\r\n وأقام كتلته التجارية على ميول اشتراكية، ولم يترك نزاعاً بين دولتين في المنطقة إلا وتدخل فيه حتى دون أن يطلَب منه ذلك. بيد أن تدخل شافيز السافر في شؤون الدول المجاورة بدأ يستجلب نتائج عكسية بعدما أبدت بعض الدول انزعاجها من التدخل في شؤونها الداخلية. ففي المكسيك والبيرو مثلاً أدى تدخل شافيز لصالح بعض المرشحين في الانتخابات الرئاسية إلى أفول نجمهم إثر معارضة الشرائح الشعبية لسياسات فنزويلا، وهو ما دفع مسؤولي دول أميركا اللاتينية من المكسيك إلى نيكاراجوا ومن البيرو إلى البرازيل إلى التعبير عن نفاد صبرهم إزاء محاولات شافيز فرض أجندته على المنطقة. \r\n فقد اندلعت في الشهر الماضي أزمة دبلوماسية إثر تبادل شافيز والرئيس البيروفي \"أليخاندرو توليدو\" انتقادات على الملأ ترتب عنها سحب البيرو لسفيرها في كاراكاس مبررة ذلك ب\"التدخل السافر\" في شؤونها. وفي هذا السياق قال جورجي كاستنيدو، وزير الخارجية المكسيكي السابق والأستاذ بجامعة نيويورك حالياً \"لا يهتم شافيز بما يتفوه به من كلمات، وهو يتسبب في الكثير من التوتر مع جيرانه\" مضيفاً \"إن المشكلة حالياً أنه بدأ يتنابز بالكلمات مع أصدقائه وليس مع خصومه\". ورغم الصورة الإيجابية التي مازال يتمتع بها الرئيس هوجو شافيز بسبب انتقاداته اللاذعة لإدارة الرئيس بوش، خصوصاً في أوساط الفقراء، فإن أعداداً متزايدة من الناس بدأت تعبر عن خشيتها من اللهجة القومية الحادة التي يعزف عليها شافيز، لاسيما في ظل الفروق والتجاذبات التي يثيرها بسياساته المندفعة. \"ريودران رويت\"، مدير قسم دراسات أميركا اللاتينية في جامعة \"جون هوبكنز\" الأميركية علق في هذا السياق قائلا: \"لقد بدأ شافيز في التمدد خارج بلاده محاولاً التدخل في كل شيء\" مستطرداً \"إنها مسألة إفراط في الأنانية\". \r\n ولعل المثال الأوضح على سياسة شافيز هو موقفه المتصلب تجاه حكومات أميركا اللاتينية وتخييرها بين إقامة أميركا لاتينية موحدة، وبين ممارسة التجارة مع واشنطن التي يعتقد شافيز أنها تفقر المنطقة، قائلاً في أحد تصريحاته \"عليكم الاختيار بين مجتمع موحد، أو بين أميركا\". وفي أواخر شهر أبريل الماضي أغضب شافيز كلاً من كولومبيا والإكوادور وبيرو عندما أعلن انسحاب بلاده من \"مجموعة الأنديز\" التجارية بسبب سعي البلدان الثلاثة إلى إبرام اتفاقيات التجارة الحرة مع الولاياتالمتحدة. وكبديل عن تلك المجموعة مال شافيز ناحية كوبا وبوليفيا اليساريتين لتشكيل كتلة تجارية جديدة. وبينما جاءت خطوة شافيز مليئة بالإشارات السياسية، يؤكد المحللون أن الكتلة التجارية الجديدة لا تتيح فرصاً حقيقية على الصعيد الاقتصادي، بل هي تهدد اندماج دول الأنديز في أميركا اللاتينية التي مازالت تعتمد على الأسواق الأميركية. \r\n \"مايكل شيفتر\"، محلل سياسي بارز في مجموعة الحوار بين الأميركتين بواشنطن يقول \"يبدو أن فكرة شافيز حول السيادة تتميز بالانتقائية، فخطابه الذي يخيِّر الناس بين أن يكونوا معه، أو ضده، ينفر معظم الشعوب في أميركا اللاتينية التي ترى في مثل هذا الخطاب ضرباً من العجرفة سواء أكان صادراً من شافيز أو من الولاياتالمتحدة\". يشار إلى أن التوتر الحالي بين الحكومة البيروفية وشافيز اندلع الشهر الماضي عندما احتج الرئيس \"توليدو\" على الانتقادات التي وجهتها فنزويلا إلى دول \"الأنديز\" على خلفية تعاونها مع واشنطن، في الوقت الذي تبيع فيه كاراكاس معظم نفطها إلى الولاياتالمتحدة نفسها. وكان الرئيس \"توليدو\" قد توجه بكلام مباشر إلى شافيز في خطاب أدلى به قائلا: \"تعلَّم يا شافيز كيف تحكم على نحو ديمقراطي، وتعلَّم كيف تتعاون معنا، فنحن نمد لك أيدينا من أجل اندماج اقتصاد أميركا اللاتينية، لكن لا نريدك أن تزعزع استقرار المنطقة بأموالك\". \r\n وفي البيرو دائماً قام شافيز بدعم \"أولانتا هومالا\"، المرشح في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في شهر يونيو المقبل بعد انتقاد المرشح المنافس \"ألان جارسيا\" لسياسة شافيز الذي لم يخفِ دعمه لغريمه قائلا \"أتمنى أن يصبح (أولانتا) رئيساً للبيرو\". والأكثر من ذلك أن شافيز وصف\"جارسيا\"، الذي كان رئيساً سابقاً للبيرو ب\"اللص\" على خلفية فضائح الفساد التي سادت إبان فترته الرئاسية، مهدداً بسحب سفيره إذا ما فاز في الانتخابات الرئاسية. \r\n لكن البيرو لم تنتظر تحرك شافيز حيث قامت هي بسحب سفيرها من كاراكاس، ما دفع حكومة شافيز إلى الرد على الخطوة البيروفية بنعت الرئيس الحالي توليدو ب\"فرَّاش الرئيس بوش\". وخلافاً للتوقعات استفاد \"ألان غارسيا\" من انتقادات شافيز ليدعم موقفه في الحملة الانتخابية، حيث أكدت استطلاعات الرأي تقدمه على باقي منافسيه. ولم تقتصر النزاعات بين شافيز والدول المجاورة في أميركا اللاتينية على الجوانب السياسية، بل تجاوزت ذلك إلى المصالح الوطنية الحيوية. فقد شجع شافيز مثلاً قيام بوليفيا بتأميم قطاع الطاقة خلال الشهر المنصرم، رغم انزعاج البرازيل والأرجنتين اللتين تعتمدان على الغاز الطبيعي البوليفي. ومع أن شافيز لم يكن طرفاً في النزاع الذي نشب بين بوليفيا والدول المتضررة من قرارها بتأمين قطاع الطاقة، إلا أنه خلال اجتماع ضم قادة دول البرازيل والأرجنتين وبوليفيا من أجل التخفيف من حدة الأزمة هيمن شافيز على النقاش ولم يترك المجال لتدخل باقي القادة، ما أثار غضب الكثيرين في البرازيل التي حيث اتهموا رئيسهم بعدم الاستماتة في الدفاع عن مصالح البلاد. \r\n \r\n خوان فوريرو \r\n \r\n مراسل \"نيويورك تايمز\" في كولومبيا \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n