بعد الصعود غير المتوقع لباراك أوباما في انتخابات أيوا وعدة ولايات أخرى لجأ بل وهيلاري كلينتون إلى سياستهما المعروفة عنهما تجاه خصومهما وهي سياسة تدمير شخصية وهوية المنافس. فبفضل مؤسسة كلينتون، فإننا نسمع الآن بشكل يومي تقارير تفيد أن أوباما قد يكون شخصا ملهما ولكنه يفتقد الخبرة وأنه اعترف بتناول المخدرات وأن اسمه الأوسط هو «حسين» . \r\n \r\n \r\n وأنه لم يكن فعليا ضد الحرب في العراق وأنه يختلق قصصا خيالية وأنه يحب رونالد ريجان. لقد انطلقت هيلاري هنا وهناك تتهم وتصرخ وتولول بل وتبكي حتى أطلق كلينتون العنان لنفسه أخيرا وتدخل لنجدة زوجته. \r\n \r\n \r\n لقد مضت منذ وقت طويل تلك الحقبة التي كان كلينتون يمارس فيها بعناية دور الرئيس السابق الذي يركز كل جهوده على الأعمال الخيرية وخدمة الدولة والحزبين. فقد انتهت تلك الفترة وجاء كلينتون آخر فقد السيطرة على أعصابه أمام الصحافيين وأخذ يلوي الحقائق ويشوه صورة وسجل أوباما. \r\n \r\n \r\n ثم حدث بعد ذلك أمر مضحك. فقد سخر مشاهدو كلينتون من الليبراليين من تكتيكات المصارعة الحرة التي يمارسها آل كلينتون ضد خصومهم. وحذر الحكام الديمقراطيون آل كلينتون ونصحوهم بإيقاف أسلوب التهديد والوعيد الذي يمارسونه. ولم يكن انزعاج المشاهدين من أسلوب آل كلينتون التهديدي بقدر ما كان انزعاجهم ينبع من أن هذا الهجوم موجه ضد أحد رجالاتهم الأسوياء الشبان المثاليين من الأصل الأفريقي. \r\n \r\n \r\n وبشكل فجائي انطلق الديمقراطيون المصدومون من أسلوب آل كلينتون مهاجمين الرئيس السابق وزوجته، متذكرين ماضي الزوج وما تقدم به من طلبات صفح في التسعينيات حتى لا يُتهم بالخيانة وحنث اليمين. إنهم لم يتذكروا شيئا عن بل الذي تبنى مساعدات إنسانية لضحايا تسونا مي و يترأس الآن مبادرة كلينتون العالمية. \r\n \r\n \r\n فعندما تعرضت محاولة آل كلينتون للعودة للسلطة إلى المعتقدات الليبرالية المعروفة عن الجنس والعرق،ظهرت على السطح كل أنواع المفارقات التي لم يكن يتوقعها أحد: \r\n \r\n \r\n لقد كان كلينتون يشجع سياسة الهوية التي تقوم على تخصيص دائرة انتخابية للسود فقط؛ فلماذا يغضب الآن من اقتراح قيام السود بالتصويت بشكل جماعي لأوبا ما؟ وهل تجرأ أي رئيس سابق في تاريخ أميركا على الإقدام على هذا النوع من اغتيال الشخصية أثناء الحملات الانتخابية؟ \r\n \r\n \r\n ولماذا تُقدم هيلاري، وهي المعروف عنها مواقفها المدافعة عن حقوق المرأة، على طلب المساعدة من معسكر الرجال عن طريق تعهيد الأساليب الملتوية في الانتخابات إلى زوجها؟ ثم من الذي ننتخبه نحن الآن: هيلاري كلينتون أم زوجها؟ \r\n \r\n \r\n ونتيجة ما فعله آل كلينتون في الفترة الماضية هي أنه فيما تواصل هيلاري تقدمها على أوباما في معظم الولايات، فإنها في استطلاعات الرأي النظرية الخاصة بالانتخابات العامة تأتي وراء المرشح الأول للحزب الجمهوري السيناتور جون مكين. \r\n \r\n \r\n هل هذه هي نهاية القصة؟ \r\n \r\n \r\n لا. ففي رد فعل على انطلاق شعبية مكين وعلى النجاح الجمهوري غير المتوقع، شنت قاعدة المحافظين الجدد حربا باليستية وانطلقت حرب أهلية جمهورية لن تؤدي إلا إلى خسارة الحزب للانتخابات. \r\n \r\n \r\n فعلى الرغم من التصنيف العالي الذي ناله مكين من قبل اتحاد المحافظين الأميركيين وعلى الرغم من تأييده لإحداث توازن في الميزانية وإعرابه عن أسفه لتأييد قانون الهجرة غير الشرعية وتأييده للحرب في العراق-على الرغم من كل هذا، فإن مكين يُوصم من قبل وسائل الإعلام المحافظة بأنه ليبرالي. \r\n \r\n \r\n فضلا عن ذلك، فإنه يوصف بأنه كبير في العمر وعصبي بشكل لا يكون معه مستحقا لترشيح الحزب الجمهوري. فكلما ظهر مكين على أنه ليس محافظا مثاليا، زاد هجوم المحافظين عليه باعتباره ليس المرشح المثالي لهم. الأكثر غرابة من قبل المحافظين هو تسليط الضوء بكثافة على صورة رونالد ريغان والفترة التي قضاها في الحكم وكيف أن مكين بعيد كل البعد عن النهج المحافظ لريغان. \r\n \r\n \r\n هل نسي المحافظون أن ريغان قام برفع بعض الضرائب ووقع على قانون عفو عام عن المهاجرين غير الشرعيين وقام بتوسيع الحكومة ودعا إلى نزع السلاح النووي وإلى بيع الأسلحة لإيران وانسحب من لبنان. إنهم يتناسون كل ذلك ويتذكرون فقط أن مكين لم يكن يؤيد التقليص الضريبي الذي طبقه بوش وأيد عرض الإدارة الأميركية تنفيذ شبه عفو عن المهاجرين غير الشرعيين. \r\n \r\n \r\n إن الديمقراطيين يتبارون الآن في خسارة الانتخابات العامة التي كانت أغلب الدلائل تشير إلى فوزهم بها، وفي الوقت نفسه يظهر الجمهوريون في ثوب الحزب الذي يبذل أقصى جهد لرفض الهدية التي تقدم له لحسم الانتخابات العامة. \r\n \r\n \r\n في حال فوز هيلاري كلينتون بترشيح حزبها للرئاسة، فإن انتخابات نوفمبر قد تعتمد على ما إذا كان المعتدلون والليبراليون قد شعروا بما يكفي من الاشمئزاز ما يجعلهم يعزفون عن التصويت لكلينتون بسبب ما قامت به من اغتيال لشخصية أوباما وبسبب تكتيكاتها التي تناسب أكثر أسلوب حلبات المصارعة أم لا، ومن ثم يمنحون أصواتهم لجمهوري من أبطال الحرب وذلك في حال ألا يتعرض هذا المرشح للتدمير أولا على يد حزبه الذي يرفع علمه. \r\n \r\n \r\n خدمة «لوس أنجلوس تايمز» خاص ل: «البيان» \r\n \r\n \r\n