وعلى الرغم من عدم ربط مصادر \"بى بى سى\" البريطانية وقناة \"فرانس 24\" الفرنسية قفزتهما إلى عالم المشاهدين العرب لمنافسة \"الجزيرة\" وقناتها باللغة الانجليزية، فان الواقع أنهما قد أعلنا أو بدأ بالفعل في الشهر الجاري المرحلة التجريبية لقنوات جديدة باللغة العربية. \r\n \r\n وقد أقر دانييل دود، رئيس الإستراتيجية في \"بى بى سى\"، أن الوقت غير مناسب لإطلاق قناة باللغة العربية، مذكرا بأن الحرب في العراق قد خلقت مناخا قويا مناهضا تجاه المملكة المتحدة في المنطقة العربية، ومن ثم فان مهمة القناة الجديد المقرر بدأها في نوفمبر المقبل، سوف تكون مهمة عسيرة. \r\n \r\n وبدوره، ذكر هنرى بيجات، رئيس مركز تأهيل الصحفيين، ومقره باريس، أن قرار \"فرانس 24\" بإطلاق قناة باللغة العربية هو جزء من خطة تمتين هذه المؤسسة العامة-الخاصة التي تأسست منذ أقل من عامين. وحتى الآن، بثت \"فرانس 24\" أخبارها باللغة الفرنسية، وأضافت مؤخرا قناتها باللغة الانجليزية على مدار الساعة. \r\n \r\n ولقد نشأت \"فرانس 24\"، بعد بضعة سنوات تحضيرية، كجواب للقلق الفرنسي، على المستويين الرسمي والخاص، تجاه غياب صوت لفرنسا في النظام التليفزيوني العالمي، لبث أنباء ولاسيما تحليلات إخبارية من المنظور الفرنسي. واتضح هذا الفراغ أثناء المرحلة السابقة لغزو العراق، حيث لم تحظى تصريحات الرئيس الفرنسي جاك شيراك بالصدى الكافي بين شبكات التليفزيون العالمية عامة والأمريكية خاصة. \r\n \r\n ويجدر التذكير بأنه باستثناء شبكة التليفزيون الايطالية \"راى\" التي تبث باللغة العربية لمدة ساعتين في اليوم، فان بقية الشبكات العالمية، سواء كانت أمريكية أو يابانية، روسية، ألمانية، أو أسبانية، لا تبث باللغة العربية وإنما باللغة الانجليزية، بالإضافة إلى لغاتها ألأصلية. \r\n \r\n ولقد عقب محمد مستر، بجامعة قطر، أن المشروعات التليفزيونية الموجهة للمنطقة العربية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار التغير الثقافي الواقع عبر \"الجزيرة\" و\"العربية\" وغيرها، والتي تصل إلى أكثر من 40 مليون مشاهدا حسب مصادرها. فبدون المصداقية الواجبة، لن يكتب للمشروعات الجديدة النجاح، كما سبق وأن حدث مع قناة \"الحرية\" التي أسست بمبادرة من حكومة الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n كما يرى الصحفي عبد الباري، مدير تحرير \"القدس العربي\" في لندن، أن احترام الثقافة المحلية أو الإقليمية سوف تكون له أهمية أكبر من آخر الابتكارات التكنولوجية أو حجم الاستثمارات. \r\n \r\n لكن \"الجزيرة\"، وهى الشبكة الوحيدة من الجنوب التي تتغلغل في الشمال من خلال برامجها باللغة الانجليزية، تواجه بدورها تحديات كبيرة. فعلى مدى العشر سنوات الأخيرة، أطلقت أيضا قنوات متخصصة في الرياضة، والطفولة،والاقتصاد، والوثائقية، إضافة إلى برامجها باللغتين العربية والانجليزية. \r\n \r\n كما أعلنت عن نشر صحيفة باللغة العربية في نهاية العام الجاري، وشبكة أخبار من خلال الهواتف الجوالة، وذلك استكمالا لأبعادها كمؤسسة إعلامية متعددة الوسائل. \r\n \r\n ومن خواص \"الجزيرة\" أن العاملين بها من بلدان عربية مختلفة، لا من قطر وحدها. واتبعت نفس النمط في برامجها باللغة الانجليزية، التي تبثها من مقرها في الدوحة، ولندن وواشنطن وكوالالمبور، حيث التحق بها صحفيون معروفون من المملكة المتحدةوالولاياتالمتحدة، سبق وأن عمل البعض منهم لحساب \"بى بى سى\" و\"سى إن إن\" و\"أ بى سى\". \r\n \r\n ويقول أحدهم، وهو الصحفي الأمريكي ديفيد ماراش، \"تركز الشبكات التي تتنافس مع \"الجزيرة\" 80 في المائة من أخبارها ومواردها في الولاياتالمتحدة وأوروبا الغربية، أما \"الجزيرة\"، في برامجها باللغة الانجليزية، فهي تغطى هذه المناطق، ولكن بنشر شبكتها الصحفية في أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا وشرقها أيضا. وخلاصة، فان قناتنا (الجزيرة) تحظى بأفضلية فيما يعرف بجنوب العالم\". \r\n \r\n ويضيف ماراش أن 80 في المائة أيضا من مشاهدي \"الجزيرة\" المقدر عددهم بنحو 88 مليونا خارج الولاياتالمتحدة، يلمون باللغة الانجليزية أيضا كلغتهم الثانية، ولذلك فهي تهتم بتقديم خدمات عالية الجودة لاسترعاء اهتمامهم، من خلال توفير \"القدر الأكبر من الشفافية والدقة وأفضل تصوير للحقائق\". \r\n \r\n وأخيرا، شدد ماراش على أهمية القفزة النوعية التي تنطوي عليها بالنسبة ل \"الجزيرة\" قناتها باللغة الانجليزية على مدار الساعة \"فان أردنا أم أبينا، اللغة الانجليزية هي لغة السياسة والاقتصاد والفلسفة في العالم المعاصر\". \r\n \r\n من السهل التوقع أن السباق التليفزيوني العالمي سوف يتكاثف في الشهور والأعوام المقبلة، وأن المزيد من الفاعلين سوف يقفزون إلى هذا المسرح الاستراتيجي، مما سوف يعدل المعايير القديمة للموازنات الإعلامية بين شمال العالم وجنوبه. *مدير عام وكالة الأنباء العالمية \"انتر بريس سيرفيس\" (آي بى اس).(آي بي إس / 2007)