تفيد الدراسات المتخصصة في علم الاحتماع السياسي، أن الجمهور لا يتحمّس لمساندة أي تيّار إلا إذا تحقق شرطان: 1. أن يفهم الجمهور مقاصد التيّار وأهدافه. 2. أن يجد الجمهور لدى التيار حلاً لمشاكله الحقيقية التي يعاني منها . لذا، على التيار الإسلامي أن يعرض نفسه على الجمهور في صورة واضحة ومفهومة وميسّرة، وعليه من جانب آخر أن يحدد بعلميّة وموضوعية مشاكل الجمهور، ويطرح الحلول لها، ويقوم بتعبئة الجمهور وتحريكه لصالح الحلول التي يطرحها. وضوح صورة التيّار الإسلامي في عقل الجمهور أمرٌ في غاية الأهمية، ونقصد بوضوح الصورة أن يتأكد التيار الإسلامي من أن الجمهور قد فهمه أي عرف ما يريد وإلام يهدف، إن أي خلل في الصورة التي تترسب في لا شعور الجمهور من شأنه أن يعيق العمل الإسلامي لفترة طويلة من الزمن. لذا، كان من الضروري –بدون كلل أو ملل- توضيح المقاصد التي يروم تحقيقها التيار الإسلامي، لابد من توضيح تلك المقاصد وتحديدها واختصارها عبر كل الأنشطة الإعلامية للتيار، ويجب أن تكون عملية التوضيح بسيطة ومباشرة، وبأسلوب لا نفرة فيه ولا غلظة . ولأنّ أعداء الأسلام يدركون خطورة هذا الأمر – أي وضوح صورة التيّار الإسلامي في عقل الجمهور – لذا فإنهم يتهافتون على تشويه صورة التيّار الإسلامي ومحاولة محاصرته في زاوية حادة من التّهم والتفيقات والدعايات المغرضة. ولذا يجب أن يحرص التيّار الإسلامي على أن يرسّخ في لا شعور الجمهور أنه تيّار خرج من عموم الناس وأنه تيار في خدمة عموم الناس، فإذا نجح في ذلك – وليس هذا النجاح بالأمر الهيّن – فإن كل فنون الدعايات التي يحرّكها الشيوعيون أعداء الشعوب الإسلامية ومن لفّ لفّهم سوف ترتد إلى نحور أصحابها . وحتى تكون صورة التيار الإسلامي واضحة ومفهومة لدى الجمهور، يجب أن تكون القضايا التي يتصدّرها التيار الإسلامي قضايا "مفهومة وواضحة ومعاصرة"، من هنا كان لزاماً على التيار الإسلامي أن يتحاشى الغرق في خلافات فقهية لقضايا عفا عليها الزمن ولا علاقة لها بشأن الناس. ومن هنا كان لزاماً الإبتعاد عن فخاخ الجدل حول التاريخ الإسلامي، والإنتقال من العقلية الماضوية التي تحوم حول الماضي، إلى العقلية المستقبلية التي تشرئب للمستقبل، حتي يدرك الجمهور أن الإسلام هو مشروع نهوض للمستقبل القريب والبعيد. هذه الصورة الحيوية الدينامية التي من الفروض أن يجسدها التيار الإسلامي، يجب ترسيخها في لا شعور الجمهور عبر الأقنية المتعددة. وإذا كان التيّار الإسلامي يريد من الجمهور أن يسانده، فعليه أولاً أن يبادر إلى إحتضان قضية الجمهور، لذا كان لزاماً على التيّار الإسلامي أن يباشر بالمهمة الصعبة، ألا وهي: التحديد العلمي والموضوعي لمشاكل الجمهور، وطرح الحلول العلمية والموضوعية لها، وتعبئة الجمهور لصالح تلك الحلول. وقد تكون قضية الجمهور تتعلق بالخدمات المباشرة مثل: التموين أو المواصلات أو المدارس أو المستوصفات وغير ذلك، فلا يحقرن العمل الإسلامي هذه الهموم اليومية لأنها في معظم الأحوال هي مفاتيح الدخول للجمهور والتأثير فيه.