\r\n ومنذ اعادة احياء هذا البرنامج, بعد فوز ائتلاف 14 آذار الموالي للغرب في انتخابات عام ,2005 قدّمت ادارة بوش ما يساوي 400 مليون دولار تقريبا لبيروت في اطار تمويل عسكري اجنبي, ما وضع لبنان في المرتبة الثانية - بعد اسرائيل - من حيث نصيب الفرد من المساعدات الامريكية العسكرية. وفي حين تواصل واشنطن تأييدها ودعمها لحكومة بيروت, اذ طلبت الادارة تقديم مساعدة عسكرية للبنان بقيمة 60 مليون دولار لعام ,2009 فمن المرجح ان تحول المكتسبات السياسية التي احرزها حزب الله مؤخراً, والأسئلة التي تتردّد حول الاطاحة مستقبلا بالحكومة اللبنانية, دون توسيع الادارة للمطالب العسكرية اللبنانية كمّاً ونوعاً. \r\n \r\n لقد راجعت واشنطن علاقتها العسكرية, القائمة منذ زمن بعيد, مع القوات المسلحة اللبنانية, في أعقاب وصول حركة 14 آذار المناوئة لسورية الى السلطة, في عام .2005 ففي تلك السنة, اي بعد اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري, وخروج القوات السورية من الأراضي اللبنانية بعيد ذلك, ضاعفت الادارة برنامجها العسكري للبنان بشكل درامي. والهدف من ذلك اعادة بناء الجيش اللبناني الذي اصابه الوهن على مدى 30 عاما تقريبا من الاحتلال السوري, وعلى أمل ان يبسط السيطرة, يوما ما, في جميع أنحاء لبنان. وعلى المدى القريب, لم يُنظر الى القوات المسلحة اللبنانية كعامل موازن عسكري لقوة حزب الله الهائلة, بل ساد الاعتقاد بأنه بالمساعدة الامريكية قد يتمكن الجيش اللبناني من العمل كقوة محلية فعّالة في مكافحة الارهاب. \r\n \r\n الى هذا, قدّمت واشنطن مساعدة للجيش اللبناني بقيمة 400 مليون دولار في الفترة بين 2006 و ,2008 تشمل ما يزيد على 40 طائرة نقل من طراز 130-سي محمّلة بمواد عسكرية, ووصلت تلك الطائرات الى لبنان بعد أقلّ من اسبوع من اندلاع القتال بين الجيش وفتح الإسلام, المنتسبة الى القاعدة, في مخيم نهر البارد, في شهر أيار .2007 وحسب ما ذكرت وزارة الخارجية, فقد احتوت الشحنات على 10 ملايين رصاصة مذخّرة, \"واسلحة خط الجبهة الأمامية, من النوع الذي تستعمله القوات الامريكية حاليا, كالبنادق الهجومية وراجمات القنابل الاوتوماتيكية ونظم اسلحة القنص المتقدمة, والاسلحة المضادة للدبابات, واحدث الاسلحة المستعملة في ضرب المواقع المدينية المحصّنة تحت الارض\". اضافة الى ذلك, زودّت واشنطنبيروت بعشرات عربات \"الهامفي\", وقطع الغيار للمروحيات اللبنانية, وسيارات لاستعمال قوى الامن الداخلي اللبنانية. \r\n \r\n في مخيم نهر البارد, أبدى الجيش اللبناني قدراً هائلاً من الالتزام, ليس فقط من حيث انصياعه لأوامر الحكومة بدخول المخيم امام تهديدات حزب الله (يذكر هنا ان زعيم الحزب حسن نصر الله وصف دخول المخيم بأنه \"خط أحمر\"), وتابع واجباته بدأب على مدى ثلاثة اشهر من القتال, وتكبّد خسائر فادحة, ومع كل هذا, فما يؤسف له ان اداء الجيش اللبناني في المخيم كان احدى النقاط الساخنة, فبعد سنة على تلك الحملة العسكرية, لم يتخذ الجيش الا خطوات جريئة قليلة, وبدا غائبا في المبادرات المهمة. فعلى سبيل المثال, لم يُلاحق الجيش ملاحقة فعّالة اسلحة حزب الله, بالرغم من انتشار القوات اللبنانية في الجنوب اللبناني منذ انتهاء الحرب مع اسرائيل في عام 2006 (بموجب قرار مجلس الامن الدولي رقم 1701). وبيّنت الأممالمتحدة ان حزب الله اعاد تسليح ذاته بالكامل, ويبدو انه اعاد التمركز جنوب نهر الليطاني تحت مرأى الجيش اللبناني (وأعين القوات الدولية المؤقتة في لبنان - اليونيفيل). ولم تصدر اية تقارير, طوال العام الماضي, عن تدمير قوات الجيش اللبناني لأسلحة حزب الله ومخازنه. \r\n \r\n ولعلّ الأمر الاكثر سوءا من هذا الانتشار التجميلي (الشكلي) للجيش في مناطق حزب الله, يتمثل في أداء القوات المسلحة اللبنانية إبان احتلال المليشيات الشيعية لبيروت في أيار ,2008 وفي ذلك الشهر, اصدرت الحكومة اللبنانية الموالية للغرب قرارا بتنحية المسؤول الأمني الاول في الجيش اللبناني عن مطار بيروت, والحليف لحزب الله, وبتفكيك شبكة المراقبة هناك, فاحتج حزب الله على ذلك احتجاجا شديدا, مطالبا بالرجوع عن القرار, ولما رفضت الحكومة هذا الطلب, فجرّت المليشيات الأزمة في بيروت, وكان الجيش اللبناني غائبا تماما عن القيام بأي فعل في غضون تلك العملية, ولم يتخذ اي اجراء من شأنه حماية المؤسسات الوطنية, بل ان بعض التقارير اوحت بأن الجيش تصرّف بالتنسيق مع حزب الله خلال الهجوم. \r\n \r\n وتبقى قائمة مشاعر القلق حيال القضاء مستقبلا على \"حيادية\" القوات المسلحة اللبنانية كمؤسسة وطنية خاضعة لأمر الحكومة المركزية, ففي حرب عام ,2006 مثلاً, دمرّت اسرائيل عددا من محطات الرادار البحرية التابعة للجيش اللبناني, بعد أن أغرق صاروخ لحزب الله سفينة حربية اسرائيلية. فاستهدفت اسرائيل مرافق الجيش اللبناني بعد ان اكتشفت تواطؤ حزب الله مع الجيش, واستعمال الاول لرادارات الثاني في اقتفاء اثر السفينة الاسرائيلية. \r\n \r\n في الوقت الراهن, تدرس ادارة بوش صفقة كبيرة اخرى من التمويل العسكري الخارجي للقوات المسلحة اللبنانية لعام ,2009 ذُكر انها ستشمل مروحيات هجومية من طراز \"كوبرا\". ومن شأن \"الكوبرا\" ان ترفع سوية قدرات الجيش اللبناني (كما قيل ان اقلّ من عشر مروحيات كانت بحوزة لبنان حتى عام 2005), وأن تحسّن مقدرته على القيام بعمليات في مكافحة الارهاب, وخلال حملة مخيم نهر البارد, على سبيل المثال, اضطر الجيش الى ترقيع بعض مروحياته القديمة لقذف القنابل المستهدفة لمواقع فتح الاسلام المحصّنة. \r\n \r\n واذ لم يُعلن عن طلبية القوات المسلحة اللبنانية, لعام ,2009 فمن المرجح ان يكون الجيش اللبناني قد تقدّم من الادارة بطلب حتى المزيد من المعدات المتقدمة تقنياً. وعلى الرغم من السجل النظيف امنيا للقوات المسلحة اللبنانية, فيما يتعلق بالأسلحة المقدمة اليها من الولاياتالمتحدة, الاّ انه في حالة تغير العلاقة بين الجيش اللبناني وحزب الله رسميا, فقد تُطرح اسئلة مشروعة حول فيما اذا كان حزب الله سيصل الى المعدات الامريكية. صحيح ان لدى حزب الله معدّاته ذات المضاء الحاد, وانه لا يرى فائدة كبيرة من التزوّد بمخزونات الجيش اللبناني, لكنه صحيح ايضا الافتراض ان يكون حزب الله مهتما في اكتساب رؤية خفيّة لهذه الأسلحة, ما يشكل تطورا يثير قلقا خاصا لدى واشنطن. \r\n \r\n وهكذا, قد يمكّن, على المدى القصير, استمرار التمويل والدعم الفني الامريكي الجيش اللبناني والأجهزة الامنية, من ان تكون على مستوى التهديد الارهابي المتزايد في البلاد. غير أن واشنطن قد تواجه, في هذه الحال, بعض القرارات الصعبة للغاية, فيما يخصّ برنامج المساعدة العسكرية لديها مع لبنان, فحتى الآن, ورغم وجود حكومة وطنية في بيروت, يشارك فيها حزب الله, تمكنت واشنطن من تحديد علاقاتها مع حركة 14 آذار عن علاقتها مع المليشيات الشيعية, ولم يكن ذلك بالأمر اليسير, آخذين بالاعتبار ان حزب الله يتولى منصب وزير الخارجية, وعلاوة على ذلك. فإن تنسيق الحزب مع القوات المسلحة اللبنانية قد يتّسع في المستقبل القريب في واقع الأمر, كما قد تنبثق \"اتفاقية دفاع وطني\" بين حزب الله والجيش اللبناني, عن الحوار الوطني بين القوى السياسية الكبرى. والأسوأ من ذلك, انه في حالة خسارة حركة 14 آذار في انتخابات 2009 البرلمانية, وترؤس حزب الله ائتلافا حكوميا جديدا, ستتوقف المساعدة الامريكية للقوات المسلحة اللبنانية على الأرجح. \r\n \r\n يواجه لبنان اليوم خطراً متزايداً من عدم الاستقرار, بسبب تفريخ المشاكل الاسلامية في الشمال والتدخل السوري الراهن, صحيح ان استراتيجية واشنطن للبناء العسكري امر مهم, لكنه صحيح ايضا انها غير كافية, وربما تنخفض الى درجات دنيا. وبوجود بيروت على الحافة, ستقع مهمة رسم سياسة جديدة بشأن لبنان, لإنقاذ ما يتبقى من الحكومة الموالية للغرب, على عاتق الادارة القادمة. واذ يسير حزب الله والقوات المسلحة اللبنانية بصورة اقرب, نحو ترتيبات عملية مُرسّمة, فإنه من المرجح لخيارات السياسة لدى واشنطن, بشأن القوات المسلحة اللبنانية, ان تواجه المزيد من القيود.0 \r\n \r\n \r\n