\r\n وقد قادتنا الصورة التي توصلت إليها \"مؤسسة زغبي العالمية لاستطلاعات الرأي\" من خلال ذلك الاستطلاع، إلى وصف الطبقة المعنية، إلى جانب قياس عام لتصرفاتها بشأن عدد من الاهتمامات الاجتماعية والاقتصادية. وكما قلتُ من قبل، فإن أغلبية المنتمين إلى الطبقة الوسطى الخليجية، هم من فئات الموظفين الذين تطلق عليهم تسمية \"ذوي الياقات البيضاء\" في الغرب. ولهؤلاء توقعاتهم وتطلعاتهم إلى حراك اجتماعي صاعد لهم ولأطفالهم. وعلى رغم التباين بين دولة وأخرى من الدول التي غطاها الاستطلاع، فإن هذه القراءة الأولية للبيانات، تنم عن نظرة إيجابية غالبة، لأفراد هذه الطبقة عموماً. وذلك هو الجانب الإيجابي من استطلاع الرأي. وبتعديلنا لزاوية النظر وتخطينا للبعد الأحادي لتلك الصورة العامة السريعة، فسيكون في وسعنا النظر إلى صورة أخرى مغايرة لتلك التي قدمناها، بما فيها الكشف عن الجوانب الأكثر إثارة للاهتمام. \r\n فعلى سبيل المثال، تبدو الصورة العامة للطبقة الوسطى السعودية، إيجابية لدى قياسها العام كطبقة اجتماعية، إلا أنه وعندما ننظر إليها من زاوية العمر، أو ما إذا كان أفرادها يعملون في القطاع العام أو الخاص، فسرعان ما تبدو لنا صورة مغايرة تماماً لما رأيناه. من ذلك مثلاً أن بعض السعوديين دون سن الثلاثين، يشكون من انعدام الأمن الوظيفي، ومن انخفاض دخولهم ومستوى الحياة التي يعيشونها، أكثر مما يفعل من هم أكبر منهم سناً من أبناء الطبقة نفسها. وعند النظر عن كثب لصورة البيانات الخاصة بهؤلاء الشباب السعوديين، فإننا نستطيع أن ندرك الأسباب الكامنة وراء هذا الشعور السلبي. ويتلخص هذا في أن غالبيتهم تعمل في القطاع الخاص، بمعدل ثلثيهم تقريباً، بينما يلتحق من هم أكبر سناً، من 30 عاماً فما فوق، بالوظائف الحكومية. وليس ذلك فحسب، بل عادة ما يتم تعيين الشباب السعوديين الأصغر سناً، في الوظائف الأدنى أجوراً. وبينما تتسم الوظائف الحكومية بأنها أفضل أجوراً وبقابليتها لزيادات منتظمة في الأجور، فضلاً عن أمنها واستقرارها، فإن هذه الصفات لا تنطبق على وظائف القطاع الخاص. وهنا تكمن المعضلة المحتملة الأكثر تعقيداً في المستقبل. فإذا كانت القوة العاملة السعودية تقدر اليوم بنحو ثلاثة ملايين، فإنه يتوقع لها أن تتضاعف تقريباً خلال العقد الماضي، ما يعني إضافة 300 ألف آخرين من الباحثين عن العمل سنوياً. يضاف إلى ذلك أن القطاع الخاص السعودي لا يخلق سوى 80 ألف وظيفة سنوياً من الوظائف المنخفضة الدخل. وهكذا تبدو الفجوة كبيرة جداً بين حجم الوظائف المتاحة، وعدد الباحثين عن العمل في المستقبل. أما في البحرين ودولة الإمارات، فتوجد مشكلات من نوع آخر. وينطبق هذا في الواقع على المنطقة كلها، وما تبذله القيادات السياسية والاستثمارية في حلها والتصدي للمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية الجارية في هذه المجتمعات. \r\n وإذا ما أراد صُناع السياسات والقرارات في الولاياتالمتحدة، لعب دور إيجابي بناء في حفز التقدم الاقتصادي والاجتماعي لهذه المنطقة، فإن عليهم العمل من أجل الحد من النزاعات التي تشهدها الآن، فضلاً عن تفادي إشعال أي نزاعات جديدة فيها. كما يتطلب تقدم المجتمعات الخليجية العربية، أن تولي القيادات والمواطنون الخليجيون هذا الهدف كل ما يلزمه من اهتمام. وطالما ظل خطر امتداد التداعيات والآثار السلبية للحرب على العراق، إلى بقية دول المنطقة المجاورة، وطالما ظل النزاع الأزلي الإسرائيلي- الفلسطيني، مراوحاً مكانه دون أي حل حتى الآن، بينما تلوح في الأفق نذر حرب محتملة على إيران، فإنه يصعب بل يتعذر عملياً، توجيه كل الاهتمام والجهود، وتسخير كل الموارد المطلوبة للتصدي للحاجات الآنية المُلحة. \r\n \r\n