د.مازن النجار \n\n أعلن فريق بحث في علوم النبات والهندسة الوراثية من مركز جون إينيس البريطاني لأبحاث الوراثة مؤخراً عن تطوير ثمار طماطم ذات لون بنفسجي، وهي معدلة وراثياً، بحيث تحتوي على مواد غذائية تتوافر بشكل أكبر في ثمار التوت الداكنة، التي وجدوا أنها تساعد على منع الإصابة بالسرطان لدى الفئران.\nنشرت حصيلة هذا التطوير مؤخراً في دورية \"بيوتكنولوجي\"، المتخصصة بشؤون التقنيات الحيوية، وتصدرها مجلة \"نيتشر\" العلمية البريطانية واسعة الانتشار. تدعم حصيلة هذه الأبحاث نظرية أن النباتات يمكن تعديلها وراثياً بحيث تكتسب خصائص وقائية أو علاجية، بما يخدم الصحة البشرية.\nقام الباحثون بإنتاج فئران مختبر محورة وراثياً بحيث تكون معرّضة للإصابة بالسرطان؛ ثم قسّموا هذه الفئران إلى مجموعتين. تلقت المجموعة الأولى غذاء من ثمار هذه الطماطم المعدلة وراثياً، بينما تلقت المجموعة الثانية غذاء عادياً لا يشتمل على الطماطم المعدلة وراثياً.\nوجد الباحثون أن المجموعة الأولى من الفئران قد عاشت لفترات أطول كثيراً من فئران المجموعة الثانية. بل إن التأثير الذي حققته الطماطم المعدلة وراثياً كان أبعد مما كان متوقعاً في بداية التجربة، بحسب بعض الباحثين بالمركز الذي يتلقى تمويلاً لأبحاثه من الحكومة البريطانية. \nاستحثاث مضادات الأكسدة\nوكان العلماء في هذه الدراسة قد اهتموا بأحد مضادات الأكسدة الموجود في ثمار التوت الداكنة، ويسمى \"الإنثوسيانين\"؛ الذي خلصوا إلى قدرته على خفض مخاطر الإصابة بالسرطان وأمراض القلب والجهاز العصبي.\nوكان الباحثون قد وجدوا لدى استخدام مورثات (جينات) تساعد على تلوين زهرة نبات أنف العجل، أنه بالإمكان استحثاث نبات الطماطم على تكوين مادة الإنثوسيانين المضادة للأكسدة، وخلال هذه العملية تكتسب ثمار الطماطم لونها البنفسجي الجديد.\nوكان متوسط فترة حياة فئران المجموعة الأولى (المغذاة بالطماطم المعدلة وراثياً) قد بلغ 182 يوماً مقابل متوسط حياة بلغ 142 يوماً بالنسبة لفئران المجموعة الثانية التي تلقت تغذية تقليدية.\nيعتبر الباحثون هذه النتائج مشجعة جداً باتجاه دعم التفكير القائل بأن تغيير نمط التغذية المعتاد بشكل إجمالي أو بعض عناصره يمثل مدخلاً جيداً للوصول إلى صحة حسنة سواء للحيوان أو الإنسان.\nورغم أنه من المبكر تماماً اختبار هذه الثمار المعدلة وراثياً لغرض علاجي، إلا أن هناك سبل يمكن بها الاستفادة من نتائج هذا الاكتشاف، حيث ستكون الدراسة القادمة مركزة على فهم تأثير مضادات الأكسدة على الأورام الخبيثة وآليات استجاباتها بقصد تحسين أداء هذه المضادات.\nبيض الدجاج المعدل وراثيا يقاوم سرطان البشر\nوكان علماء اسكتلنديون قد قاموا بتطوير نماذج لدجاجات معدلة وراثياً، بحيث تنتج بدورها بيضاً يحتوي على بروتينات تستطيع مقاومة السرطانات البشرية وأمراض أخرى. ويعتقد أن هذا التطوير سيجعل إنتاج فئات جديدة من الأدوية الفاعلة أسهل وأرخص. فهذه الدجاجات المعدلة وراثياً تنتج بروتينات لها إمكانات واعدة في علاج التهاب المفاصل والتصلب المتعدد وسرطان الجلد الخبيث.\nأجرى هذا البحث فريق من علماء معهد روسلين باسكتلندا بقيادة الدكتورة هيلين سانغ، وهو نفس المعهد الذي نجح في استنساخ النعجة دولي قبل أعوام، ونشرت نتائج البحث بعدد يناير/كانون الثاني 2007 من دورية \"وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم\" بالولايات المتحدة، وعرضتها مديكال نيوزتوديه.\nإدخال الجينات للأجنة\nقام علماء معهد روسلين بهندسة جينية (وراثية) للدجاجات بواسطة إدخال جينات البروتينات المرغوبة في بروتين زلال البيض (ovalbumin). وقد اختاروا اثنين من البروتينات. أحدهما الإنترفيرون البشري (b-1a)، ويستخدم في علاج فئة من الأورام الخبيثة والالتهابات الفيروسية. والآخر هو (miR24)، وهو جسم مضاد (بروتيني) أحادي الاستنساخ، ويستخدم في علاج سرطان الجلد.\nبدأ الباحثون باستخدام فيروس لإدخال الحامض النووي (DNA) البروتيني إلى حامض نووي جنين الصوص (الكتكوت). ثم فقست الصيصان، فوجد الباحثون أن ذكورها تحمل ذلك الحامض النووي في السائل المنوي.\nثم قامت الذكور المعدلة وراثياً بتلقيح دجاجات طبيعية، وأنتجت دجاجات معدلة وراثياً تحمل الجينات الجديدة، وأنتجت الأخيرة بيضا يحتوي على البروتينات المرغوبة طبياً. وقد تم إنتاج حوالي 500 دجاجة معدلة وراثياً أو عبر أسلاف معدلة وراثياً، بهذه الطريقة.\nلقي هذا التطوير ترحيباً كبيراً من بعض المؤسسات الطبية المهتمة بأبحاث علاجات السرطان، باعتباره وسيلة لتسريع إنتاج علاجات جديدة متاحة وخفض تكاليفها.\nمصانع حيوية\nوكانت د. هيلين سانغ قد بدأت العمل على هذا المشروع منذ 15 عاماً. وقد يستغرق الأمر 15 عاما أخرى قبل أن تتاح العلاجات المنشودة من هذا البحث، نظراً لطول دورة تطوير مثل هذه العلاجات المبتكرة. وينبغي أولاً تأمين براءة الاختراع، وذلك يستغرق بدوره حوالي 5 سنوات، ثم تطوير العلاج وإقراره من الدوائر الرسمية يأخذ 10 سنوات أخرى.\nوالفكرة هي إنتاج علاجات بروتينية الأساس عبر أسراب من الطيور، يتم تربيتها ك\"مصانع حيوية\"، بنفس الطريقة التي تنتج بها الدجاجات بيضاً طبيعياً. وسيتم تجميع البروتينات المرغوبة مباشرة من بياض البيض.\nالجدير بالذكر أن استخدام كائنات عضوية حية لإنتاج أدوية لعلاج البشر ليس أمراً جديداً. فالإنسولين المستخدم لعلاج مرضى البول السكري يتم إنتاجه بواسطة البكتيريا المعدلة وراثياً. وهناك بروتينات أخرى أكثر تركيباً يتم إنتاجها عبر ألبان الأغنام والماعز والأرانب.\nلكنها المرة الأولى التي يستخدم فيها الطيور، حيث يعتقد الباحثون أن هذا الأسلوب سيقود إلى إنتاج أرخص وأسرع للعلاجات بسبب قصر دورة حياة الدجاج والبيض.