وقد قيل في تفسير هذه الظاهرة الغريبة الكثير والكثير، إلا أن الأهم هو أن هذه العلاقات لم تأثر بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، ولم تنصرف الهند عن روسيا الضعيفة المنهارة في التسعينات من القرن الماضي، بل زاد ارتباطها بها وخاصة في مجال التعاون التقني العسكري. \r\n \r\n \r\n حيث تعد الهند المنافس الأول للصين على المركز الأول ضمن الدول المستوردة للأسلحة والتقنيات العسكرية الروسية، وتحظى الدولتان بأكثر من ستين في المئة من صادرات روسيا من السلاح، وأكثر من ذلك تحظى الدولتان دون غيرهما من دول العالم بالعديد من الترخيصات الروسية بتصنيع أنواع من الأسلحة الروسية على أراضيهما. \r\n \r\n \r\n وهناك مؤسسة صناعية عسكرية مشتركة بين روسيا والهند تحمل اسم «براموس» تأسست في أواخر التسعينات وظهر إنتاجها من الصواريخ الحديثة بعيدة ومتوسطة المدى مؤخرا. في واشنطن تصف الدوائر الإستراتيجية الأميركية العلاقات بين روسيا والهند ب «الزواج الكاثوليكي» الذي يصعب اختراقه أو فك عقده، ولكن رغم هذا فإن إدارة الرئيس بوش لم تيأس. \r\n \r\n \r\n وحاولت مرارا اختراق هذه العلاقة، وكانت البداية في خريف عام 2006 عندما عرض الرئيس بوش على الهند عرضا مغريا بتزويدها بالتقنيات النووية الأميركية من خلال اتفاق تعاون نووي بينهما، ولم تعترض الهند بل وافقت وانتظرت التنفيذ، وحتى روسيا لم تعترض بل رحبت بالاتفاق، الأمر الذي أثار ريبة وتخوف واشنطن مما أدى لاعتراض الكونغرس على الاتفاق ورفضه. \r\n \r\n \r\n ولم تيأس إدارة بوش وعادت مؤخراً تعرض إغراءاتها على الهند، حيث عرض الرئيس الأميركي جورج بوش على الهند مجاناً حاملة الطائرات «Kitty Hawk» التي دخلت الخدمة في 29 أبريل عام 1961مقابل شراء القوات الجوية الهندية ل65 مقاتلة من طراز (F/A-18E/F« (Super Hornet) لكي ترابط على هذه الحاملة. \r\n \r\n \r\n ويلجأ البنتاغون إلى مثل هذه الضغوط من أجل دعم منتجي الأسلحة الأميركية في مناقصة دولية ضخمة لتوريد 126 طائرة للقوات الجوية الهندية بقيمة إجمالية قدرها 10 مليارات دولار. ولكن الخبراء يرتابون في أن تقبل الهند هذا العرض علما أن روسيا تقوم حاليا بتحديث حاملة الطائرات «الأميرال غورشكوف» التي دخلت حيز العمل عام 1987من أجل الأسطول البحري الهندي. \r\n \r\n \r\n وقد أعلنت الهند مؤخراً رفضها للهدية الأميركية واستعدادها لمضاعفة تكلفة تحديث وتطوير حاملة الطائرات الروسية «الأميرال غورشكوف». وسترفع هذه المسألة قريبا إلى لجنة الأمن في مجلس الوزراء الهندي للنظر فيها. \r\n \r\n \r\n وذكر مصدر في وزارة الدفاع الهندية أن بلاده قد توافق على زيادة تمويل عملية تحديث حاملة الطائرات الروسية في روسيا بحوالي 600-800 مليون دولار. ورجح المصدر احتمال موافقة الحكومة الهندية على ذلك نظرا لأن شراء حاملة طائرات من هذا النوع يكلفها 4 مليارات دولار. \r\n \r\n \r\n وأفاد مصدر في مصنع «سيفماش» الروسي (منفذ العقد) أن الجانب الروسي تمكن أخيرا من إقناع الوفد الهندي بزيادة تمويل العقد بمقدار 1 مليار دولار علما أن الجانب الهندي كان موافقا منذ البدء على دفع مبلغ 500 - 600 مليون دولار إضافة إلى قيمة المشروع الأولية. \r\n \r\n \r\n وأكد مصدر هندي «أن دلهي وافقت على دفع مبلغ إضافي «يزيد على ال600 مليون دولار التي أعلن عنها من قبل». وأضاف المصدر أن «التجارب البحرية لحاملة الطائرات والتي ستستغرق عامين يجب أن تبدأ في عام 2010. ومن المقرر أن تسلم السفينة رسميا إلى القوات البحرية الهندية في ديسمبر عام 2012». \r\n \r\n \r\n وقد أبرمت روسيا والهند العقد الخاص بتحديث وتطوير حاملة الطائرات في شهر يناير 2004 حيث وافقت الأخيرة على دفع مبلغ 5. 1 مليار دولار مقابل تحديث «الأميرال غورشكوف» والحصول على 16 مقاتلة من طراز «ميغ-29 ك» و6 مروحيات من مروحيات مؤسسة «كاموف»، وإعداد طواقم الطيارين الهنود للعمل على هذه الطائرات، وتوريد المعدات وقطع الغيار الضرورية لها. \r\n \r\n \r\n ويرى العديد من الخبراء أن العرض الأميركي ليس بالمغري للدرجة التي تثني الهند عن شراء حاملة الطائرات الروسية نظرا لعمق العلاقات بين روسيا والهند في المجال العسكري التقني. \r\n \r\n \r\n وتتجاوز حصة الهند من صادرات الأسلحة الروسية نسبة 30 بالمئة لتحتل المرتبة الثانية بعد الصين في هذا المجال. وتشارك جميع أصناف القوات المسلحة الهندية تقريبا حاليا في برامج التعاون العسكري التقني الروسي الهندي. \r\n \r\n \r\n وتتدرب القوات البرية الهندية على استخدام دبابات «ت-90 س»، التي تستوردها من روسيا. كما قامت القوات الجوية الهندية بشراء طائرات من طراز «سو-30 م ك ي»، وحصلت على ترخيص لتصنيع هذه الطائرات. \r\n \r\n \r\n هكذا تفشل محاولات واشنطن دائما في اختراق العلاقات الروسية - الهندية، والسبب الرئيسي في الفشل أن نيودلهي تعرف جيدا أبعاد وخفايا السياسة الأميركية. \r\n \r\n \r\n ويقول المحلل العسكري الهندي فيناي شوكلا : «لم تثبت أميركا إلى حد الآن أنها شريك أمين في التعاون الطويل الأمد فقد فرضت واشنطن أكثر من مرة حظرا على بيع المعدات الحربية إلى الهند». \r\n \r\n \r\n ويرى شوكلا أن حاملة الطائرات الأميركية «Kitty Hawk» لا تندرج في النظرية العسكرية الهندية. \r\n \r\n \r\n ووضح أن القوات البحرية الهندية تنوي اقتناء ثلاث حاملات طائرات، وهي «الأميرال غورشكوف» المطورة وحاملتان من صنع وطني. وأكد قائلا: «إن كل الحاملات الثلاث مصممة لطائرات من حجم «ميغ - 29 ك» وإن «Kitty Hawk» بطائراتها «Super Hornet» الثقيلة ستتخطى هذه المقاييس «ولا تصلح للعمل في القوات المسلحة الهندية. \r\n \r\n \r\n ومن جانبه يشير خبير روسي في مركز تحليل الإستراتيجيات والتكنولوجيات في موسكو إلى أن حاملة الطائرات الأميركية «Kitty Hawk» - سفينة قديمة وأن تشغيلها وصيانتها سيكلفان الهند ثمناً باهظاً. \r\n \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي روسي جامعة سيبيريا \r\n \r\n \r\n