ثم، بدءا من أواخر السبعينيات من القرن الماضي، اكتسحت الموجات الديمقراطية هذه الأنظمة العسكرية. ولكن تلك لم تكن القصة كلها. فالشعبوية - والتي فيها الجماهير هي المستفيدة من سياسات الحكومة - تركت أثرا عميقا على الثقافة السياسية في المنطقة. وفتح قادة مثل خوان دومينجو بيرون وجيتوليو فارجاس السياسة في الأرجنتين والبرازيل لتشمل العمال وتحسن من حياتهم. وبهذا المعنى، أدت شعبوية الجيل الأول مبدئيا أداءً حسنا في أميركا اللاتينية. \r\n على أنه في النهاية، فشلت الشعبوية المبكرة. وتفاوتت الأسباب، ولكن التعصب وضيق الفكر أضر بها. فقد قدس الشعبويون الشعبوية بينما احتقروا المواطنين؛ فالأولون اعتمدوا على القيادة، والآخرون مارسوا حقوقهم على نحو مستقل. إن شعار \" أنا أعلم أفضل \" - وهو شعار الزعيم الشعبوي - لم يبال بالفصل بين السلطات. ونُظر إلى الشعبوية شذرا في الأسواق، ولم تستطع الأرباح - وهو أمر لا دهشة فيه - أن تديم النمو الاقتصادي. وتضع أجندة هذا العام الانتخابية الجولة الحالية من الشعبوية في المقدمة والوسط. \r\n ففي الخامس والعشرين من يناير، ذهب البوليفيون إلى صناديق الاقتراع ووافقوا على دستور جديد. \r\n ويوم الأحد الماضي، عقد حزب \" تحالف الشعب \" - وهو حزب رئيس الإكوادور رفاييل كوريا - مؤتمرا أوليا رشح فيه الرئيس ونائبه للانتخابات العامة التي تجرى في التاسع والعشرين من أبريل القادم. \r\n وفي الخامس عشر من فبراير القادم، تجري فنزويلا استفتاء ذا شرعية مشكوك فيها على إعادة الانتخاب إلى أجل غير مسمى للرئيس هوجو شافيز وكل المسئولين المُنتخبين. \r\n ولدى رئيس بوليفيا إيفو موراليس الآن الدستور الذي أراده هو و60 % من البوليفيين. وحتى ذاك، لن يكون الدستور مفعلا حتى تسن الهيئة التشريعية أكثر من 100 قانون تنفيذي. وسيتعين على الكونجرس البوليفي الحالي تمرير بعض من هذه القوانين وكذلك إصلاح تشريع انتخابي في الوقت المناسب من أجل سباقات الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي تجرى في ديسمبر. وتسيطر المعارضة على مجلس الشيوخ البوليفي، على الرغم من أنه منقسم الآن وربما غير قادر على اعتراض طريق التشريع اللازم. \r\n وعلاوة على ذلك، فإن الدستور الجديد لن يمنع الصراع بين الأقاليم الشرقية والعاصمة لا باز. ففي الشرق، رفض الناخبون إلى حد كبير الميثاق كما صوتوا في العام الماضي لصالح حكم ذاتي إقليمي في استفتاءات اُعتبرت غير قانونية من قبل الحكومة في لا باز. وإذا تحول العصيان المدني في هذه الأقاليم مرة أخرى إلى العنف كما حدث في شهر سبتمبر، فإن بوليفيا يمكن أن تدخل في منعطف غير سار. \r\n وفي الأكوادور، تحول مؤتمر حزب \" تحالف الشعب \" الانتخابي - المفتوح لكل المواطنين - تحول إلى تشكيل معضلة. فقد ندد الأعضاء العاديون في حزب \" تحالف الشعب \" بسوء التنظيم، بما في ذلك أوراق الاقتراع غير الكافية أو الناقصة، وفي حالات قليلة، بتعليق التصويت. وقال كوريا إنه إذا كانت هذه المشاكل قد غيرت النتيجة، فإن المؤتمر الانتخابي سيعاد. وأضاف :\" هذه الحوادث نعمة مقنعة لأنها تساعدنا في تطهير صفوفنا\"، بينما قال إن أولئك الذين داخل حزب \" تحالف الشعب \" والذين زعموا بوجود غش وتلاعب هم \" صبيان وغير ناضجين وسخفاء وبدائيون\". \r\n وفي فنزويلا، تعطي استطلاعات الرأي كلمة \" لا \" تفوقا بسيطا على كلمة \" نعم \"، ولكن شافيز متجه إلى أن يكون لديه حيل بين يديه. وهو يستحضر بالتأكيد شبح العنف. وقال لو أن \" المعارضة غير الوطنية \" فازت في الاستفتاء، ستكون هناك \" حرب \" وستخسر الجماهير كل ما تم كسبه في ظل \" الثورة \". وقد لجأ مندوبو حزب شافيز إلى لغة لافتة مواربة في طرح السؤال حول إعادة انتخاب الرئيس إلى ما لا نهاية. وشافيز لا يستطيع أن يخاطر بالوضوح، وخصوصا لأن الفنزويليين قالوا في الثاني من ديسمبر عام 2007، قالوا \" لا \" لسلطته الأبدية. \r\n إن الدساتير يجب أن تحد من السلطة. على أن هذه ليست هي وجهة نظر شافيز وموراليس وكوريا. فثلاثتهم يسعون إلى البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة مع مراجعات أقل وأقل لقراراتهم. وكل منهم في لحظة مختلفة في اتجاه الشعوبية المعاصرة. فبوليفيا والإكوادور في المراحل المبكرة من دستوريهما الجديدينِ. \r\n على أن شافيز يقترب من الذروة. إذا فاز في الخامس عشر من فبراير القادم، ما الذي سيفعله بشأن المعارضة؟ وهل سيطلق الجيش النيران على المتظاهرين؟ وإذا خسر، يمكن أن يستثير العنف الذي يتنبأ به الآن. \r\n إن القول بأن \" الديمقراطية هي نظام تخسر فيه الأحزاب الانتخابات \" هو إملاء لا يقبله الشعبويون الجدد لأنفسهم. \r\n \r\n ماريفلي بيريز ستابل \r\n نائب رئيس منظمة \" الحوار بين الأميركيين \" لشئون الحكم الديمقراطي القائمة في واشنطن، وأستاذ بجامعة فلوريدا الدولية وكاتب عمود في صحيفة \" ميامي هيرالد \" الأميركية. \r\n خدمة \" إم سي تي \" - خاص ب\" الوطن \" \r\n