\r\n ولكن, لا ينبغي لاي كان ان يتعامل باستخفاف مع هذه الدبلوماسية الطوعية التي صدرت عن الرئ ̄يس الامريكي الاسبق. اذ ان خبراء في السياسة الخارجية اكثر حنكة من كارتر قد حثوا على وضع حد لعزلة حماس. ويمكن لتواصل كارتر مع حماس, الذي شمل فيما شمل لقاءه بخالد مشعل في دمشق, ان يكون الموجة الاولى في مد من المبادرات الخطيرة واليائسة الهادفة الى »انقاذ« عملية السلام في الشرق الاوسط. \r\n \r\n ينقسم دعاة التعامل مع حماس الى فريقين. يرى الاول ان التعامل طريقة لتقوية رئ ̄يس السلطة الفلسطينية محمود عباس ومن ثم التقدم نحو مفاوضات اسرائ ̄يلية - فلسطينية. ذلك لان »المنزل الفلسطيني المنقسم على نفسه« لن يكون ابدا, في نظر هؤلاء, قويا بما يكفي لصنع السلام مع اسرائ ̄يل, ومن هنا فان التقدم الدبلوماسي يتطلب اجراء المصالحة بين حماس وبين منافستها اللدود فتح. \r\n \r\n الفريق الثاني يعتمد منطقا مباشرا. فهو يرى ان التعامل مع حماس يعكس حقيقة ما تمتلك الحركة من قوة وشعبية وقدرة علي تقويض اية عملية دبلوماسية لا تمنحها الدور المشروع الذي تستحقه. لذا, يرى افراد هذا الفريق, ان على من يريد ان يصنع السلام ان يتحدث مباشرة مع حماس لان هذه الحركة الاسلامية, وليس محمود عباس, هي اللاعب الاقوى في ميدان السياسة الفلسطينية. \r\n \r\n الرأي الاول غير منطقي. اذ لم يحدث ابدا ان تبنى اي زعيم في حماس حل الدولتين المقترح لتسوية النزاع الاسرائ ̄يلي - الفلسطيني. لذا فان احتضان حماس لا يمكن ابدا ان يقود الى تحسين فرص هذا الحل. وفي الوقت نفسه فان القول بان على الفلسطينيين ان يتحدوا من اجل التوصل الى تقدم دبلوماسي قول فيه الكثير من الاجحاف ومحاولة الظهور بمظهر الناصح. فالعالم, بعد كل شيء, يتوقع من اسرائ ̄يل ان تتخذ القرارات الوطنية بالحدود الدنيا من الهامش في الرأي الرسمي, كما حدث في التصويت المهم على اتفاقية السلام لعام 1955 التي اقرت باغلبية 61 صوتا في الكنيست مقابل 59 . ومن الواضح هنا ان العامل الاساسي بالنسبة لاسرائ ̄يل هو الزعامة وليست الوحدة. فلماذا يختلف الامر مع الفلسطينيين? \r\n \r\n قد يكون الرأي الثاني اكثر صراحة بشأن قوة حماس, لكنه هو الاخر رأي انهزامي. اذ يبدو ان دعاة هذه الافكار ينسون اننا قد سبق وان شاهدنا هذا الفيلم من قبل انما بوجود ياسر عرفات في دور البطل. \r\n \r\n في عام 1975 وضعت ادارة فورد الشروط التي ينبغي لمنظمة التحرير الفلسطينية التي كان عرفات على رأسها ان توفرها من اجل ان تكون مرشحة للدخول في حوار مع الحكومة الامريكية. وقد كان من بين تلك الشروط نبذ العنف والاعتراف بحق اسرائ ̄يل في الوجود. وعلى الرغم من مناشدات من جميع انحاء العالم تطالب بتخفيف تلك الشروط, فان الرؤساء الامريكيين المتعاقبين, ومن بينهم كارتر, تمسكوا بشدة بموقفهم. بعد ثلاثة عشر عاما, نجحت تلك الاستراتيجية. حيث نطق عرفات بالكلمات السحرية فقامت ادارة ريغان, في ايامها الاخيرة, بفتح حوار مع المنظمة, ورحلة كارتر اليوم تقوي موقف اولئك الذين يحثون واشنطن على تخفيف شروطها المسبقة للحوار بعد عامين فقط من المحاولة. \r\n \r\n ثمة فارق حاسم بين الحوار الداخلي الذي كان يدور في حركة فتح قبل عقدين وبين الحوار الداخلي الدائر في صفوف حماس الان. كان الانقسام التاريخي بالنسبة لمنظمة التحرير الفلسطينية بين الداعين الى خطة مرحلية لتدمير اسرائ ̄يل واولئك المستعدين للقبول بدولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبا الى جنب مع اسرائ ̄يل, وما كان لفكرة الحديث عن السلام ان تكون مقبولة الا لدى الجماعة الثانية. \r\n \r\n بخلاف ذلك, لا يوجد في حماس من يدعو الى السلام مع اسرائ ̄يل, والانقسام الذي تواجهه هو بين الداعين الى التهدئة واولئك الذين يفضلون الهدنة, وليس بين الفريقين من يقترب ولو اقترابا من موضوع السلام مع اسرائ ̄يل. \r\n \r\n على هذه الخلفية, سيكون من الحماقة ان تكون مطالب الحكومة الامريكية من حماس اخف من تلك التي طلبتها الادارة الامريكية من منظمة التحرير الفلسطينية قبل عشرين عاما. \r\n \r\n كما ان التعامل مع حماس سوف يسحب البساط من تحت اقدام ادارة عباس ويلقي بالفلسطينيين في افواه ذئاب حماس. ولا شك ان اولئك الذين يدعون الى مثل هذه الخطوة يعتقدون, بطريقة ما, ان حماس يمكن ان تكون مستعدة للتآمر على نفسها التواطؤ مع من يريد تقويضها. \r\n \r\n ان المسار الصحيح الذي ينبغي لصانعي السلام الامريكيين سلوكه, رغم كونه لا يرضي هذا وذاك من دعاة التعامل مع حماس, هو الاصرار على الاستراتيجية التي تم تبنيها بعد استيلاء حماس على غزة الصيف الماضي وهو الاستثمار في النجاح الاقتصادي والسياسي المتحقق في الضفة الغربية والمزيد من العزل لحماس في غزة. اما الهدف من هذه الاستراتيجية فهو منح الفلسطينيين خيارا واضحا بين فرصة للسلام والرخاء او سفك الدماء والعوز المؤكد. هذه الاستراتيجية لم تطرح نتائج لحد الان, لكنها لم تحصل على الوقت والاهتمام اللازمين لنجاحها. \r\n \r\n ان جهد الساعة الاخيرة الذي تبذله ادارة بوش من اجل الترويج لاتفاق سلام اسرائيلي - فلسطيني لا يعتبر, في افضل حالاته, الا مقامرة كبرى. اما في اسوأ حالاته فهو انحراف عن الهدف باهظ الكلفة. فبدلا من تحقيق الوعود التي بذلت لبناء الاقتصاد الفلسطيني والمؤسسات المدنية والبنية الامنية القادرة على الاداء, يحول الرئيس بوش تجاهه ويأخذ بالدفع باتجاه يأمل تحقيقه بحلول انتهاء مدة ولايته. ان تخفيف كثافة الجهد الامريكي سوف يعني, على الارجح, عدم التوصل الى اي شيء: لا النجاح الدبلوماسي ولا التقدم على الارض. \r\n \r\n تكمن المفارقة في ان كارتر وبوش, اللذين يختلفان في الكثير من الامور, يبدوان كمن نسي الدرس الاهم الذي جاءت به 35 سنة من عملية صنع السلام في الشرق الاوسط بزعامة امريكا وهو ان لا طريق مختصرا لتأمين السلام.0 \r\n \r\n \r\n \r\n