\r\n \r\n لقد تلوت المحاكمة واستمرت لأربعة أعوام, ومات كل من القاضي الرئيس في المحكمة وميلوسيفيتش في شهر مارس من العام الماضي قبل إمكانية العودة إلى حكم نهائي. والآن يرقص الراقصون حول حلبة الرقص مرة أخرى. فهذه الجولة تجلب لنا حكم محكمة العدل الدولية, في دعوى مدنية ما كان يجب أن تحضر إذا كانت نتيجتها هزيلة جدا بهذا الشكل. ففي عام 1993, رفعت البوسنة قضية على صربيا في محكمة العدل الدولية, التي تعرف أحيانا باسم المحكمة الدولية لقيامها بالتخطيط والتحريض وارتكاب إبادة جماعية في صراع البوسنة. ودفعت البوسنة بأن قنص وتدمير الميلشيات الصربية للجيوب المدنية, وتعذيب واغتيال المحتجزين وبعدها ارتكاب مذبحة لأكثر من 7.000 رجل وطفل مسلم في سربرينتسا, يرقى إلى جريمة الإبادة الجماعية الشائنة الشنيعة. وفي الشهر الماضي أغفلت المحكمة قضية البوسنة في كل التهم تقريبا. فقد حكم القضاة بأن الحملة الصربية من العنف والتطهير العرقي ضد مسلمي البوسنة يمكن ألا تشكل إبادة جماعية. وقالت المحكمة: إن المثال العملي الوحيد على الإبادة الجماعية كان هو تنفيذ الإعدام الجماعي بحق الأسرى في سربرينتسا في عام 1995, وحتى هذا فإن صربيا لم تكن متورطة بشكل كاف في ارتكاب الجريمة. وهذه نتيجة جديرة بالملاحظة. صحيح أن سربرينتسا أيقظت الغرب من سياته وجلبت إجراء وعملا عسكريا من الناتو, ولكن اللهيب والحريق العرقي كان معترما بالفعل لمدة ثلاث سنوات, بأعمال لا حصر لها من العنف القومي الهادف إلى طرد المسلمين من شمال وجنوب وشرق البوسنة . \r\n غير أن محكمة العدل الدولية تتملص من الاعتراف, وتفشل في شرح لماذا كانت المذبحة المتعمدة للمدنيين في بلدة برتشكو في عام 1992, تعني دفع وطرد المسلمين بعيدا عن ممر نهر سافا, أو لماذا كان تعذيب وتجويع المدنيين المسلمين في فوتشا, مختلفا في النوع عن جرائم سربرينتسا بقصد تأمين وضمان وادي درينا. وتضع المحكمة جنحة واحدة على أعتاب صربيا: إن بلغراد فشلت في اتخاذ خطوات \" لمنع \" الإبادة الجماعية في سربرينتسا. ولهذا - كما تقول المحكمة - ليس هناك استحقاق لتعويضات. ولكن هذا الخطأ السلبي يفشل في مساءلة برنامج بلغراد القوي والنشط في تمويل وتجهيز ودعم الميليشيات الإجرامية مثل \" نمو آركان \" و \" الذئاب الرمادية \" , وكذلك القوات التي تخصصت في تسوية قرى المسلمين بالأرض. إن حكم المحكمة له تعقيدات وتوريطات واسعة. فهو يرقى إلى تبرئة ميلوسيفيتش بعد موته على القتل الجماعي في البوسنة. وبالرغم من أنه كان قد خطط لتقسيم البلد إلى قسمين, في خطة تم تصميمها مع رئيس كرواتيا فرانكو تودجمان, وهندسة استراتيجية التطهير العرقي العنيف, إلا أن المحكمة خلصت إلى هذا لم يرق إلى كونه حملة لتدمير الجماعة العرقية من مسلمي البوسنة ككل أو جزئيا, لأنه ( أي ميلوسيفيتش) كان يدفع ويضغط فقط على أعدادهم القليلة في أماكن آخرى. وقد يأخذ الأمر سنوات من الدراسة لفهم كيف يمكن أن يكون ذلك صحيحا وحقيقيا . والأسوأ من ذلك , أنه بالقول إن مذبحة سربرينتسا فقط هي التي ارتقت إلى إبادة جماعية, فإن محكمة العدل الدولية تحدد وتقيد التهم التي يمكن جلبها بفعالية ضد قائدي صرب البوسنة رادوفان كاراديتش وراتكو ملاديتش , إذا سمحت لهما بلغراد أخيرا بأن يتم اعتقالهما . من الصعب القول لماذا لم تتراجع المحكمة عن هذه النتائج الوخيمة الأليمة . ولكن كان هناك عثرات وزلات فنية وأفخاخ وشراك سياسية في حكمها , فأولا , رفضت محكمة العدل الدولية معيار المسؤولية المتحملة المستخدم في المحاكمة الجنائية الأممية ليوفسلافيا السابقة . وبتطبيق اتفاقات جنيف على القتال في البوسنة , خلصت المحكمة الجنائية مبكرا إلى أن دعم بلغراد كان كافيا لتحويل أقسام كبيرة من الصراع إلى حرب دولية . ولكن محكمة العدل الدولية وبخت وقرعت المحكمة الجنائية الأممية على تقديم رأي في مسألة من مسائل القانون الدولي \" العام \" مثل مسؤولية الدولة , ورفضت - بالرغم من أكثر من 10 سنوات من قانون الحالة الجنائية المستقر - استنتاج المحكمة الجنائية. وهذا التنافس القريب بين المحاكم الدولية سمي بلطف \" بالتقسيم \". كما تصر محكمة العدل الدولية أيضا على أنه ما لم تعط بلغراد \" أوامر مباشرة \" لعمليات خاصة , أو ما لم يكن صرب البوسنة \" معتمدين اعتمادا كاملا \" على بلغراد , فليس هناك مسؤولية على الإطلاق . وهذه ستكون مفاجأة لعلماء قانون الضرر العادي , الذين هم معتادون على افتراض أن المسؤولية عن ارتكاب الخطأ يمكن المشاطرة أو المشاركة فيها. وفي الواقع, فإن معيار المحكمة الضعيف يتناقض مع قرار مجلس الأمن رقم 1273, الذي تم تمريره في أعقاب 11 سبتمبر, والذي ينص على أنه ليس هناك دولة لها الحق في توفير أي معلومات استخباراتية أو سبل لوجيستية أو تمويل للانشطة الإرهابية . وثانيا , تطبق محكمة العدل الدولية مطالب الإثبات والدليل الجنائي على قضية مدنية . ويصر القضاة على أنه حتى بالنسبة للمسؤولية المدنية , يتعين أن يكون الإثبات والدليل ضد بلغراد \" حاسم تماما \" و \" لا جدال فيه ولا يقبل الجدل \" مع وجود مستوى من التيقن والتأكد \" يتجاوز أي شك \" . وهذا المعيار يكون معروفا جيدا عدما يغلق باب السجن , ولكنه يتجاوز مطالب المسؤولية المدنية . ثالثا , محكمة العدل الدولية لديها حرج وارتباك قضائي صغير . فبعد التدخل العسكري للناتو في كوسوفو , ذهبت صربيا إلى المدعي الأممي بجرائم الحرب لتقديم شكوى بشأن أساليب القتال الحربية التي استخدمها حلف الناتو . فخلص المدعي العام الأممي إلى أنه لم يكن هناك أساس من أجل تحقيق جنائي مع الحلف . فرفعت صربيا عتدها دعاوى ضد دول مختلفة من دول حلف الناتو في محكمة العدل الدولية. وتم إغفال هذه الدعاوى على أساس أن يوغسلافيا لم تعد عضوا في الأممالمتحدة ومن ثم فليس لديها حق المدعي في الوصول إلى المحكمة. ولكن هذه الأسباب قطعت أيضا الطريقين - كما دفعت بذلك بلغراد - قائلة بإن عدم الأهلية كمدعٍ يجب أيضا أن تحمي صربيا كمدع عليه في الدعوى المدنية المقامة من البوسنة . إن إبطاء وإبقاء الشكوك حول الاختصاص القضائي يمكن أن يكون قد قلل من استعداد المحكمة لتقديم نتائج أكثر قوة متعلقة بالمسؤولية في قضية الإبادة الجماعية للبوسنيين . لقد حكمت محكمة العدل الدولية بأن المعاهدة والميثاق الخاص بموضوع القتل الجماعي يتتطلب أن تسلم صربيا المشتبه في ارتكابهم لجرائم مثل كاراديتش وملاديتش, اللذين هما مطلوبان من قبل محكمة جرائم الحرب التابعة للأمم المتحدة. ولكن هذه نتيجة زائدة عما هو محتاج إليه إي لا لزوم لها حاليا لأن سلطة مجلس الأمن القانونية تتطلب بالفعل تسليمهم . من الجيد أن صربيا قد تنضم ثانية قريبا إلى أوروبا , ولكنها لا تسهل وتييسر ذلك الانضمام الجديد لإخفاء ما حدث في الماضي . \r\n \r\n روث ويدجوود \r\n أستاذ القانون الدولي بكلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة \" جونز هوبكينز \" الأميركية \r\n خدمة \" إنترناشيونال هيرالد تريبيون \" - خاص ب\" الوطن \"