\r\n إلا أنها ذهبت إلى القول في ذات الوقت، أنه لا سبيل لأية أمة تريد حل النزاعات، من أن تتفاوض حتى مع ألد أعدائها. ولذلك فقد أوصت المجموعة بضرورة دخول الولاياتالمتحدة في مفاوضات مباشرة مع الدولتين المذكورتين، في إطار ما يسمى ب\"المجموعة الدولية لدعم العراق\"، التي لم يتم إنشاؤها بعد. وتضم هذه المجموعة كما هو مقترح، العراق وكافة الدول المجاورة له، بما فيها سوريا وإيران، إلى جانب بعض القوى الإقليمية الرئيسية مثل مصر ودول الخليج العربي، فضلاً عن مشاركة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وكذلك مشاركة الاتحاد الأوروبي. ومهما يكن من مصير هذه التوصية، فإن ما يجب قوله هنا، هو أنها أثارت جدلاً محتدماً وواسع النطاق في الأوساط السياسية والدبلوماسية، مع وضد، فكرة التفاوض مع ألد خصوم أميركا. \r\n فالذين يؤيدون الفكرة، يحتجون من جانبهم بالقول إنه ليس في مصلحة سوريا ولا إيران، أن ينزلق العراق إلى قاع هوة الفوضى والعنف والحرب الأهلية الشاملة. والمنطق الذي يقوم عليه هذا الرأي هو أن تشرذم العراق سيهدد أمن واستقرار المنطقة بأسرها، مما يفتح الباب مجدداً لتدخل أميركي أوسع نطاقاً. أما معسكر المعترضين على الفكرة، فيرى أنه لا ينبغي للولايات المتحدة أن تتفاوض مع الضالعين في تأجيج نيران العنف والفوضى والاحتراب الطائفي في العراق. ذلك أن الأميركيين يعتقدون أن لكل من سوريا وطهران، سجلاً طويلاً وحافلاً على امتداد سنوات الحرب العراقية الثلاث، في تسريب الإرهابيين والمقاتلين عبر حدودهما إلى العراق، وفي تقديم الدعم اللازم لهم، إضافة إلى ما تعرفان به من عداء مستحكم لكل من الولاياتالمتحدة. بل إن إيران تهدد الآن بتطوير ترسانتها النووية، حرصاً منها على خدمة هذه الأهداف والوصول بها إلى شوطها النهائي الأخير. \r\n وبين هذين المعسكرين هناك خيار ثالث، يرى إمكان تفاوض واشنطن مع دمشق وليس مع طهران. وفي رأي البعض أن لدمشق أيادي تتحرك في الشؤون الداخلية اللبنانية، وهي كذلك تعرف بعدائها لإسرائيل، إلا أن الفارق بينها وبين طهران، أنها أظهرت نوعاً من الاستعداد والانفتاح السياسي البناء على العالم الخارجي. وعلى نقيض ذلك تماماً، فقد وقعت طهران في كماشة قيادة أصولية دينية متشددة، هي التي يرجح دعمها ومباركتها لجهود ومطامح إيران النووية، إضافة لتأييدها للرئيس المتشدد محمود أحمدي نجاد، الذي وصف جرائم الهولوكوست بأنها محض خيال أسطوري لا أكثر، وأعرب جهاراً عن اعتزامه محو إسرائيل من الوجود. وبهذا النحو تكون الولاياتالمتحدة قد ميزت بين مستويات ومواقف دولتين مناوئتين لها بدرجات متفاوتة من العداء والاتزان. وليس مستبعداً أن تدفع الأزمة الراهنة بدمشق خطوة أكبر نحو الاعتدال. أما فيما يتعلق بإيران، فقد نقل عن لقاء جيمس بيكر –رئيس مجموعة دراسة العراق- بأحد كبار المسؤولين الإيرانيين، بشأن مدى استعداد بلاده للتفاوض مع أميركا حول العراق، أن ذلك المسؤول أبلغ بيكر بعدم رغبة بلاده في التعاون مع واشنطن على حل مشكلاتها في العراق. \r\n وإن كانت ثمة نتيجة واحدة إيجابية يمكن توقعها من التفاوض الأميركي مع سوريا ومن عزل إيران، فهي احتمال أن تدق خطوة كهذه إسفيناً سميكاً بين الدولتين الحليفتين المتعاونتين في مناوأتهما للولايات المتحدة. \r\n يشار هنا إلى أن تقرير \"مجموعة دراسة العراق\"، قد نص على أن تضطلع سوريا بضبط وتأمين الحدود الفاصلة بينها وبين العراق، لضمان ألا تتدفق عبرها المؤن والأسلحة والمساعدات المالية، بل والتعزيزات العسكرية نفسها لنشاط التمرد الدائر الآن في العراق. وفيما لو أرادت دمشق حقاً تحسين علاقاتها بالولاياتالمتحدة الأميركية، فإن عليها وقف أية تدفقات للأسلحة عبر حدودها لمقاتلي \"حزب الله\" في لبنان، والكف عن دعمها لحركة \"حماس\" الفلسطينية. وفي وسع دمشق أن تكف عن دعم أية محاولة للإطاحة بالحكومة اللبنانية المنتخبة، إلى جانب التعاون مع لجنة التحقيق الدولية في ملابسات مصرع رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وكذلك في حادثة اغتيال بيير الجميل، وزير الصناعة اللبناني السابق. \r\n هذا ومن الضروري أن تتضمن أي مفاوضات محتملة مع سوريا، تقديم حزمة من الجزر والمحفزات على تحسن السلوك، وكذلك حزمة أخرى من العصي والإجراءات العقابية، فيما لو لم يتحسن السلوك. ففي حال عدم تعاون سوريا الجاد معنا في تحقيق الاستقرار والأمن المنشودين في العراق، يمكن أن تشمل الإجراءات هذه، حظر سفر المسؤولين، وفرض العقوبات الاقتصادية عليها. ولعل أكبر حافز يمكن أن تقدمه واشنطن لسوريا، هو مساعدتها على استعادة مرتفعات الجولان، التي لا تزال تحتلها إسرائيل. ومن المفهوم الآن أن تتردد تل أبيب في اتخاذ خطوة كهذه في ظل الظروف الراهنة التي تشهد توتراً حاداً ومثيراً للقلق الإقليمي. لكن وإن كانت تل أبيب قد اقتربت في مفاوضات سابقة من إعادة مرتفعات الجولان، فإنه ليس مستبعداً أن تقترب ثانية من الخطوة نفسها، في إطار التفاوض حول اتفاق سلام إسرائيلي-سوري شامل. \r\n \r\n جون هيوز \r\n مساعد سابق لوزير الخارجية الأميركي في إدارة الرئيس ريغان \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n