\r\n فقد صرح الزعيم السوفييتي السابق، الحائز على جائزة نوبل للسلام، في لقاء صحفي أجري معه مؤخراً قائلاً \"لقد اختار بوتين أن يلجأ إلى بعض الأساليب التي تعتبر إلى حد ما سلطوية، لكن ورغم استخدامه لها في بعض الأحيان، إلا أن هدفه هو التوجه نحو الديمقراطية، ونحو اقتصاد السوق\". وفيما يتعلق بالتوتر المتزايد في العلاقات بين موسكووواشنطن فقد أرجعها \"جورباتشوف\" إلى \"عقدة النصر\" التي مازالت تطغى على بعض المسؤولين في الولاياتالمتحدة، مشدداً على ضرورة تبني الحكومتين للهجة أكثر هدوءاً والعمل سوية لحل المشاكل العالمية. وفي رده على سؤال حول النصيحة التي يقدمها للرئيسين بوتين وبوش قال \"جورباتشوف\" إنه \"أولاً يتعين الحفاظ على أجواء الثقة التي برزت خلال سنوات البيروسترويكا عندما استطعنا العمل مع الولاياتالمتحدة لمناقشة القضايا المهمة وإنهاء الحرب الباردة. لكني أعتقد بأن هذه الثقة باتت اليوم عرضة للخطر\". \r\n وكما هو معروف لعبت إصلاحات \"جورباتشوف\" في أواخر الثمانينيات والتي يصطلح عليها اسم \"البيروسترويكا\"، دوراً مهماً في انهيار الاتحاد السوفييتي وهيأت المجال لصداقة روسية- أميركية امتدت طيلة عقد التسعينيات. لكن في السنوات الأخيرة عاد التوتر مجدداً إلى العلاقات بين البلدين، إذ إلى جانب ما تعتبره أميركا تراجعاً عن الديمقراطية في روسيا هناك أيضاً استياء واشنطن من مزاعم لجوء موسكو إلى استخدام صادراتها من النفط والغاز الطبيعي لممارسة ضغوط سياسية على جيرانها، يضاف إلى ذلك الاختلافات بين البلدين حول كيفية التعامل مع الملف النووي الإيراني، والنزاع حول مستقبل كوسوفو، فضلاً عن قضايا أخرى عالقة. ومن ناحيتها انزعجت روسيا من الخطط الأميركية لإقامة نظام مضاد للصواريخ في أوروبا الشرقية تقول واشنطن إنه ضروري لحماية أوروبا وأميركا الشمالية من احتمال التعرض لهجوم إيراني. وقد عبرت روسيا عن مخاوفها من أن تقود الخطوة الأميركية إلى نظام صواريخ عالمي يهدف إلى إضعاف قوة الردع النووية سواء تلك الخاصة بروسيا، أو بالصين. \r\n وزاد التوتر حدة بعد تعرض \"ألكسندر ليتفينينكو\"، العميل السابق في جهاز الاستخبارات السوفييتية والمعارض الشرس للكريملن، إلى التسمم بالإشعاع في لندن خلال السنة الماضية. فقد وجه \"ليتفينينكو\" في بيان أعده قبل فترة وجيزة عن وفاته تهمة قتله صوب الرئيس بوتين، وهي التهمة التي نفاها الكريملن واعتبرها مجرد \"هراء\". ومع أن التصور السائد في الولاياتالمتحدة يرجع التدهور في العلاقات مع روسيا إلى الخطوات التي يقوم بها الكريملن، يرى \"جورباتشوف\" أن اللوم يرجع بالأساس إلى \"عقدة النصر\" الناتجة عن تصور سائد لدى كبار المسؤولين الأميركيين من أن الضغوط التي مارستها إدارة الرئيس \"ريجان\" أدت إلى انهيار الاتحاد السوفييتي، مشيراً إلى نائب الرئيس \"ديك تشيني\" باعتباره واحداً من هؤلاء المسؤولين. وأوضح \"جورباتشوف\" هذه العقدة قائلاً \"أعتقد بأن عقدة النصر هذه خطيرة للغاية، ذلك أن الولاياتالمتحدة لم تحقق أي شيء بمفردها، بل تعاونت مع الآخرين لإنهاء الحرب البادرة، لكن عندما يتصرفون بمفردهم تكون النتيجة فوضى عارمة\". \r\n ومع ذلك قال \"جورباتشوف\" إنه يرحب بالأجواء الجيدة التي سادت بين البلدين على هامش القمة غير الرسمية التي جمعت الرئيسين بوتين وبوش في ولاية \"ماين\"، مؤكداً أنه \"كلما تعقد الوضع أكثر بين البلدين ازدادت الحاجة إلى الحوار، لذا أنا سعيد ببوادر الحوار بين البلدين\". وعبر \"جورباتشوف\" أيضا عن أمله في أن تقود القمة الأخيرة إلى حل مسألة الدرع الصاروخية الأميركية والتخفيف من حدة المخاوف الروسية، بالإضافة إلى إرساء التعاون الدولي كوسيلة لحل المشاكل العالمية. ويعزو \"جورباتشوف\" التوتر الحالي في العلاقات الروسية- الأميركية إلى الصحفيين والسياسيين الغربيين الذين لا يعترفون بالمشاكل التي كانت تشهدها روسيا خلال عهد الرئيس \"بوريس يلتسين\"، ولا يفهمون الأعذار العملية التي دفعت بوتين إلى انتهاج بعض الممارسات غير الديمقراطية لإعادة الهيبة إلى الدولة الروسية بعد تقلده للسلطة. \r\n ويواصل \"جورباتشوف\" شارحاً الوضع الروسي المتأزم خلال فترة التسعينيات قائلاً \"لقد كان الناس يعيشون في فقر مدقع وكانت الفوضى تعم البلاد...لذا واجه بوتين سؤالاً محورياً حول الكيفية التي سيتعامل بها مع الوضع المتدهور لمنع تفكك البلد\". ومع أن \"جورباتشوف\" لم يحدد الخطوات السلطوية التي اتخذها بوتين، إلا أن هذا الأخير كان محط انتقاد من قبل المدافعين عن الديمقراطية لتكريسه سيطرة الدولة على شبكات التلفزيون، وإنهاء الانتخاب المباشر لحكام الأقاليم، فضلاً عن تشريع قانون انتخابي يجعل من الصعب على المعارضة السياسية الحصول على مقاعد برلمانية. وبالرغم من اعتراف \"جورباتشوف\" ببعض الأخطاء التي سادت خلال فترة الرئيس بوتين، إلا أنه يؤكد على ضرورة وضعها في سياقها التاريخي قائلاً \"إنني أعتقد بأن تعزيز دور الدولة، وتقوية حضورها، وهو ما قام به بوتين، أمر مبرر\". ويضيف \"جورباتشوف\" في معرض رده على الانتقادات الغربيةلروسيا \"عندما كانت البلاد في حال سيئة خلال سنوات التسعينيات، وعندما كان نصف سكان البلد، وربما أكثر يعانون من الفقر كان الغرب يصفق ليلتسين\". \r\n لكن مع تحسن الوضع في روسيا اليوم يتابع \"جورباتشوف\":\"لا أعرف لماذا يتبنى الإعلام الغربي موقفاً سلبياً إزاء روسيا، فهل تتكلمون، معشر الصحفيين الغربيين، مع جماعة من الناس تذهب بأفكارها في اتجاه واحد؟ حسنا، إنني اقترح عليكم أن تتحدثوا إلى الغالبية من الناس من دون استثناء. لذا فإنني أدعم بوتين، وأقوم بذلك عن قصد، لأنه رغم الأخطاء التي ارتكبت، إلا أنني أعتقد بأن بوتين يعمل على تغيير السياسة الروسية على نحو يفيد غالبية الناس، ويضمن الاستقرار في البلد\". \r\n \r\n ديفيد هولي \r\n مراسل \"لوس أنجلوس تايمز\" في روسيا \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n