يشير إلى أن بعضاً من زبنائه في الخارج أصبحوا يتأخرون في دفع مستحقاتهم، معبراً عن ذلك بقوله: ''نحن لا نفهم النظريات الكبرى، لكننا بالتأكيد نشعر بتأثير ما يجري في العالم من اضطرابات''. والحقيقة أن مخاوف البائع الصيني تتردد على ألسنة الكثير من المصدرين الصينيين، سواء الكبار منهم، أو الصغار، لاسيما بعد تراجع معدلات نمو الصادرات وتباطؤ الاقتصاد الصيني الذي يحتل المرتبة الرابعة عالمياً. هذه المخاوف تؤكدها الأرقام الرسمية التي صدرت يوم الإثنين الماضي وتوقعت تراجع المعدل العام للنمو الاقتصادي في الصين إلى 9% خلال الأشهر الثلاثة القادمة مسجلًا بذلك انخفاضاً واضحاً مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية. وكأن ذلك لا يكفي، تلاشت الآمال التي كانت معقودة على قدرة الاستهلاك الداخلي في حماية الاقتصاد من تأثير التباطؤ الدولي ولم يعد لها وجود لتتفاقم المخاوف أكثر في ظل تزامن الانخفاض الذي تشهده الصادرات الصينية مع انحدار السوق العقاري. \r\n \r\n ويصف ''أرثير كروبر'' الذي يرأس إحدى المؤسسات الاستشارية في بكين الوضع الاقتصادي الصيني قائلا: ''هناك امتصاص لجوانب الأزمة السلبية، لكن ربما لن يكون ذلك كافياً لاستيعاب جميع الآثار المضرة''. ويُعزى النمو الاقتصادي الذي حققته الصين في السنوات الأخيرة إلى ارتفاع الصادرات وإسهامها الكبير في تحريك عجلة الاقتصاد، حيث شكلت المبيعات الخارجية للصين ثلث الناتج المحلي الإجمالي، لذا تعتبر بوادر الركود التي بدأت تلقي بظلالها على الاقتصادين الأوروبي والأميركي، اللذين يشتريان معاً أكثر من نصف الصادرات الصينية، مصدراً حقيقياً ومشروعاً لقلق السلطات في بكين وتخوفهم من تراجع النمو وتأثيره على الاستقرار الداخلي. وفي هذا السياق أيضاً يتوقع ''بول كيفي''، المحلل المالي في أحد البنوك الأسترالية العاملة في بكين، أن ''يستقر نمو الصادرات الصينية عند الصفر خلال الأشهر القليلة المقبلة، وربما ينكمش''، أما النمو الذي بدا أنه تحقق بحلول يوم الإثنين الماضي، فيرجعه المراقبون إلى تذبذب سعر العملة ومعدل التضخم، ''ليبقى الخطر الحقيقي''. وسيكون هذا التراجع في حال تفاقمت حدته الأول من نوعه خلال العقد الأخير. فالملاحظ أن الصين بدأت تسجل تراجعاً في استثماراتها الهائلة الموجهة نحو تطوير البنية التحتية بعدما شهدت توسعاً كبيراً في العقد الأخير عبر بناء الطرق والسكك الحديدية ورفع القدرة الإنتاجية من الطاقة، ولا شك أن هذا التراجع في مجال تطوير البنية التحتية سيؤثر على مؤشرات نمو الاقتصاد الصيني لما يخلقه ذلك القطاع من طلب داخلي مهم على العمالة ومواد البناء. \r\n \r\n ولمواجهة احتمالات الركود الاقتصادي تعهدت الحكومة باتخاذ خطوات كفيلة بدعم الاقتصاد ووقف النزيف، وهو ما عبرت عنه وكالة الأنباء الرسمية التي أصدرت بياناً أعقب اجتماع الحكومة الصينية يوم الأحد الماضي جاء فيه: ''سيتم اتخاذ إجراءات مالية وائتمانية وتدابير تخص التجارة الخارجية، رداً على التراجع الملحوظ في النمو الاقتصادي''. وأضافت الوكالة أن ''اهتماماً خاصاً'' سيركز على تنشيط البنية التحتية وتشجيع البنوك على إقراض بعضها البعض، لكن في ظل المشاريع الإنشائية الكبرى التي أنجزتها الدولة في المرحلة السابقة، سيكون من الصعب على الحكومة الحفاظ على معدلات النمو المرتفعة التي سجلها الاقتصاد الصيني على امتداد السنوات الأخيرة. ولعل ما يزعج السلطات بشكل خاص هو التباطؤ الأخير الذي لوحظ في القطاع العقاري، لاسيما وأنه أحد الركائز الأساسية للاقتصاد الصيني وينعكس بشكل خاص على صناعات أخرى مثل الحديد والإسمنت، فضلاً عن الوظائف التي يوفرها للعمالة الصينية. ولا ننسى أيضاً أن قطاع العقارات والقطاعات المرتبطة به، تستأثر بنصف الحصة من إجمالي الاستثمارات الصينية، فضلا عن إسهامها بخمس نقاط من نسبة 11,9% التي سجلها النمو الاقتصادي في الصين خلال العام الماضي. \r\n \r\n لكن مع ذلك نجحت البنوك الصينية في تجنب الأزمة الائتمانية التي تواجهها نظيراتها الغربية ودفعتها إلى حافة الانهيار لولا التدخل الحكومي في أوروبا والولايات المتحدة. ويرجع السبب في ذلك إلى صغر حجم النظام المالي في الصين، وعدم لجوء الشركات الصينية إلى سوق الأسهم، أو الأوراق التجارية التي تصدرها الأسواق المالية لإنجاز معاملاتها اليومية، وتعتمد بدلا من ذلك على احتياطاتها من العملة، وهو ما يعني أن احتمالات تراجع عمليات الإقراض للشركات، أو فيما بين البنوك نفسها، تبقى ضعيفة، كما يعني أيضاً صمود الطلب الداخلي، باعتباره أحد دعائم النمو الاقتصادي، أمام تداعيات الأزمة العالمية لصالح الاقتصاد الوطني. \r\n \r\n بيتر فورد-الصين \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور \r\n \r\n