\r\n وفي مقابلة اجرتها محطة \"الجزيرة\" الفضائية مع ساركوزي, خلال زيارته الاخيرة للشرق الاوسط, بادئا بطرح السؤال التالي: \"لماذا تُحرم البلدان العربية من طاقة المستقبل? فالارهاب يترعرع في ظروف اليأس والتخلّف. ونحن نريد مساعدة البلدان العربية على التطور, كما نريد رفع سويّة اقتصادات القرن الحادي والعشرين\". ويُذكر في هذا المجال, انه منذ شهر كانون الاول الفائت, وقّع ساركوزي اتفاقات, او هو عرض المشورة النووية الفرنسية على العربية السعودية, والاماراتالمتحدة, وقطر, وليبيا, ومصر, والجزائر, والمغرب. \r\n \r\n بهذه الجهود, يحاول ساركوزي تشجيع الاحياء العالمي للصناعة النووية, في زمن الارتفاع القياسي لأسعار الطاقة, والقلق العالمي الشديد من الاحتباس الحراري. ذلك ان التكنولوجيا النووية لا تسهم مباشرة في الاحتباس الحراري, لانها لا تحرق وقودا, ولا تبعث غازات البيوت الزراعية. \r\n \r\n ومن جانب آخر, يصف ساركوزي هذه العقود على انها ايضا وسيلة لتدعيم الاقتصاد الفرنسي, وتلمّع الصورة التكنولوجية والدبلوماسية لبلاده في الخارج. فالشركات التي تقوم بتطوير وانشاء محطات الطاقة النووية, تملكها الحكومة الفرنسية اساسا. \r\n \r\n وفرنسا واحدة من الدول الريادية في مجال القوة النووية في العالم منذ وقت طويل. وتعتمد بنسبة 80 بالمئة من احتياجاتها الكهربائية على الطاقة النووية. غير ان شارة \"للبيع\", التي وضعها ساركوزي على التكنولوجية النووية الفرنسية, قد اخافت النقّاد الذين يقولون ان الانتشار النووي ربّما يجعل الشرق الاوسط المتفجّر اصلا اكثر خطورة. وفي هذا الخصوص, قال ستيفان لوم, المتحدث باسم \"شبكة إكزيت النووية\", وهي مجموعة مظلّة للاتحادات المناهضة للانتشار النووي, \"ان البلدان التي تخطط فرنسا لبناء مشاريع جديدة فيها هي بلدان ذات انظمة لا ديمقراطية او ديكتاتورية في الغالب. ولا يكمن القلق في ان بلدا اسلاميا ما سينتهي به المطاف بانتاج قنبلة ذرّية, بل ان المخاطرة الكبرى تتمثل في احتمال صناعة قنابل قذرة ذات مادة نووية\". \r\n \r\n وتجاوب وزير خارجية دولة الامارات العربية المتحدة, الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان, مع نقد مماثل مؤخرا, بعد ان وقّعت دولة الامارات اتفاقا مع فرنسا لاقامة مفاعلين نووين فيها من الجيل الثالث, عندما قال: \"تقوم الامارات العربية المتحدة بمشاورات واسعة بغاية وضع الهيكل العام المسؤول لتقييم التطبيق المحتمل لبرنامج نووي سلمي, يضمن الانصياع لأعلى مقاييس السلامة والامن وعدم الانتشار\". \r\n \r\n واثبتت موافقة فرنسا, على بيع التكنولوجيا النووية للزعيم الليبي معمر القذافي, صحّة اكثر الصفقات اثارة للخلاف. فقال وزير الطاقة الالماني, غيرنوت ايرلر, بُعيد توارد انباء هذه الترتيبات مع ليبيا, \"ان المجازفة بالانتشار النووي تتزايد مع كل بلد يستخدم الطاقة النووية\". \r\n \r\n غير ان ساركوزي تصدّى لذلك عندما اوضح ان قرار الزعيم اللّيبي, في عام ,2003 بوقف برامج التسلّح النووي لبلاده, وكذلك الانشطة الارهابية, يستحق المكافأة, وان هذا الاتفاق يمكن ان يُغري الدولة العاقة لأن تحذو حذوها. \r\n \r\n تشكّل الاتفاقات النووية مع بلدان عربية جزءا من مشروع التحبّب الساركوزي لاقامة مجلس للتعاون الشرق اوسطي غير الرسمي. ومع ذلك, فقد قال ساركوزي انه راغب \"في مساعدة اي بلد يريد الحصول على الطاقة النووية لأغراض مدنية\" وفعلا, يتقرّب ساركوزي من أسخن سوقين نوويين في العالم, هما الصين والهند. ففي اواخر العام المنصرم, ابرمت فرنسا بالاحرف الاولى اتفاقا بمليارات الدولارات لبناء مفاعلين نووين في جنوب الصين. كما ان ساركوزي يأمل بتوقيع اتفاق حول الطاقة النووية مع الهند, خلال زيارته لها هذا الشهر. ويُذكر في هذا الخصوص ايضا ان الارجنتين وتشيلي وفيتنام واندونيسيا تبحث هي الاخرى مسألة شراء مفاعلات نووية بتصميم فرنسي. \r\n \r\n على ان اتفاقات ساركوزي مع دول في الشرق الاوسط هي الاكثر جذبا للاهتمام. اذ قالت آنا لورجيون, رئيس شركة \"أريا\" النووية الفرنسية العملاقة, \"هذه هي المرة الاولى التي يوقع فيها اتفاق حكومي في الخليج على هذه الدرجة من الاهمية. وهذا بحد ذاته يشكل تطورا كبيرا للغاية\". وستقوم هذه الشركة بالمساعدة في بناء مفاعلين نووين في ابو ظبي, اغنى الامارات العربية السّبع. وقالت لوفرجيون ايضا, ان قيمة العقدين تبلغ مليارات الدولارات, وان لم تفصح عن الارقام. \r\n \r\n وجاءت رحلة مبيعات ساركوزي بعيد اعلان \"مجلس التعاون الخليجي\", الذي يضمّ البحرين والكويت وعُمان وقطر والعربية السعودية والامارات العربية المتحدة, عزمها اقامة برنامج نووي مشترك يبدأ التشغيل بحلول عام .2025 \r\n \r\n ومع وصول اسعار النفط مستويات قياسية - 100 دولار للبرميل في كانون الاول الفائت - تكون البلدان العربية المصدرة للنفط تتمتع بتنمية اقتصادية غير مسبوقة. الامر الذي يعني التحكم بشبكات الطاقة الكهربائية, وتوسيع طاقة تقطير المياه المالحة الى عذبة في العديد من دول الخليج الصحراوية. وفي الواقع, فإن التزايد السريع في الطلب على الطاقة, مقرونا بالتحذيرات من احتمال نضوب النفط واحتياطاته في غضون 4-5 عقود, هي التي دفعت دول النفط الغنيّة الى دراسة بدائل الطاقة النووية. وفي هذا الشأن, ابلغ ساركوزي الصحافيين المرافقين له في رحلته, بأنه \"في غضون 40 عاما من الآن, لن يكون هناك نفط, كما أن الغاز سينفد في ظرف 100 عام\". واضاف بأنه يعتقد ان الطاقة النووية ستكون البديل. \"فهي طاقة المستقبل\". \r\n \r\n لكن بعض المحللّين يقولون ان من شأن التطور النووي ان يزيد من استعار التوترات العسكرية, على الأرجح, وان يدفع نحو سباق التسلّح الاقليمي. ذلك ان برامج الطاقة النووية المدنية المتقدمة لدولة ايران, قد خلقت فعلا مزاعم لدى الولاياتالمتحدةوفرنسا وغيرهما, بأن ايران تطمح الى تطوير اسلحة نووية, وهو ما تنفيه طهران. وصرّح ساركوزي, اثناء جولته في الشرق الاوسط, \"إن أُبلغت الدول العربية بأنه لن يُسمح لها بالحصول على الطاقة النووية المدنية, لمجرّد كونهم عرباً, فذلك ما يزوّد ايران باضافة نوعية استثنائية, وهو ما تقوم عليه محاججتها كلّها\". \r\n