وفضلا عن ان استخباراته لم تنجح في التحذير من هجوم جورجيا في جنوب اوسيتيا ، فإن كل جهاز الحرب الالكترونية والمعدات القديمة لقواتها البرية تبدو مثل بقايا من العصر السوفييتي. \r\n \r\n لكن الحرب لا تحتاج الى سلاح جديد ومذهل لكي تنجح في نقل رسالة سياسية قوية ، فبعد كل شيء يعاني التفوق الأميركي من الوهن بالرغم من ان جيش أميركا هو اكثر آلات الحرب احكاما في التاريخ. \r\n \r\n ان روسيا بتحطيمها الاحتكار الأميركي لاستعمال القوة وحدها وبغزوها دولة تعد صديقا للولايات المتحدة - وهو شيء لم يجرؤ حتى الاتحاد السوفييتي على فعله قط - تتحدى الهيمنة الأميركية التي نشأت بعد انكسار الاتحاد السوفييتي في الحرب الباردة. \r\n \r\n لم تكن الحرب في جورجيا لتنشب لولا شكل علاج الولاياتالمتحدة لهيمنتها على العالم ، فقد خرجت الى حرب كارثية في العراق ، وأضاعت اكثر من فرصة واحدة للعمل في مقاومة النظام في ايران ، وحثت على توسع لا نهائي لقوات حلف شمالي الاطلسي وتجاهلت بصلف احتجاج روسيا على إدخال نظم دفاعية مضادة للصواريخ في شرقي اوروبا ، ومتذرعة بمحاربة الارهاب سببت ازدياد خوف روسيا من تطويق تام يعقب ادخال القوات الأميركية في دول مثل افغانستان وباكستان واوزباكستان وقرغزيا ، وكازاخستان وطاجسكان. \r\n \r\n تحاول موسكو ان تجد ردا على ما تراه استراتيجية أميركية معادية في عقد احلاف مع كوبا راؤول كاسترو وفنزويلا شافاز ، وفي الشرق الاوسط تقوم بكل ما تستطيع كي لا تكون الولاياتالمتحدة اللاعب العالمي الوحيد في المنطقة ، وزيارة الرئيس الاسد اخيراً لموسكو اظهار شفاف من قبل الطرفين للطاقة الكامنة لتجديد التحالف بينهما. \r\n \r\n ان العودة الى استراتيجية الحرب الباردة لن تخدم مصالح الغرب ، ان التهديدات بإبعاد روسيا عن الدول الصناعية الكبرى الثمان او إلغاء عضويتها في منظمة التجارة العالمية سيزيد فقط احساسها بالعزلة ويدفعها الى ان تلعب دور الدولة الثورية التي تعارض الوضع الراهن. \r\n \r\n ان روسيا المصابة بالكثير من الازمات الداخلية وباحساس مزمن بعدم الامن على امتداد حدودها الهشة ، غير معنية بحرب باردة ثانية ، فقد قادتها الحرب في جورجيا الى اصعب ازمة مالية منذ افلاسها في 1998 ، عندما خرج 17 مليار دولار خارج حدود روسيا في غضون اسبوع واحد فقط ، وخسرت بورصة موسكو نحو من 15 بالمائة من قيمتها في آب وتنبؤ البنك المركزي الروسي بحدوث انخفاض بنسبة 25 بالمائة للاستثمارات الاجنبية في السنة الحالية. \r\n \r\n لا يمكن ان تكون العودة الى عظمة العصر السوفييتي في جدول اعمال دولة تعاني تلك الازمات التي افضت الى انهيار الامبراطورية السوفييتية ، ان روسيا تطمح اليوم الى حلف استراتيجي حقيقي مع الولاياتالمتحدة لا الى مواجهتها ، ان ما يدفع روسيا - المذلة والمدفوعة الى الهامش منذ انقضاء الحرب الباردة - هو محاولة الانضمام الى نظام عالمي جديد يحترم مصالحها على انها قوة صاعدة في الساحة الدولية ، وليست عقيدة مواجهة استراتيجية مع الغرب. \r\n