. معركة المخدات وللتقليل من حدة التوتر بين الزوجين أكدت دراسة حديثة أن معركة المخدات بين الأزواج تخفف من حدة التوتر بينهما، وشجعت الأزواج علي الخناقة المفتعلة، التي يستعمل فيها الزوجان المخدات كسلاح لضرب الآخر، وقد تستمر المعركة أكثر من ربع ساعة علي الأقل، وأكدت الدراسة التي أجريت مؤخراً بجامعة كاليفورنيا الأمريكية أن هذه المعركة الفكاهية ستؤثر بالإيجاب لا السلب علي حالة الضغط النفسي لكل من الزوجين، حيث يشعران بالراحة النفسية، ويتخلصان من أي توتر وشد عصبي لفترة طويلة، وأنه من الممكن تكرار هذه المعركة إذا شعر أحد الطرفين بأي ضيق نفسي، وفق ما ذكرته صحيفة "الجمهورية" المصرية مؤخرا.