د.مازن النجار \n\n يحتفل العالم في الرابع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني، من كل عام، باليوم العالمي لمرض البول السكري، وهو مناسبة سنوية تمثل فعلياً الحملة العالمية الرئيسية لمكافحة هذا الوباء، ولفت الأنظار إلى مخاطره المتفاقمة، والتصدي لتحدياته كوباء على النطاق العالمي.\nبدأ المجتمع الدولي الاحتفال بهذا اليوم في عام 1991 بمبادرة من الاتحاد العالمي لمرض السكري (IDF)، وهو أكبر منظمة علمية في العالم في هذا المجال، ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، التابعة لهيئة الأممالمتحدة، استجابة للتصاعد المذهل بمستويات الإصابة بالمرض بأنحاء العالم. في 2007 بدأت الأممالمتحدة تحتفل به بعد تصويت الجمعية العمومية إيجاباً في أواخر 2006، على اتخاذه يوماً رسمياً عالمياً للصحة.\nقدرت منظمة الصحة العالمية عدد مرضى السكري عالمياً 180 مليوناً في 2005، ويتوقع أن يتضاعف قبل حلول 2030 إذا لم يحدث تدخل وقائي فعّال. وتحدث 80 بالمائة من الوفيات الناجمة عن هذا المرض في البلاد ذات الدخل المنخفض أو المتوسط، مما يشير إلى العلاقة بين تفاقمه أو مضاعفاته من ناحية وبين الحالة الاجتماعية الاقتصادية للفرد والمجتمع أيضاً.\nتتناول الحملة العالمية لهذا اليوم موضوعاً رئيسياً جديداً يختاره سنوياً الاتحاد العالمي للسكري، بحيث يعالج قضايا تشغل الأوساط العالمية المهتمة بالمرض. \nموضوعات ذات أهمية\nوبينما يستمر الاهتمام بالموضوع الجديد لعام كامل، يُحتفل باليوم العالمي للسكري في نفس اليوم الذي يوافق ذكرى ميلاد العالم فردريك بانتنغ، الذي ساهم بمشاركة تشارلز بيست، بأفكار وأبحاث أدت لاكتشاف الإنسولين في 1922.\nتعالج الموضوعات التي تم اختيارها منذ بدء الاحتفال بهذا اليوم أموراً ذات صلة بمرض السكري، كعلاقته بحقوق الإنسان، ودور نمط المعيشة في الإصابة بالمرض ومضاعفاته، وتكاليف المرض فيما يتعلق بخطط التنمية وأعباء نظام الرعاية الصحية والفرص الضائعة.\nفمثلاً كانت الموضوعات الرئيسة المطروحة في 2004 \"السكري والبدانة\"، وفي 2005 \"السكري والعناية بقدم المريض\"، وفي 2006 \"السكري بمناطق العالم المهمشة والهشة.\nفي عامي 2007 و2008، الموضوع الرئيس للحملة: \"سكري الأطفال والمراهقين\". فهو أحد أكثر أمراض الطفولة المزمنة شيوعاً، حيث يزداد النوع الأول للسكري (المعتمد على هرمون الإنسولين) بين الأطفال والمراهقين بثلاث بالمائة سنوياً، وبخمس بالمائة بين الأطفال دون سن المدرسة.\nوالمعلوم أن هذا النوع الأول يصيب الأطفال الصغار بسبب الوراثة أو عوامل أخرى، وهو الأشد شراسة، حيث يتعطل البنكرياس تماماً عن إنتاج هرمون الإنسولين اللازم لمعالجة سكر الدم، بحيث يزود الجسم بالطاقة أو يتم تخزينه في صورة غلايكوجين. لذلك، يحتاج المريض إلى تزويده بالإنسولين بواسطة الحقن تحت الجلد أو مضخة إنسولين تثبت بشكل مستمر، ويعرف بالنوع المعتمد على الإنسولين.\nتفاقم المرض بين الأطفال\nويقدر أن 70 ألف طفل دون 15 عاماً يصابون بالنوع الأول سنوياً، أي حوالي 200 طفل يومياً، ونحو 440 ألف مصابون عالمياً بالمرض الآن.\nأما النوع الثاني للسكري (غير المعتمد على الإنسولين ويعتبر مرض الراشدين فقط)، فقد أصبحت حالاته تنمو بين الأطفال بمستويات مقلقة. وهذا النوع يصيب عادة الراشدين في مرحلة متقدمة من العمر، بسبب نمط المعيشة والتغذية غير الصحي وضغوط الحياة والإجهاد الشديد. ويعتبر هذا النوع من أمراض الجهاز المناعي؛ فالبنكرياس قد لا ينتج ما يكفي من هرمون الإنسولين أو ينتج الكفاية لكن لسبب مناعي لا يستفيد منه الجسم.\nيستهدف الاتحاد العالمي للسكري باختيار حالات مرض السكري لدى الأطفال والمراهقين، موضوعاً رئيساً لهذه الحملة لعامين متتاليين، زيادة الوعي به بين الوالدين والمعنيين بالمرضى والمدرسين والأوساط الطبية والسياسية والجمهور.\nيحتفل بهذا اليوم عالمياً فوق مائتي منظمة (أعضاء بالاتحاد العالمي)، ينتمون لحوالي 160 دولة كلها أعضاء بالأممالمتحدة، ومنظمات حكومية وغير حكومية وشركات وذوي المهن طبية ومرضى بالسكري وأسرهم. في مختلف أرجاء العالم، تقوم هذه الأطراف وغيرها معنية بالسكري أيضاً بتنظيم برامج مكثفة ومفصلة، بحيث تلائم مختلف الجماعات احتفالاً بهذا اليوم.\nحملات ونشاطات وفعاليات\nتضم الأنشطة التي تنظم سنوياً برامج بالإذاعة والتلفزة، واحتفالات رياضية، وفحوصات مجانية جماعية لأفراد الجمهور لاكتشاف المرض أو تشخيص مضاعفاته. ويضاف لذلك أيضاً لقاءات تثقيف للجمهور، وتوزيع الملصقات (البوسترات) والمنشورات المحتوية على معلومات ونصائح طبية، وورش عمل ومعارض لاطلاع المرضى وأسرهم على أفضل سبل الوقاية والرعاية، ومؤتمرات صحفية، ومقالات وتقارير صحافية، ومناسبات فنية وتربوية للأطفال والمراهقين، وحفلات يخصص ريعها للعناية بفقراء المرضى، وإضاءة المشاهد والميادين، وتشكيل حلقات بشرية بالملابس والبيارق الزرقاء، والدعوة لمسيرات عدواً أو مشياً على الأقدام، وسباق دراجات هوائية.\nشعار اليوم العالمي لمرض البول السكري حلقة زرقاء اللون مكتوب تحتها بمختلف اللغات: \"اليوم العالمي لمرض السكري\". تم تبني الشعار في السنة الماضية إيذاناً باحتفال الأممالمتحدة به يوماً عالمياً رسمياً للصحة وللمرة الأولى. إجمالاً، ترمز الحلقة للحياة والصحة، ولونها الأزرق يعكس لون السماء التي توحد كل الأمم ولون راية الأممالمتحدة أيضاً. يمثل الشعار -على وجه الإجمال- وحدة الأوساط العالمية المناهضة للسكري لمواجهة هذا الوباء.\nيذكر أن مرض البول السكري يتمثل بارتفاع سكر الدم لمستويات غير طبيعية، ويصاحبه شعور بالجوع والعطش، وإنهاك القوى وافتقاد الطاقة، وتلف أعصاب القدمين، وجفاف الفم والحلق وكثرة التبول خصوصاً بالليل، وانخفاض وزن مفاجئ، وصعوبة إيقاف النزيف لعدم تجلط الدم. ومن مضاعفات إهماله تلف شبكية العين وفقد البصر والفشل الكلوي وزيادة مخاطر أمراض القلب والشرايين وبتر الأطراف، والعجز الجنسي.