في يوم الأسرة، بني سويف تحتفل بأطفال 140 عائلة بحضور الوالدين والأجداد    استقرار أسعار العملات العربية في ختام تعاملات اليوم 19 ديسمبر 2025    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية تتفقدان قرية النساجين بحي الكوثر والمنطقة الآثرية ميريت آمون    الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة تشارك في مؤتمر «غذاء مصر»    سامح الحفني: الشراكات الدولية تعكس ثقة المجتمع الدولي في منظومة الطيران المدني    منظمة الصحة العالمية: تصاعد غير مسبوق للهجمات على الرعاية الصحية في السودان    لافروف: المحادثات الأمريكية الروسية لا تحتاج إلى مساعدة أوروبا    كأس عاصمة مصر| توروب يعلن تشكيل الأهلي استعدادًا لمباراة سيراميكا    كل ما تريد معرفته عن منتخب السودان قبل انطلاق أمم إفريقيا    غياب البنا والغندور.. فيفا يعتمد قائمة الحكام المصريين الدوليين    انخفاض في الحرارة وشبورة كثيفة.. الأرصاد تحذر المواطنين من طقس السبت    مصرع شخص وإصابة 3 آخرين إثر انقلاب سيارة ملاكي بالبحيرة    انخفاض درجات الحرارة وشبورة كثيفة على الطرق.. "الأرصاد" تُحذر من طقس الساعات المقبلة    ضبط 3 سيدات بتهمة ممارسة الأعمال المنافية للآداب بالإسكندرية    طرح البرومو الرسمي لفيلم "جوازة ولا جنازة" لنيللي كريم (فيديو)    «فلسفة الذكاء الاصطناعي».. رسالة ماجستير بآداب أسيوط    رئيس هيئة الرعاية الصحية يشهد ختام مشروع منحة FEXTE الفرنسية لتعزيز منظومة التأمين الصحي الشامل    الصحة: إرسال قافلة طبية في التخصصات النادرة للأشقاء بالسودان    إذا كنت محبا للفاكهة فاختر منها ما يفيدك أيضا إلى جانب الاستمتاع بمذاقها    السكة الحديد تطلق عربات مكيفة حديثة لتسهيل رحلات القاهرة – طنطا    جوارديولا يحسم الجدل حول مستقبله مع مانشستر سيتي    تركيا ترحب برفع العقوبات الأمريكية عن سوريا بموجب قانون قيصر    خارطة التمويل الثقافي وآليات الشراكة في ماستر كلاس مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    اليوم.. ريم بسيوني تكشف أسرار تحويل التاريخ إلى أدب في جيزويت الإسكندرية    الداخلية تنظم ندوة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    شراكة استراتيجية بين طلعت مصطفى وماجد الفطيم لافتتاح أحدث فروع كارفور في سيليا    النائب ميشيل الجمل: لقاء السيسي بالبرهان رسالة حاسمة لدعم وحدة وسيادة السودان    حقيقة انتشار الأوبئة في المدارس؟.. مستشار الرئيس يُجيب    محافظ قنا ينعى الطبيب الشهيد أبو الحسن رجب فكري ويطلق اسمه على الوحدة الصحية بمسقط رأسه    شاب من مركز "قوص بقنا" يُعلن اعتناقه الإسلام: "قراري نابع من قناعة تامة وأشعر براحة لم أعرفها من قبل"    فظللت أستغفر الله منها ثلاثين سنة.. موضوع خطبة الجمعة اليوم بمساجد الجمهورية    لقاء السحاب بين أم كلثوم وعبد الوهاب فى الأوبرا    اكتمال النصاب القانوني للجمعية العمومية لنادي الجزيرة    لقاء أدبي بفرع ثقافة الإسماعيلية حول أسس كتابة القصة القصيرة    وائل كفوري يمر بلحظات رعب بعد عطل مفاجى في طائرته    وزير الصحة يلتقي الأطباء وأطقم التمريض المصريين العاملين في ليبيا    10 يناير موعد الإعلان عن نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    انطلاق مبادرة لياقة بدنية في مراكز شباب دمياط    حماس: محادثات ميامي لن تفضي لوقف خروقات إسرائيل للهدنة    "تموين المنوفية" يضبط 70 ألف بيضة فاسدة قبل طرحها بالأسواق في السادات    جامعة عين شمس تواصل دعم الصناعة الوطنية من خلال معرض الشركات المصرية    عماد أبو غازي: «أرشيف الظل» ضرورة بحثية فرضتها قيود الوثائق الرسمية.. واستضافة الشيخ إمام في آداب القاهرة 1968 غيرت مساره الجماهيري    التخطيط تواصل توفير الدعم لانتخابات النوادي باستخدام منظومة التصويت الإلكتروني    النتائج المبدئية للحصر العددي لأصوات الناخبين في جولة الإعادة بدوائر كفر الشيخ الأربعة    فضل قراءة سورة الكهف.....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم بالبركات    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابه    حملات أمنية مكبرة تضبط 340 قضية مخدرات وتنفذ قرابة 60 ألف حكم خلال 24 ساعة    ضبط 20 متهمًا أثاروا الشغب بعد إعلان نتيجة الانتخابات بالإسماعيلية    بوتين يعلن سيطرة القوات الروسية على المبادرة الاستراتيجية بعد معارك «كورسك»    تعرف على مسرحيات مبادرة "100 ليلة عرض" في الإسكندرية    وفاة طبيب متأثراً بإصابته إثر طلق ناري أثناء مشاركته بقافلة طبية في قنا    وزير الزراعة يعلن خفض المفوضية الأوروبية فحوصات الموالح المصرية إلى 10% بدلا من 20%    اليوم.. الأهلي يواجه الجزيرة في دوري سيدات اليد    زراعة سوهاج: حملة إزالة فورية للمخلفات الزراعية بقرية الطليحات لمركز جهينة    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    أبو الغيط يرحب بانتخاب برهم صالح مفوضًا ساميًا لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة    المنتخب يخوض أولى تدريباته بمدينة أكادير المغربية استعدادا لأمم إفريقيا    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بعد بنازير بوتو
نشر في التغيير يوم 18 - 02 - 2010


\r\n
فالقسط الاعظم من اوليات الموقف الامريكي من باكستان ارتكز على ثلاثة اوهام متداخلة: اولا, ان باكستان قابلة للتحول الى حليف طيع ومتعاون في الحرب ضد الارهاب والحرب في افغانستان في وقت تعارض فيه الاغلبية الساحقة من الباكستانيين ذلك وتراه مخالفا لمصالح باكستان الخاصة, ثانيا, ان عودة الديمقراطية الى باكستان, مجسدة في شخص السيدة بوتو, سوف تساعد في تحويل باكستان الى ذلك الحليف المطلوب. ثالثا, ان المجتمع الباكستاني في وضعه الراهن قادر على تخليق الديمقراطية على الطراز الغربي ودعمها وبناء على ذلك فقد افترضت الاستراتيجية الامريكية الشاملة ان من المنطقي اخضاع باكستان لمتطلبات الحرب في افغانستان وليس العكس.
\r\n
\r\n
ومما يفاقم الالتباس الحاصل في هذا الاستنتاج ان احدا لم يعد واثقا تماما من طبيعة الاستراتيجية الامريكية في افغانستان. فهل تريد الولايات المتحدة مواصلة المعركة العسكرية الصارمة ضد كل طالبان? ام ان الادارة الامريكية باتت, تحت الحاح البريطانيين وسواهم, تنوي تكرار السياسة الامريكية التي اتبعت مؤخرا في المناطق السنية من العراق في محاولة لخلق تحالفات جديدة مع قادة طالبان المحليين ولو على حساب حكومة كرازي اذا اقتضى الامر? اذا كان الاختبار قد وقع على الاستراتيجية الاولى فان الولايات المتحدة وباكستان سائرتان الى تصادم لا مناص منه اما في حال اختيار الاستراتيجية الثانية فان الولايات المتحدة ستقترب من اتباع مسار قريب من المسار الذي سارت عليه الحكومة الباكستانية في المناطق القبلية الواقعة على الحدود الافغانية والذي لم يحقق لحد الان سوى نجاحات محدودة.
\r\n
\r\n
وعلى ضوء هذا الالتباس والموقف غير المحسوم داخل باكستان نفسها, فان افضل سياسة يمكن ان تتبعها الولايات المتحدة في الوقت الراهن هي ان لا تفعل شيئا. اذ ينبغي لواشنطن ان تنتظر لترى كيف ستتطور الامور على الارض, والى اي مدى سيتفاقم العنف, وما اذا كان هناك من زعيم بديل يبرز من حزب الشعب ليحل محل بوتو.
\r\n
\r\n
وليس هناك اي معنى في ان تواصل الولايات المتحدة المطالبة باجراء الانتخابات الشهر القادم تحت الظروف الراهنة. اذ ان مثل هذه الانتخابات ستزيد الوضع سوءا وسيرافقها المزيد من العنف.
\r\n
\r\n
لقد كان اغتيال بنازير بوتو مأساة ذات تداعيات خطيرة على مستقبل وحدة باكستان واستقرارها. لكنه قد يساعد المخططين الامريكيين على استجلاء الصورة المرسومة في اذهانهم عندها, وعلى اساس من جلاء الصورة, قد يصبح ممكنا صياغة استراتيجية امريكية ازاء باكستان تستجيب لواقع الحال هناك وتخدم في الوقت نفسه المصالح الحيوية الامريكية.
\r\n
\r\n
ونحن لا نقول ذلك انطلاقا من عناوين الصحف التي وصفت موت السيدة بوتو بانه \"موت الديمقراطية\" فقد كانت للراحلة مزايا عديدة منها شجاعتها الفائقة وعزمها الحديدي, لكنها لم تكن تفوق نظراءها في الفلبين او بنغلادش في مجال الديمقراطية الحديثة وامتلاك اجندة اصلاحية متماسكة.
\r\n
\r\n
لقد كانت ارستقراطية شعبوية بكل ما يحمله هذا الاصطلاح من كياسة ازاء الضغوط, وطغيان للمظهر على الجوهر, اما حزبها: حزب الشعب الباكستاني, فقد ظل طويلا حزب سلالة حاكمة اكثر من كونه حزبا جماهيريا معاصرا ذا برنامج عمومي حقيقي. ولهذا السبب لا ينتظر للحزب ان يعيش طويلا بعد موت آخر ممثله لسلالة آل بوتو.
\r\n
\r\n
ان تداعي حزب الشعب سوف يعود, على المدى البعيد, بالفائدة على كل من الجيش الباكستاني والاسلاميين. اذ سيستفيد الجيش من امكانية ضم اعضاء من الحزب الى الحكومة من خلال الاغراء بالمناصب او الرعاية وهو الامر الذي اجاد مشرف اداءه خلال السنوات الماضية. ولسوف يساعد ذلك الجيش في تشكيل حكومات ائتلافية يديرها من وراء الستار.
\r\n
\r\n
اما الاسلاميون فسوف يستفيدون من تداعي حزب الشعب وانهياره الكلي من خلال بقائهم كقوة سياسية وحيدة تدعو الى اصلاح النظام الباكستاني الحاكم المبتلى بالفساد والظلم وغياب الكفاءة وقد ثبت فراغ الوعود التي قدمها حزب الشعب بالاصلاح من خلال ولايتي السيدة بوتو اللتين اتسمتا بالفساد والاخفاق الامر الذي ادى في النهاية الى تدهور مكانة الحزب في استطلاعات الرأي العام.
\r\n
\r\n
في الوقت نفسه, لم ينس فقراء باكستان بعد القسم الذي قطعه والد السيدة بنازير ذو الفقار علي بوتو على نفسه بان يوفر لهم \"المأكل والملبس والمأوى\" حيث لا يوجد الان سياسي باكستاني قادر على الوعد بشيء مشابه خصوصا نواز شريف الذي يستند في قاعدته وتأييده الى صناعيي البنجاب. وهكذا لن يجد من يرغب حقا في تحقيق التغيير الراديكالي\"وليس التغيير التدريجي الذي يأتي به النمو الاقتصادي\" جهة اخرى يتوجه اليها سوى الاسلاميين.
\r\n
\r\n
هذا بقدر تعلق الامر بالمستقبل. اما بالنسبة للاسابيع او الشهور القادمة فان السؤالين المتلازمين سيظلان عن مدى العنف واللااستقرار اللذين سيحلان بباكستان وما اذا كانت ستكون هناك اية مرحلة انتقالية نحو حكومة مدنية ما دام مشرف في منصب الرئاسة. وسوف لن يتوفر الجواب لهذين السؤالين في المستقبل القريب.
\r\n
\r\n
من جانب اخر, امتنع زعماء حزب الشعب لحد الان عن الدعوة الى هجمات واسعة ضد الجيش او الدولة. وكل ما وقع من هجمات من قبل مؤيدي الحزب لم يتعد حدود التصرف التلقائي. ومن اجل هذا يكون من المهم جدا تأجيل الانتخابات المقررة في الشهر المقبل لان اخر ما تحتاجه كراتشي الان هو حملة انتخابية تستثير المشاعر ويتنافس خلالها المرشحون في تأجيج نيران النقمة.
\r\n
\r\n
الا انه ليس من المستبعد ان يظهر من بين الذين يتنافسون على خلافة بوتو في رئاسة حزب الشعب من يريد ان يبقي على جسوره مع الجيش وان لا يقضي بذلك على احتمال تأييد واشنطن له كرئيس للوزراء متحالف مع مشرف او من سيحل محله.
\r\n
\r\n
فلو قدر للعنف ان يتسع, فان كبار الجنرالات سوف يشكلون, عاجلا ام آجلا, وفدا يتقدم من مشرف بكل ادب واحترام ويطالبه بالتنحي عن مقعد الرئاسة تماما كما حدث مع الجنرال ايوب خان قبل سنوات. عندها سيقوم الجيش بادارة \"الانتقال نحو الديمقراطية\" بعد ان يكون رجاله قد اتفقوا فيما بينهم على من ستنتقل اليه الحكومة. ومع كل العداء الذي يكنه مشرف لنواز شريف, سيكون شريف مرشحا لان يقع عليه الاختيار. لكن ذلك لا يستبعد ان يكون القادم الجديد زعيما من زعماء حزب الشعب.
\r\n
\r\n
وبغض النظر عما سيقع, فان الجيش سيظل الطرف الاقوى في الدولة الباكستانية, والمفتاح الاهم الى مستقبل باكستان. وما دام الجيش محافظا على وحدته, فانه سيتصدى بنجاح لكل من الثورة الاسلامية او الانفصال العرقي ولن تتعرض باكستان لخطر التفكك الا في حالة انقسام الجيش على نفسه.
\r\n
\r\n
ومرة اخرى, يكون الاختيار الافضل لواشنطن في الوقت الحالي هو ان لا تفعل شيئا ما دام اي شيء يمكن ان تفعله على المدى القريب لن يكون مفيدا. اما على المدى البعيد فان الولايات المتحدة تحتاج الى وضع استراتيجية تستند الى فهم عميق للحدود التي تحكم دعم اية حكومة باكستانية لها في افغانستان اخذة بنظر الاعتبار مشاعر الشعب الباكستاني والكثير من العسكريين, وما كان لحكم السيدة بوتو, لو تحقق, ان يقدم الحل السحري لهذه المعضلة, كما ستعجز عن حلها اية \"عودة للديمقراطية\" في المستقبل.
\r\n
\r\n
ان التمادي في دفع اية حكومة باكستانية على هذه الطريق لن يؤدي الا الى تعزيز فرص انتشار اللااستقرار الاسلامي في صفوف الجيش الباكستاني. اما بالنسبة للتدخل المباشر في افغانستان الذي يدعو له البعض فانه يجب ان يرفض رفضا تاما. لانه السيناريو الوحيد القادر على اثارة التمرد الاسلامي في الجيش والتسبب في انهيار دولة باكستان.
\r\n
\r\n
واخيرا, فان واشنطن تحتاج الى التفكير باستراتيجية جديدة في افغانستان تقوم على التقرب من اطراف في طالبان ولا تستثني الاطاحة بالرئيس حامد كرزاي لصالح حكومة وحدة وطنية تضم عناصر من طالبان. عندها ستكف باكستان عن الظهور بمظهر عدو الولايات المتحدة. وستتحول الى وسيط مفيد جدا بين الولايات المتحدة. وطالبان. ويظل هناك امر ينبغي تجنبه في جميع الاحوال وهو تبني هذه الاستراتيجية الجديدة مع مواصلة معاملة باكستان بصفتها كبش الفداء الذي يضحى به نتيجة لاخفاقات الغرب في افغانستان لان واشنطن سوف تحتاج الى كل ما تستطيع حشده من دعم اقليمي من اجل تحقيق تقدم في افغانستان يضاهي التقدم الذي حققته مؤخرا في العراق.
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.