وكنت قد التقيته للمرة الأولى في شهر يونيو 2007 بالعاصمة العراقية بغداد، حيث كان يعمل كمستشار بارز في مجال مكافحة الإرهاب للجنرال ديفيد بيتريوس، وساعد في صياغة الاستراتيجية التي ساهمت في تقليل معدل العنف بالعراق. \r\n وكان كيلكولين قد حدد سياق هذه الاستراتيجية لي، وأوضح نقاطه برسم مخطط بياني على لوحة بيضاء. وقد نجح كل جزء في مخططه بمرور الوقت، كما كان يتصور بالضبط (وكان عنصر زيادة عدد القوات الأميركية المنتشرة في العراق الشهير مجرد أداة بسيطة من أدوات هذه الاستراتيجية). لذا، فقد اعتقدت بأن هذا هو الوقت المناسب للاتصال به هاتفياً وسؤاله عن الاستراتيجية المستقبلية في أفغانستان. وقد اتضح بسرعة أن الفوضى الجارية في أفغانستان جعلت الوضع في العراق (حتى في ظل أسوأ الظروف) يبدو أكثر بساطة. \r\n وقد ورث أوباما فوضى مزعجة من إدارة الرئيس بوش. وبعد سبع سنوات من غزو الولاياتالمتحدةلأفغانستان في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، والإطاحة بالنظام الذي استضاف أسامة بن لادن بنجاح، اتضح أن الانتصار الذي حققناه في أفغانستان كان مشتتاً. وبينما ركز فريق بوش على العراق، سجلت حركة طالبان عودة قوية في أفغانستان، وأقامت على طول الحدود الأفغانية مع باكستان معقلاً قوياً. ويمكن القول بأن 70% من الأراضي الأفغانية أصبحت تحت سيطرة حركة طالبان ولا تخضع لسيطرة قوات الأمن الأفغانية. وتجدر الإشارة إلى أن قوات حلف الناتو في أفغانستان محدودة، ومتضاربة جداً بشأن مهمتها؛ وهو ما لا يؤهلها لوقف توسع حركة طالبان. \r\n لذا، أجرى أوباما سلسلة من المراجعات الاستراتيجية الكبرى التي تهدف إلى استحداث مقاربة جديدة في التعامل مع أفغانستانوباكستان قبل قمة حلف الناتو الحاسمة المزمع انعقادها في بداية شهر أبريل. وكان كيلكولين، الذي يعمل حالياً كزميل في مركز الأمن الأميركي الجديد قد عمل في إجراء مراجعة استراتيجية كاملة تحت قيادة الجنرال بيتريوس. وسوف آخذكم الآن إلى ملاحظاته الأساسية. \r\n (1) نعم، نحن نحتاج إلى أن نكون في أفغانستان، حتى وإن كان الأميركيون قلقين بشأن التكلفة في الأرواح والأموال. ولا يمكننا أن نتحمل أن نترك أفغانستان لكي تصبح معقلاً آخراً تديره حركة طالبان لتنظيم القاعدة، وهو ما قد يؤدي إلى اندلاع هجوم على غرار هجمات الحادي عشر من سبتمبر. \r\n (2) نعم، المشكلة الأكبر تكمن في المنطقة الواقعة على طول الحدود في المناطق القبلية الباكستانية، حيث ينشط قادة تنظيم القاعدة. وقال كيلكولين: \"لقد ركزنا على أفغانستان لأننا نمتلك قوات هناك. ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في باكستان، والتهديد الحقيقي يتمثل في إمكانية سقوط دولة يبلغ تعداد سكانها 173 مليون نسمة وتمتلك 100 رأس نووية وجيش أكبر من الجيش الأميركي، وحيث ينتظر أسامة بن لادن في مخابئ متاخمة لوضع أياديه على هذه القنابل النووية. \r\n لذا، فإن أي استراتيجية لأفغانستان يجب أن تركز على المنطقة بأكملها. ويجب أن تشتمل هذه الاستراتيجية على دبلوماسية محاولة تقوية باكستان وتحويل انتباه قادتها من الهند إلى التهديد الإرهابي الداخلي لبقائها. ولكن في نفس الوقت، هناك شيء يجب أن يتم فعله لمنع سقوط أجزاء إضافية من أفغانستان في يد حركة طالبان، وهو ما قد يزيد قدرتها على تهديد باكستان، الدولة المتاخمة لأفغانستان. \r\n (3) نعم، الأعداد الإضافية من القوات الأميركية ليست كافية بالمرة. لذا فإن المهام التي كلفت بها هذه القوات الجديدة تصبح حاسمة بشكل أكبر. وبكلمات أخرى، فإن هذه الاستراتيجية تبدو حمقاء (حسبما أرى أنا، وليس حسبما يرى كيلكولين). وعلى الرغم من وجود العديد من الاختلافات في الظروف السائدة داخل أفغانستان عن العراق، فإن هناك وجها أساسيا للشبه بين البلدين: ويجب أن نركز على حماية الشعب الأفغاني من مضايقات حركة طالبان مع مساعدتهم على تطوير قواتهم الأمنية وتحسين مستويات معيشتهم. \r\n وبدلاً من فعل ذلك، كنا نطارد قوة طالبان الأساسية في المناطق الريفية، بينما كانت خلايا حركة طالبان السرية تضايق السكان في الأماكن التي يعيشون بها\". وواصل كيلكولين حديثه بقوله: \"من أجل استخدام القوات الجديدة بفعالية، نحتاج إلى تغيير تركيزنا، والأمر الأساسي الذي نحتاجه في أفغانستان هو تخصيص وتوزيع المساعدات بشكل عادل. ونحن نحتاج إلى حساب أماكن إقامة الأعداد الكبيرة من السكان وكيفية تأمين المراكز السكانية الكبرى، ليس فقط المدن، ولكن القرى الكبرى\". \r\n ويجب أن تكون القوات الأميركية على تواصل مع المجتمع، وأن تعمل إلى جانب (تدريب المزيد من قوات الجيش والشرطة الأفغانية) على دعم المسئولين المحليين وتأمين تقديم الخدمات. وفي المناطق التي تتعرض لتهديدات حركة طالبان، والتي لا يمكننا أن نرسل القوات الأميركية إليها، يجب \"أن نضع قوات خاصة في شراكة مع جماعات المراقبة الإقليمية المحلية. وأضاف كيلكولين بأن تركيبة القبائل الأفغانية مختلفة إلى حد كبير وأقل هرمية عما هو الحال في العراق، وأن هذه التركيبات تفككت خلال الحرب، لذا فإننا لا يمكننا أن نعتمد على القبائل كميليشيات. ويضيف كيلكولين بأننا يجب أن نستخدم القوات المحلية اعتماداً على الأحياء وليس على القبائل للدفاع عن القرى، وتوفير خدمة الدفاع الذاتي عن السكان بشراكة معنا ومع الحكومة الأفغانية\". وبأسلوب آخر، يجب أن نساعد الأفغان على مساعدة أنفسهم. وكما هو الحال في العراق، حماية \"مواقع النفط\" في أفغانستان إلى أن يشعر السكان بالأمان. وبعد ذلك، يجب أن نوسع الأمن إلى الخارج من هناك. \r\n (4) نعم، ليس هناك حل عسكري خالص لمشكلة أفغانستان. ويحتاج الأفغان إلى مؤسسات تمدهم بالضروريات الأساسية للمعيشة، ولكن الحكومة المركزية الفاسدة لا تبدو قادرة على توفير هذه المؤسسات. لذا، فإن الجهود الأميركية في مشاريع إعادة الإعمار يجب أن تكون محلية. ونحن نركز على بناء مؤسسات وطنية في كابول، بينما تركز حركة طالبان على فرض سيطرتها على المستوى المحلي. \r\n وباختصار، يقول كيلكولين بأننا يجب أن نمنع طالبان من السيطرة على الأفغان، ويجب أن نحميهم ونبني المؤسسات لهم على أن نسلمها في النهاية إليهم. وبالنظر إلى معرفته السابقة بالعراق، تستحق أفكار كيلكولين بخصوص أفغانستان كل الاهتمام. \r\n \r\n ترودي روبين \r\n كاتبة عمود وعضوة لجنة التحرير في صحيفة فيلادلفيا إنكويرر. \r\n خدمة انترناشيونال هيرالد تريبيون، خاص ب (الوطن)