\r\n فلماذا يهتم الفيل بالفأر كثيرا جدا ؟! ولماذا التعليقات الروسية مشحونة عاطفيا وانفعاليا جدا ؟ إن التساؤلات وثيقة الصلة بوجه خاص بما حدث في أعقاب إزالة تمثال سوفيتي قديم , وهو تمثال ما يسمى ب\" الجندي البرونزي \" , من وسط العاصمة الأستونية تالين وجزء من الإجابة هو أن التمثال يرمز إلى أشياء مختلفة لأناس مختلفين فبالنسبة للأستونيين , فإن التمثال يذكرهم بالاحتلال السوفيتي ؛ أما بالنسبة للروس فإن التمثال هو تقدير وإجلال لدور الجيش الأحمر في هزيمة ألمانيا النازية . \r\n غير أن هناك شيئا أساسيا أكثر يجري في واقع الأمر فنحن نتعامل مع قوة عظمى تفشل في التوافق مع وضعيتها ومنزلتها المتضائلة وبالنسبة لكثير من الروس , فإن أستونيا اليوم مثل فنلندا في الثلاثينيات - وهي درة سابقة في الإمبراطورية يذكر وجودها المستقل بماضِ تليد على نحو مؤلم لقد أصبحت فنلندا مستقلة في عام 1917 في وقت كانت روسيا الإمبراطورية في مرحلة تحول إلى أن تصبح الاتحاد السوفيتي لقد أصبحت أستونيا مستقلة ( لثاني مرة ) في عام 1991 , عندما كان الاتحاد السوفيتي في مرحلة التحول إلى أن يصبح روسيا فقط . \r\n وفي القرن التاسع عشر , كانت فنلندا الجزء الأحدث في الإمبراطورية الروسية ؛ وفي القرن العشرين كان لأستونيا نفس التميز في الاتحاد السوفيتي . \r\n إن وجود طفل هارب من الأب ليس أمرا سهلا ففي الثلاثينيات , اتهم الاتحاد السوفيتي فنلندا بكل أنواع الاتهامات - أنها كانت أداة نازية , وأنها متعاطفة مع النازية , وأنها جارة غير موثوق فيها . \r\n وفي ربيع عام 2007 تكال اتهامات مماثلة ضد أستونيا : أنها تسيء معاملة الروس , وتمجد الفاشيين , وأنها - بالطبع - جارة غير موثوق فيها . \r\n والمرء يمكن أن يفهم لماذا كانت روسيا في أيام ستالين معادية جدا لفنلندا الرأسمالية في الثلاثينيات ولكن لماذا تعد روسيا في عهد بوتين معادية جدا لأستونيا الديمقراطية ؟ على أي حال , فإن تمثال \" الجندي البرونزي \" له صلة بالاتحاد السوفيتي , وليس بالاتحاد الفيدرالي الروسي . \r\n والإجابة بسيطة : وهي أن النظام الروسي الحالي يرى نفسه وريثا للاتحاد السوفيتي . \r\n إن التباين مع سنوات يلتسين جذري - فبوريس يلتسين تحول ضد الاتحاد السوفيتي وأعلن روسيا مستقلة عن الإمبراطورية السوفيتية وفكريا وثقافيا كان في نفس المعسكر مع الأستونيين واللاتيفيين والليتوانيين - وكلهم كانوا يريدون قطع الوصال مع الماضي . \r\n ومسألة قطع الوصال مع الماضي هي آخر شئ يريده الرئيس فلاديمير بوتين . فتفكك الاتحاد السوفيتي - بالنسبة له - كان أكبر خطأ جيوبولوتيكي ( متعلق بالجغرافيا السياسية ) في القرن العشرين وبالنسبة له ليس هناك فرق بين روسيا اليوم والاتحاد السوفيتي بالأمس وروسيا الإمبراطورية بالأيام الخالية فتاريخ هذه الكيانات الثلاثة هو تاريخ مستمر متواصل للعظمة الروسية . \r\n ويريد \" الكرملين \" إبقاء آخر مبرر أخلاقي لوجود الاتحاد السوفيتي - وهو أن شعبه الجسور لعب دورا حاسما في هزيمة ألمانيا النازية وبدون هذا المبرر , تبدو الحقبة السوفيتية برمتها تجربة مؤسفة , وفترة سخيفة من فترات التاريخ . \r\n وبمهاجمة الأستونيين على نقص احترامهم لتثمال سوفيتي قديم , يرسل الروس تحذيرا قويا لأي أحد يسعى إلى مساواة الاتحاد السوفيتي بألمانيا النازية . \r\n إن الرهانات كبيرة فقد تطلب الأمر بالنسبة لفنلندا حربين وخمسين عاما من العناء الدبلوماسي للوصول إلى علاقة مريحة مع روسيا . \r\n لا أحد يتحدث عن حرب الآن , ولكن من الواضح تماما أن العداء بين روسيا وأستونيا لن ينتهي في أي وقت قريب . \r\n \r\n ريستو بنتيلا \r\n مدير مؤسسة \" إي في أيه \" وهي مؤسسة اقتصادية فنلندية \r\n خدمة \" إنترناشيونال هيرالد تريبيون \" - خاص ب\" الوطن \"