وكان واضحا أن إصرار البعض على عدم تخفيض حجم إنتاج النفط يستهدف التأثير سلباً على اقتصاديات روسيا وعدد من الدول التي لديها خلافات حادة مع الغرب، وقد كشف انقسام أعضاء الأوبك عن ذلك، حيث أصرت كل من إيران وفنزويلا على ضرورة اتخاذ الاجراء اللازم للحفاظ على مستوى أسعار النفط في الأسواق العالمية، بينما دعت أطراف أخرى لتخفيض إنتاج النفط ما سيؤدى لارتفاع أسعار النفط. \r\n \r\n \r\n وقد لا يكون قرار الأوبك بتخفيض حجم الإنتاج مؤثرا، باعتبار أن التخفيض اقتصر على 500 ألف برميل، مقابل إنتاج يصل لأكثر من 85 مليون برميل، إلا أن هذا الخلاف يحمل معاني سياسية وخطة للتأثير على اقتصاديات خصوم واشنطن. \r\n \r\n \r\n وقد حاولت روسيا أن تقدم مشروعات لتحصل على مكاسب، يتمثل في استثمار نفوذها مع نفوذ «أوبك» للتحكم في أسعار النفط والصادرات النفطية. لذا تقدمت بمشروع تعاون بين روسيا مع الأوبك متعدد الجوانب، يمكن أن يحقق مصالح للجانبين فيما يخص ملفات أمن الطاقة العالمي، والتشاور حول أسعار النفط، وهي ملفات تضمن استقرار أسواق الطاقة من التقلبات والهزات الحادة. \r\n \r\n \r\n ويبدو أن مساعي روسيا لتوطيد العلاقات مع منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) قد أثارت قلق الغرب والولاياتالمتحدة، باعتبار أن روسيا و«أوبك» تسيطران معا على نصف أسواق النفط العالمية.وذلك بالرغم من تأكيدات الأمين عام للمنظمة بأن توثيق التعاون بين «أوبك» وروسيا لن يلحق أي أضرار بالبلدان المستوردة للنفط. \r\n \r\n \r\n ويصعب القول ان هذه الخطوات لن تجر أسواق الطاقة في الصراعات الدولية، لأن الصراع الدائر اليوم في القوقاز والعراق يستهدف بالدرجة الأولى السيطرة على منابع الطاقة، ما يعني أن روسيا بدأت في هجوم مضاد من خلال التفاهم مع منتجي الطاقة لتضمن بقاء اقتصادها في وضع جيد، ومن ثمة تستفيد من اتفاقاتها مع أوبك في تذليل العقبات التي تواجه سياساتها. \r\n \r\n \r\n ولا يمكن الرهان على انقسام الأوبك في هذا الصراع، لأن مصالح أعضاء المنظمة ومصالح روسيا والعديد من منتجي النفط تتطلب الإبقاء على إطار للتشاور والتنسيق، إلا أن الضغوط الأميركية يمكن أن تجبر البعض على اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه، باعتبار أن الأوبك يشكل إطار عائق لمصالح واشنطن في أسواق النفط العالمية، بعد أن بدأت الولاياتالمتحدة في فرض سيطرتها على العديد من منابع النفط في العالم. \r\n \r\n \r\n ولعل المهمة الأساسية للدبلوماسية الروسية تكمن في التوصل إلى تفاهم مع المملكة العربية السعودية باعتبارها اكبر منتجي ومصدري النفط في العالم، إذ مازال الموقف السعودي محايدا بين هذه الأطراف، حيث أعلنت بأنها ستعمل على تلبية أي حاجة استهلاك للنفط على الرغم من قرار منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» بتخفيض إنتاج النفط. \r\n \r\n \r\n وقد يقترب هذا الموقف من أهداف واشنطن، إلا انه يتحلى بمرونة يمكن التعامل معها، وقد يبدو الموقف في شكله العام صحيح، لأن تناقص إنتاج النفط سيؤثر على اقتصاديات المستهلكين، ولكن المستهلكين الأساسيين للنفط في السواق العالمية هما الولاياتالمتحدة التي تمتلك احتياطيا هائلا من النفط، والصين، التي جمعت بالفعل مخزونا احتياطيا من النفط يمكنها من استخدامه في مثل هذه الظروف ويحميها من أزمات الأسواق العالمية لشهور طويلة. \r\n \r\n \r\n خبيرة بمركز دراسات الطاقة الروسي \r\n \r\n