\r\n \r\n \r\n لذلك علينا، حسب هؤلاء، ألا نعول كثيراً على الزيارة الحالية للرئيس بوش لتحسين آفاق التعاون المشترك بين الولاياتالمتحدة، وهذا الجزء من العالم بهدف تحقيق الأهداف الأميركية. أما في \"اليمين\" فتذهب النظر السائدة إلى أن اللاتينيين أنفسهم فشلوا في تطوير اقتصادياتهم ومؤسساتهم السياسية لإخراجها من أزماتها المتكررة، وبالتالي فإنه ليس لديها ما تقدمه للولايات المتحدة، ما يفسر إهمالها من قبل الإدارة الأميركية في ظل الأولويات الأخرى التي يضج بها العالم. \r\n والواقع أن كلتا النظرتين خاطئة، إذ يعتمد نجاح الجهود الأميركية في مواجهة التحديات الكبرى المطروحة في الساحة العالمية على توثيق علاقات التعاون والتنسيق مع شركائنا في أميركا اللاتينية. وفي هذا الإطار تبرز مجموعة من القضايا العاجلة التي تحتاج إلى تنسيق مشترك مثل الحد من الانتشار النووي، والقيام بمهام حفظ السلام، وأمن الطاقة، فضلاً عن التركيز على محادثات التجارة العالمية. وبالطبع تحتل علاقة الولاياتالمتحدة مع البرازيل مكانة مهمة في تطوير المقاربة الاستراتيجية الجديدة التي يراد توطيدها مع شركائنا في أميركا اللاتينية. وتشكل الزيارة التي يقوم بها الرئيس بوش إلى دول أميركا الجنوبية فرصة جديدة لإعادة الدفء إلى العلاقات الثنائية مع البرازيل، الدولة الأكبر في أميركا اللاتينية وبحث سبل تطوير الشراكة بين البلدين. \r\n فالبرازيل ما فتئت تبعث بإشارات تدل على استعدادها لتطوير علاقتها مع الولاياتالمتحدة، حيث تخلت طواعية ومن تلقاء نفسها، عن أسلحتها النووية لتطمئن جارتها الشمالية. وفي الوقت الذي تواصل فيه إيران جهودها لتطوير قدراتها النووية، فإنه من شأن الشراكة الفاعلة مع البرازيل من خلال \"الوكالة الدولية للطاقة الذرية\" أن تدعم الجهود الدولية الرامية إلى منع إيران من حيازة السلاح النووي. ويمكن للبرازيل أيضاً أن تعطي مثالاً جيداً للدول العربية التي تسعى إلى تطوير الطاقة النووية لأغراض سلمية. فبتحسين علاقتها مع عدد من الدول العربية تقوم البرازيل بتعزيز مصداقيتها لدى تلك الدول كشريك محتمل قادر على مواجهة النفوذ الإيراني، الذي بدأ يتوسع في الشرق الأوسط، لاسيما بعد الزيارة الأخيرة التي حملت الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى عدد من دول أميركا اللاتينية وتحالفه مع بعض الأنظمة الشعبوية في المنطقة مثل هوجو شافيز في فنزويلا. والأكثر من ذلك أن البرازيل التي يحكمها \"اليسار\" المعتدل في هذه المرحلة قد تلعب دوراً إيجابياً للتخفيف من الموجة الشعبوية التي تكتسح بعض دول أميركا اللاتينية، وتقلل من التوجه المعادي للولايات المتحدة. هذا ولم يقتصر دور البرازيل على أميركا اللاتينية، بل شاركت في عدد من مهام حفظ السلام في مناطق مختلفة من العالم سواء ضمن منظمة الأممالمتحدة، أو منظمة دول الأميركتين. \r\n وقد كان الحضور البرازيلي واضحاً في الأزمة التي عصفت بهاييتي، كما سُجل حضورها أيضاً في عدد من الدول الأفريقية الناطقة بالبرتغالية. هذه الجهود التي تبذلها البرازيل على الساحة الدولية من شأنها إضفاء المزيد من المصداقية على تحركاتها، فضلاً عن تشجيعها على المشاركة في تحمل مسؤولياتها كلاعب أساسي على الساحة الدولية. ويمكن للتعاون الأميركي- البرازيلي أن يمتد إلى مجال الطاقة الذي أضحى على قدر كبير من الأهمية، إذ يمكن الاستفادة من الخبرة البرازيلية في إنتاج \"الإيثانول\"، وبخاصة أنها المُصنّع الأول له على الصعيد العالمي. \r\n وإذا كانت البرازيل تعتمد على السوق الصينية فضلاً عن الأسواق الأوروبية لتسويق \"الإيثانول\"، فإنه من شأن تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين أن يمنح البرازيل فرصة الاستفادة من السوق الأميركية لتسويق منتجاتها. \r\n وعلى رغم من صعوبة الاعتماد كلية على مصادر الطاقة المتجددة غير المضرة بالبيئة مثل \"الإيثانول\" وغيره، فإن الجهود التي تبذلها البرازيل في هذا الإطار، وقطعها لأشواط كبيرة في مجال إحلال \"الإيثانول\" مكان الوقود الأحفوري، من شأنها أن تفتح الطريق أمام باقي الدول لاعتماده كمصدر للطاقة. وبتبني الولاياتالمتحدة لمصادر الطاقة البديلة من خلال الاستثمار المكثف في تطويرها وخفض انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، تكون أميركا قد سحبت البساط من تحت أقدام \"هوجو شافيز\"، الذي يعتمد على الريع النفطي لتسويق أفكاره الشعبوية في المنطقة وبناء حركة أيديولوجية مناوئة للولايات المتحدة. وأخيراً يتعين العمل على معالجة جميع الخلافات المتعلقة بحرية التجارة بين البلدين من خلال الوصول إلى اتفاق ينظم مسألة الدعم الزراعي وفتح الأسواق أمام المنتجات الصناعية. ويبدو أن النقاشات الجارية بهذا الشأن بين مسؤولي البلدين تبشر بقرب التوصل إلى اتفاق ينهي القضايا التجارية العالقة بين أميركا والبرازيل. وبتركيز جهود التعاون على بعض الميادين المحددة، التي تهم المصالح المشتركة بين البلدين، تستطيع الولاياتالمتحدة والبرازيل تعزيز علاقاتهما والتنسيق في مواجهة التحديات التي تعصف بأميركا اللاتينية. \r\n \r\n نائب رئيس \"مجلس منظمة دول الأميركيتين\" \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n