\r\n \r\n الكثير من هؤلاء السنة اصبحوا اليوم مدرجين على كشوف الرواتب الأميركية إلا أنه ليس هناك من يستطيع الجزم ما اذا كانت تلك المكاسب الأمنية يمكن أن تستمر بعد سحب القوات الأميركية الإضافية كما هو مخطط لها في يوليو القادم أو ان العراق سرعان ما سينزلق الى حرب طائفية وحشية جديدة. \r\n وخلال مقابلتي لباتريوس في مكتبه سألته عن تقييمه للموقف الحالي وخلال مستقبل ما بعد سحب القوات الاضافية فكان جوابه انه يعتقد أن الأمور في بغداد والحزام المحيط بها تسير في الاتجاه الذي يرغبونه. وقال \" لقد كبدنا القاعدة في العراق خسائر كبيرة كما أن الأحوال في الأنبار قد تغيرت\" وهو يشير في ذلك الى المحافظة السنية التي كانت أقوى معاقل المقاتلين والقاعدة بوجه عام. غير أن جميع القادة العسكريين الاميركيين ينظرون بحذر كبير الى ما قد يحدث. \r\n وأعتقد أن باتريوس محقا في الثقة التي يتحدث بها وأيضا في الحذر والقلق. فالتقدم الأمني الذي شهدته الأشهر الأخيرة جاء معظمه نتيجة الاستراتيجية السياسية والعسكرية الجديدة التي جاءت مغايرة تماما للسياسات الاميركية على مدار الأعوام الأربعة المأساوية الماضية . \r\n وعندما تقابلت مع باتريوس للمرة الأولى في اكتوبر عام 2003 عندما كان قائدا للقوة 101 المحمولة جوا في ميدنة الموصل كان يطبق استراتيجية لمحاربة المسلحين تحكمها مبادئ أساسية من اهم اولولياتها كسب زعماء القبائل السنية. حيث تم تقديم مساعدات اقتصادية للشيوخ هناك وتوفير وظائف لإعادة تسيير عجلة الاقتصاد كما استخدم رجال القبائل في قوات أمن محلية جديدة. \r\n بيد أنه وفي تلك الأثناء لم تكن هناك استراتيجية سياسية عسكرية أميركية متساوقة لكافة المناطق في العراق. وفي محافظة الأنبار كان تركيز القوات الاميركية على شن الهجمات العسكرية وتعرض زعماء القبائل لمعاملة فظة وفجة ومن ثم سرعان ما تحولوا الى تأييد المسلحين والقاعدة. \r\n والآن يطبق باتريوس استراتيجية عسكرية جديدة تركز على المرونة وكسب تأييد السكان المحليين. ويقول أن القادة والجنود الاميركيين قد استوعبوا الأمر وبدأوا يشاهدون بأعينهم في النهاية التغييرات التي صاحبت تغيير الاستراتيجية. فقد تحول الزعماء القبليين في الأنبار مؤخرا ضد القاعدة لانها قد بدأت في قتل سنة محليين وعندما طلب هؤلاء الزعماء مساعدة الاميركيين لم يفوت قائد الجيش في الانبار الفرصة ووافق على تقديم المساعدة ( في عام 2006 قابل القادة العسكريون الأميركيون طلبات مماثلة بالرفض) والآن بات حجم المساعدة الاميركية المقدمة كبيرا. \r\n ويعزو باتريوس الفضل في التغييرات الواسعة الى حركة الانبار التي تعرف باسم الصحوة التي أحدثت تغييرات جوهرية. وفي الوقت الحاضر يقوم رجال القبائل بمعظم مهام الشرطة في الأنبار حيث يوجد حوالي 70 ألف مسلح يساعدون القوات الأميركية في بغداد وأماكن اخرى. \r\n ويتفهم باتريوس تخوفات الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة ان مثل تلك الحركات يمكن ان تتحول الى ميليشات سنية عنيفة او أنها قد تتتعرض للاختراق من قبل أفراد تابعين للقاعدة. ويقول باتريوس أن البرنامج المعمول به حاليا يوفر ضعف التكلفة الشهرية في عدد المركبات العسكرية الأميركية التي لم يتم فقدها على ايدي المسلحين ناهيك عن تقليص الخسائر في الأرواح. كما أن الاستراتيجية الحالية تركز على كسب قلوب وعقول السنة وذلك بالاسراع في اطلاق سراح آلاف السنة المعتقلين في سجون الولاياتالمتحدة. بيد أن استخدام المسلحين ومنع تجدد القتال يجب أن يواكبه احراز تقدما على المستويات السياسية. فالهدف المجمل من الزيادة العددية في القوات الاميركية هو فتح نافذة تسمح بالتوصل الى المصالحة بين قادة الطوائف العراقية وبذلهم المساعدة لالتئام جراح العراق. والسيناريو المعمول به يمكن أن يؤدي الى سحب أعداد كبيرة من القوات الأميركية الا أن القادة العراقيين لم يلتزموا به بعدز غير أن باتريوس يشير الى أنه وعلى الرغم من أن كبار القادة السياسيين العراقيين لم يحققوا الأهداف المنشودة بعد إلا أن المصالحة تجري في كثير من المحافظات بطريقة لم تنعكس على القيادة بعد. \r\n \r\n ويعتقد باتريوس أنه ما لم يشعر السنة بالاندماج في النظام السياسي فمن الممكن أن يتراجع التقدم الأمني الحالي. ومن ناحية أخرى هناك الميشليشا الشيعية المتشددة التابعة لمقتدى الصدر التي كانت تقوم في السابق بثقب رؤوس المدنيين السنة الا انها تلتزم في الوقت الحالي بوقف اطلاق النار وهو الوضع الذي يعتقد باتريوس انه سيستمر لأن حركة الصدر تدرك الاضرار التي لحقت بسمعتها نتيجة مهاجمتها لأبناء ظائفتهم من الشيعة وقيامها بأعمال اجرامية. \r\n وهناك قضية جوهرية اخرى وهي ايران وما إذا كانت ستستمر في مساعدة المجموعات الخاصة التي تدربها وتمارس نشاطها تحت مظلة الصدر. ويقول باتريوس أن هناك تراجعا في الهجمات التي تحمل بصمة تلك المجموعات وذلك بعد ان طلب قادة عراقيون من الايرانيين وقف الهجمات. \r\n وسالت باتريوس عن التأثير المتوقع لسحب القوات الأميركية الاضافية التي يبلغ قوامها نحو 22 ألف جندي وذلك على المكاسب الأمنية التي تم تحقيقها. فالقاعدة على اية حال ما تزال تحتفظ بقوتها في الشمال ومن الممكن ان تحاول العودة. وكان رده ان عليهم أن يواصلوا الضغط على القاعدة إلا أنه أشار الى أن ذلك يمكن ان ينفذ دون ان تحدث آثار سلبية عن طريق تقليص الوحدات الاميركية وزيادة القوات المحلية مثل تلك القوات السنية الجديدة العاملة الى جوار القوات النظامية وكذا الوحدات العراقية المدربة بشكل أفضل. \r\n وأعتقد أن الولاياتالمتحدة سوف توقع اتفاق امنيا مع العراق خلال العام القادم. وستعمل القوات الاميركية على تقليص عددها ونقل مسئولية مكافحة الارهاب الى القوات العراقية ويكون تركيز الجيش الأميركي منصبا على مهمة أخرى مغايرة تماما وهي التدريب والمساعدة الامنية. \r\n \r\n إلا أن حذر باتريوس له ما يبرره. فلا يستطيع أحد ان يتنبأ بوضوح بما يمكن أن يحدث خلال الأشهر الحالية حيث ان هناك الكثير من المتغيرات والمعضلات وكل منها تؤثر في الأخرى إلا ان الإمكانيات الحالية تدفع باتجاه تغير ايجابي لم يكن موجودا قبل ستة أشهر. \r\n \r\n ترودي روبين \r\n كاتبة عمود وعضو في أسرة تحرير صحيفة فيلادلفيا انكوايرر \r\n خدمة ام سي تي خاص ب\"الوطن\" \r\n