ادعو الله مخلصا ان تصل رسالتي هذه الى قلوبكم وعقولكم ، وهو يعلم أن القومة الحق هي في الوقوف مع هؤلاء الشباب الطاهر الثائر المطالب بالقصاص العاجل جنبا بجنب وكتفا بكتف – ولو على الاقل سياسيا - حتى يرى ثمار ما بذل من دماء زكية وعيون غالية وأرواح بريئة وان تحكم ثورته. ولكنكم أثرتم البعد عنه وتركه قائما وحيدا يتلقى بصدره النار والرصاص والغاز، واثرتم التمسك بتلابيب مجلس لا سلطة له ولا قدرة على محاسبة العسكر ، أو سحب الثقة من وزير فرط في مسئولياته ، أو كسر هذا الرباط غير المقدس بين الداخلية والبلطجية. وحاولتم ان تلقموه لجنة لتقصي الحقائق ، فالقمها هو الحجر! هل منتهى الثورة الان في اللجان أو ان تملؤا كرسي فتحي سرور او ان تحتلوا وباقي النواب مقاعد الحزب الوطني البائد وتحولوه جميعا الى برلمان "فلول الثورة" بعد ان ابتلينا بفلول الوطني؟! لقد سالت دماء وانتهكت اعراض ويعلم الله عمق والم هذا الجرح ، فلعل هذه المسحولة المنتهكة ظلما وتجبرا ابنتي أو اختي وهي كذلك على أي حال. ولن تقر لنا عينا حتى ترضى. واعذروني ان هذا ليس حديث سياسة أو حسابات ، وارجو ان تصبروا معي لأنه حديث أمانة ومبادئ ومواقف اقدم به لنفسي ولكم بين يدي الله القدير راجيا ان يعيننا ويقدرنا على ما يحب وعلى ما فيه الخير لمصرنا الحبيبة وأبنائها الكرام. لقد انتخبكم المصريون بعد حين من البأس الشديد والقهر وضياع الامل ، وهنا الامانة ومشاق تحملها وعدم اهدارها (بالحرص الشديد عليها فتضيع ، أو بعدم اداء واجباتها والتفريط في مسئولياتها) دون اعتبار لسياسة او لحسابات مصالح . فان احسنتم نلتم رضاء الله عز وجل وثقة الشعب فيكم وان اسأتم – لا قدر الله – فستذبل هذه الروح التي تسري في الامة وتكونوا قد نقضتم عهد الامام الشهيد الذي اراداكم ان تكونوا "رهبان الليل وفرسان النهار" فانقلبتم بمن عده يهتف ضدكم حتى ولو بعض الشعب "الجدع جدع والاخوان اخوان." فتعلموا الدرس الاول واعلموا ان الشعب لن يرحم من لم يحفظ امانته. وبعد ، فانتم الان تمثلون الشعب بأكثريتكم ، وان شئتم الحكومة لو اقتحمتم العقبة ولكنكم لستم أهل ثورة ، وبيدكم سلطة البرلمان التي هي سلطة الشعب ، ولذا انتم مطالبون اكثر من أي طرف اخر ان تكبحوا الدماء وان تحفظوا الاعراض ، وان تقفوا مع المنادين بالتعجيل بانتقال ادارة شئون البلاد الى سلطة مدنية . لا تخاطروا بالوقت رجاء ، فكل شهر بل كل يوم يمر تزهق فيه ارواح طاهرة زكية دون وجه حق . وتجاوزت الامور منطق ان "الشهور محصلة بعضها وان ستة من خمسة اشهر مش حتفرق" . لا والله العظيم ، فلو اختصرت الستة اشهر الى خمسة أو اربعة فهذا مغنم كاف وعتق لرقابنا جميعا حتى لو ادى هذا الى حقن دم مصري واحد . حقن الدماء بات لا يحصى بالشهور وانما بالدقائق والثواني . وكلنا محاسبون . فالوقت الان اصبح يعنى دماء وضحايا وأمهات ثكالى وزوجات ارامل واطفال يتامى ، بيننا وبينهم رب حسيب عادل. وادعو الله ان يغفر لنا فيما قصرنا فيه. والوقت يعنى ايضا قرارات سليمة ينبغي اتخاذها حتى تنجو هذه السفينة بسلام . تعلمون اكثر مني أن القيادة مواقف وليست حسابات فقط . وهذا ما ادعوكم اليه ...ان تقودوا هذا الشعب الطيب بمواقفكم وبما افاء عليكم الشعب من اصواته وثقته وان تلبوا دعوة الله "اذهبا الى فرعون انه طغي" ولقد جربتم اللين وكسب الوقت مع فراعين المجلس فازهقوا الارواح وذبحوا ابناءنا واستحيوا نساءنا وابتلينا بهم بلاء عظيما. ادعوكم ان تقفوا الى جوار الشعب والى جوار الله وان تطالبوا المجلس بثلاثة مطالب فورية ، والا الحشد حتى يرضخ . ولقد جربتم الحشد في 18 نوفمبر الماضي ورضخ ، وارضيتم الله والشعب: 1. التعجيل بالانتخابات الرئاسية وفتح باب الترشح فور الانتهاء من انتخابات مجلس الشورى في 28 فبراير ، واجراء الانتخابات في 30 ابريل على الاكثر ، مع الاصرار على اعلان المجلس العسكر خلال ايام قليلة لجدول زمني مفصل للانتخابات الرئاسية بكافة مراحلها. ودعوا ابناء الجماعة يختارون من يرضون هم عنه لرئاسة البلاد. 2. الدستور بعد الرئيس ، رأفة بنا من الاعيب العسكري ، وهذا مطلب بديهي أجمع عليه الشعب ، كي لا ُيكتب دستور الامة في ظل سلطة عسكرية ثبت تلاعبها وسوء نواياها. 3. محاكمات ثورية فورية بتشريع من مجلس الشعب ، والذي لكم فيه الاكثرية ، تحقق القصاص الثوري العاجل وليس القصاص الاجرائي البطيء . وان تباشر على الفور محاكمة مبارك واعوانه بتهمة الخيانة العظمى وافساد الحياة السياسة وقتل ابناء الشعب والتربح وتبديد ثروات البلاد. وان تقوم بعقاب المسئولين عن التجاوزات التي وقعت منذ 11 فبراير الماضي من قنص وقتل وفقأ للعيون وسحل وتكسير للعظام وانتهاك للأعراض وانتهاك لحقوق هذا الشعب الطيب والتبول عليه، والتحقيق في احداث مجزرة بورسعيد والحكم على المسئولين عنها خلال أسبوع على الاكثر. وأعلموا ان العدل وتطهير المؤسسات من داخلية وجهاز امن واعلام ومؤسسات دولة لن يأتي الا بعد ان تمكن الثورة وتحكم ، والشعب يريد ان ُتمكّن هذه الثورة وتحكم. فدوروا مع الحق والعدل اينما كان. فهذه هي القومة الصحيحة التي تبرأ الذمة وتنجي الامة