\r\n كان المقرر ان يلتقي بوش رئيس الوزراء العراقي والعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني يوم الاربعاء ثم, فجأة خرج بوش عن الجدول مؤجلا لقاءه بالمالكي حتى يوم الخميس. \r\n \r\n فهل كان ثمة تعبير عن الزجر او الازدراء في ذلك التأجيل? يقول المتحدث بلسان بوش: كلا, على الاطلاق. \r\n \r\n واجه رئيس الوزراء العراقي ضغوطا داخلية لثنيه عن حضور اللقاء. وقد جاء التأجيل في نفس اليوم الذي تسربت فيه انباء عن مذكرة سرية لادارة بوش حمل تقييما سلبياً للمالكي فما الذي جرى فعلا يوم الاربعاء. \r\n \r\n المح مسؤول عراقي الى ان حضور المالكي لم يكن مفيدا في لقاء ثلاثي يمكن ان يشمل قضايا غير القضية العراقية مثل العلاقات الاسرائيلية الفلسطينية مسؤولون عراقيون اخرون في حاشية المالكي قالوا انه قد رغب في مناقشة العلاقة الامريكية -العراقية مع بوش على انفراد. \r\n \r\n ومهما كان السبب الحقيقي وراء التغيير المفاجئ, فإنه جاء ليؤكد حقيقة مهمة وهي ان المشاكل المطروحة تتناول الشرق الاوسط الاوسع والجهات التي ستمارس النفوذ فيه في السنوات المقبلة. \r\n \r\n وكان العاهل الاردني الملك عبدالله قد حذر من ثلاث حروب اهلية محتملة. وعلى الرغم من ان مخاطر اندلاع حرب اهلية في لبنان والاراضي الفلسطينية لها جذورها الممتدة الى ما هو ابعد من الازمة الطائفية الحالية في العراق, فإن الوضع القلق لحكومة بغداد المدعومة من قبل الولاياتالمتحدة يفتح ابوابا جديدة امام كل من ايران وسورية وجماعات المليشيات اللبنانية والفلسطينية التي تتلقى الدعم منهما. \r\n \r\n يقول بروس رايدل, المتخصص في شؤون الشرق الاوسط في معهد بروكنغز, »ان ما تحاوله الادارة الامريكية الآن هو العودة باللعبة الى الوراء. لقد عانوا من خريف صعب مليء بالانتكاسات في العراق ولبنان وقطاع غزة, وبوش الآن يريد ان يمسك بزمام المبادرة«. \r\n \r\n وتأتي مبادر بوش الشرق اوسطية على خلفية الغليان السياسي داخل امريكا حول سياسة الولاياتالمتحدة في المنطقة. وسوف يرغب الديمقراطيون عند ممارستهم لسيطرتهم على الكونغرس مع مطلع العام الجديد ان يؤكدوا مواقفهم ازاء هذه القضية. كما ان لجنة بيكر - هاملتون التي تضم اعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي سوف تصدر تقريرها الاسبوع القادم وهو التقرير الذي سيتضمن توصية بتغيير جوهري للسياسة الامريكية في العراق. \r\n \r\n تحتفظ الولاياتالمتحدة بحوالي 140 الف جندي في العراق بعد مضي ثلاث سنوات ونصف السنة على نجاح الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة في الاطاحة بصدام حسين. وتعتقد الدول الشرق اوسطية, سواء الصديقة ام غير الصديقة منها على حد سواء, بان الولاياتالمتحدة سوف تظل متورطة في العراق لسنوات عديدة قادمة, ويأمل البعض في ان يؤدي ذلك الى حمل الادارة الامريكية على التردد ازاء احتمالات مواجهتها لتهديدات اخرى في المنطقة. \r\n \r\n وتستفيد ايران, بشكل خاص, من فرصة اعادة ترتيب موازين القوى بعيدا عن الدول المتحالفة مع الولاياتالمتحدة, كما تستفيد من التقليل الحاصل في قدرة امركيا على تمرير الاتفاقيات واطفاء نار النزاعات. \r\n \r\n وبغرض التأكيد على استقلاليتها ونفوذها قامت ايران بدعوة الرئيس العراقي جلال الطالباني لزيارة طهران قبل يومين من موعد زيارة بوش للاردن. \r\n \r\n ويرغب الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في تعزيز دور ايران في العراق كمعادل للنفوذ الامريكي في منطقة الخليج, وقد عرض مساعدة ايران في اقناع الشيعة بالتخفيف من هجماتهم الانتقامية على السنة, لكن حكومته لم تفصح بالتحديد عن تفاصيل خططها. \r\n \r\n وكانت الولاياتالمتحدة قد اتهمت ايران الشيعية بتقديم الاموال والاسلحة والتدريب للمليشيات الشيعية في العراق. \r\n \r\n لكن ايران, من جانبها, انكرت التهمة قائلة ان علاقتها بشيعة العراق علاقة مذهبية وسياسية فقط. \r\n \r\n يقول والي نصر, الاستاذ في الكلية البحرية الامريكية العليا والخبير في مجلس العلاقات الخارجية الامريكية, ان »الاجتماع مع الطالباني كان مصمما لاظهار دور ايران كلاعب في العراق وعدم حاجتها الى دعوة من واشنطن كي تكون جزءا من الحوار«. \r\n \r\n يشكل العراق المشكلة الاكثر بروزا ضمن مجموعة من المشاكل التي تواجه ادارة بوش في الشرق الاوسط. لكنها المشكلة التي تتناقص ازاءها باستمرار قدرات الادارة على تغيير الاوضاع او المجيء بحل للمشكلة. فالحرب الان لم تعد بالدرجة الاولى حربا بين القوات الامريكية وقوات المتمردين, انما اصبحت حربا بين اتباع المذهبين الشيعي والسني من مسلمي العراق. وقد وصف العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني الاقتتال الدائر هناك بانه حرب اهلية, في حين ذكر الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان ان الاوضاع في العراق تقترب من الحرب الاهلية. \r\n \r\n في الاسابيع الاخيرة, تسلطت على ادارة بوش ضغوط داخلية ودولية مختلفة تدعو الى اشراك ايران وسورية من اجل التخفيف من حدة الاقتتال قبل ان يدخل العراق مرحلة الحرب الاهلية الشاملة. وكان رد الادارة الامريكية ان المحادثات ليست في حد ذاتها موقفا او حلا. في الوقت نفسه يقول زعماء دول الشرق الاوسط انهم بانتظار السماع عن بديل تطرحه الادارة الامريكية. \r\n \r\n يضاف الى ذلك ان مذكرة سرية تم تسريب اجزاء منها قد اشارت الى احتمال ان لا يكون البيت الابيض واثقا تماما من قدرة المالكي على اخماد نار العنف. كما تلمح المذكرة الى اعتقاد كاتبها بان حكومة المالكي التي يقودها الشيعة يمكن ان يكون لها يد في ذلك العنف. \r\n \r\n وكان مستشار الامن القومي الامريكي ستيفن هادلي قد كتب المذكرة بعد عودته من رحلة قام بها الى العراق الشهر الماضي. وقد كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن المذكرة التي جاء فيها: »ان حقيقة الامر في شوارع بغداد تشير الى ان المالكي اما ان يكون جاهلا بما يجري, او انه لا يكشف عن نواياه, او ان لا يكون لديه ما يكفي من القدرات لتحويل نواياه الطيبة الى واقع«. \r\n \r\n وقد تجنب البيت الابيض الاشارة الى ان بوش سوف يعتمد على المالكي لفعل المزيد, بالرغم من ان لقاءهما في عمان يبدو مخصصا لاعطاء مثل هذا الانطباع. \r\n \r\n في الوقت نفسه, تنطلق وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس في مهمة مختلفة في الشرق الاوسط هذا الاسبوع. فبعد مشاركتها في اللقاء الذي جمع بين بوش والمالكي, التقت رايس الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبعده رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت. وتأمل الادارة الامريكية في العثور على طرق لاستثمار الفرصة التي اتاحها سريان التهدئة في غزة. \r\n \r\n ليس من الواضح لحد الآن ما اذا كان بوش جاهزا او مستعدا لجولة جديدة من عملية صنع السلام الاسرائيلية - الفلسطينية, لكن محللين امريكيين ينسبون الى البيت الابيض الفضل في حث اولمرت على اتخاذ مواقف تصالحية. \r\n \r\n ومنذ شهور والدول العربية المعتدلة تطالب ادارة بوش بان تنفخ الحياة في مساعي السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين. وهي ترى بان معالجة هذا النزاع ضرورية للحصول على درجة من تأييد شعوبها للمواقف الامريكية التي لا تحظى بالشعبية ازاء كل من العراق وايران. \r\n