\r\n \r\n تأرجحت السياسات الأوكرانية بين المصالح والضرورات المتنافسة وهي الاندماج بشكل إضافي في المجتمع الأوروبي والدول الواقعة على المحيط الأطلنطي أم إقامة روابط اقتصادية وسياسية قوية مع روسيا من جديد وترتبط مع هذه العوامل رؤيتان مختلفتان تماماً عن الهوية الأوكرانية وماهية الدور الذي يجب أن تقوم به حيث يؤكد البعض على أهمية العلاقات مع دول أوروبا الوسطى وضرورة الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية مع روسيا، بينما يرى البعض أن أوكرانيا هي جزء مؤسس من العالم السلافي الشرقي. \r\n وتسود هذه الانقسامات داخل المجتمع الأوكراني والمؤسسات العلمية والمجتمع التجاري والأحزاب السياسية وبعد الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2006، بدا أن أوكرانيا كانت تمضي قدماً في اتجاه تحقيق \"التعايش\" على النمط الفرنسي بين الرئيس فيكتور يوتشينكو ، زعيم الثورة البرتقالية والذي يمتلك بعض السلطة لمواصلة مسيرة أوكرانيا نحو الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي والفوز بعضوية حلف \"الناتو\"، وبين رئيس الوزراء فيكتور يانوكوفيتش، الذي يدير كل العلاقات الاقتصادية الأوكرانية المهمة مع روسيا. \r\n ولكن هذا النمط لم يحظ أبداً بالثبات والاستقرار وفي الشهور الماضية ، بدأ يانوكوفيتش في محاولة توسيع عضوية ائتلافه الحاكم لكي يصل إلى الرقم السحري وهو 300 نائب ، والذي لا يحقق له الأغلبية التي يمكنها اعتراض إصدار أي قرار فحسب، ولكن يمنحه القدرة على تعديل الدستور ومن ثم سلب يوتشينكو قدرا كبيرا من سلطاته المتبقية وقد تمكن يانوكوفيتش من استقطاب عدد كبير من المنشقين عن كتلة يوتشينكو ويصر الجانب البرتقالي على أن هذه الخطوة تمثل انتهاكاً لقانون يحظر انفصال النواب عن الحزب الذين خاضوا الانتخابات تحت مظلته والعمل كمستقلين وعلاوة على ذلك ، في هذه الدولة التي تكثر فيها الانقسامات ، لا يعترف عدد كبير من أنصار الثورة البرتقالية بتحالف يانوكوفيتش الذي يضم الشيوعيين ، ولا يرون أنه يمثل صوتاً أصيلاً للشعب الأوكراني ولهذا السبب يصر أنصار الثورة البرتقالية على إجراء انتخابات جديدة . \r\n ومن بين الخلافات الجوهرية بين الكتلتين هو الاختلاف حول أهمية عضوية حلف الناتو، الذي ينظر إليه عدد كبير من الأوكرانيين ذوي التوجهات الغربية على أنه يمثل حدا فاصلاً لإنهاء التبعية والسيطرة الروسية ولكن المشكلة هي أن معظم الأوكرانيين لا يؤيدون هذه الفكرة وقد وضعت هذه الحقائق الولاياتالمتحدة وأوروبا في موقف حرج وصعب بين دعم ديمقراطية الأغلبية والرغبة في وصول سياسيين من ذوي التوجهات الغربية إلى السلطة وعلى المدى القصير، فإن أفضل حل لكل هذه التطورات هو تدخل المحكمة الدستورية للفصل في شرعية قرار يوتشينكو والتزام كل الأحزاب بهذا القرار وفي عام 2004، أثنى الغرب على قرار المحكمة الدستورية بإعادة انتخابات الرئاسة الأوكرانية بعدما ثبت حدوث تزوير في هذه الانتخابات ، وهو الأمر الذي مكن يوتشينكو من الوصول إلى السلطة وفي الوقت الراهن، يجب أن يتجنب الغرب مغريات تشجيع أصدقائها على عدم احترام حكم المحكمة إذا ما كان في غير صالح يوتشينكو ويتعين على روسيا أيضاً أن تتوقف عن التدخل في الشئون الأوكرانية. \r\n وبغض النظر عن طريقة حل الأزمة الراهنة ، سوف تستمر الانقسامات الداخلية في أوكرانيا لفترة طويلة ويحتاج رجال السياسة الأوكرانيون إلى بذل جهود صادقة من أجل التوصل إلى حكومة وحدة وطنية ويتعين على أنصار يانوكوفيتش الالتزام بعدم تعديل الدستور، ويجب أن تتفق كل الأطراف على أن الأمور التي تتعلق بوحدة أوكرانيا الجيوسياسية مثل عضويتها في حلف الناتو يجب دراستها واعتمادها بتأن وترو . \r\n \r\n نيكولاس غفوسديف \r\n محرر بجريدة ذا ناشيونال انترست الأميركية \r\n خدمة انترناشيونال هيرالد تريبيون خاص ب (الوطن)