لم يشعر الراكب بالقلق بعد ان اعلن القبطان عن توقف المحرك الثاني واخبر ان ذلك سيتسبب في الوصول متأخرا الى وجهته ساعتين. عندما تم الاعلان عن توقف المحرك الثالث عرف ان التأخير في الوصول سيصل الى اربع ساعات. بعدها التفت هذا الراكب للراكب الجالس الى جواره وقال له «اذا ما تعطل المحرك الرابع فإن هذا يعني البقاء في الجو طوال اليوم». \r\n \r\n تذكرت هذه النكتة وانا اشاهد المؤتمر الصحفي الأخير للرئيس بوش الذي يدفع المرء ان يستنتج انه بدأ يدرك ان الأمور ليست على ما يرام، ولكنه مع ذلك اصر على انكار حدة الأزمة القائمة. كتب صحفي في «وول ستريت جورنال» يقول ان كوندوليزا رايس تفضل استخدام كلمة «مطبات جوية» ولا تريد الحديث عن فقدان البوصلة أو فشل المحرك. \r\n \r\n المحرك الخاص بابقاء كوريا الشمالية بعيدا عن عضوية النادي النووي سقط في الاسبوع الماضي. يقول بوش ورايس ان ادارة كلينتون حاولت التحدث مباشرة لكوريا الشمالية ولكن ادارته لم تفعل ذلك. \r\n \r\n الحقيقة ان كوريا الشمالية وجدت طرقا لخداع الولاياتالمتحدة التي كانت تتفاوض معها وربما لم يكن بالامكان اقناع كوريا الشمالية بالتخلي الكامل عن طموحاتها النووية بغض النظر عن الحوافز المقدمة لها وخاصة بعد تلك التهديدات الفارغة التي وجهها لها الرئيس بوش وتصنيفه لها على انها دولة من دول محور الشر. كان من يقف خلف تخريب جهود كولن باول وزير الخارجية في المضي قدما في سياسة التواصل مع كوريا هو نائب الرئيس ديك تشيني. \r\n \r\n كان من الصواب تشجيع جيران كوريا الشمالية على الانخراط في اقناعها بالتخلي عن برنامجها النووي ولكن بوش يتمسك بمبدأ «اننا لا نتحدث مع الاشرار» وقد ثبت الآن الفشل الكامل لهذا المبدأ. \r\n \r\n المحرك العراقي لم يتوقف فقط ولكنه اشتعلت به النيران ويهدد بحرق السياسة الخارجية الأميركية بالكامل. ان هناك مسلسلا متواصلا من الاخطاء الناتجة عن عدم الكفاءة. في البداية حظر بوش استخدام كلمة «التمرد» خلال اجتماعات الحكومة الأميركية وهو يستخدم نفس المنطق حاليا تجاه استخدام كلمة «الحرب الاهلية». \r\n \r\n الحقيقة ان العراق اجبر الولاياتالمتحدة على النشر الدقيق لقواتها هناك بسبب قلة اعدادها ولا توجد هناك امكانية لارسال المزيد من القوات الى هناك. والحقيقة المرة الأخرى هي انه اصبح الوقت متأخرا لارسال أي قوات حتى لو توافرت. \r\n \r\n الهدف الاساسي لحرب بوش هو اقامة عراق ديمقراطي يكون صديقا لاسرائيل وموردا كبيرا لامدادات النفط. الآن فإن كل ما يحلم به الغرب هو العثور على استراتيجية مخرج تلحق اقل الاضرار الممكنة بالمنطقة. \r\n \r\n تقول اجهزة المخابرات الأميركية انه فعلنا المزيد في العراق تراجعنا الى الخلف ولم نتقدم الى الامام. وتقول اجهزة المخابرات ايضا ان الحاق الهزيمة الكاملة والحاسمة بالجهاديين يعني عدم تشجيعهم على مد انشطتهم الى اماكن جديدة. ولكن الذي نراه الآن ان العراق يتحطم امام ناظرينا. وقد اقر كبير العسكريين البريطانيين الجنرال ريتشارد دانات بأن وجود القوات الاجنبية «يضاعف من المشاكل الأمنية». \r\n \r\n المحرك الخاص باحتواء النفوذ الايراني لا يعمل جيدا كون ايران مستمرة في برنامجها النووي غير عابئة بأميركا. اعطاء واشنطن الضوء الأخضر لاسرائيل لتفعل ما تشاء مع الفلسطينيين الحق الضرر بالجهود الأميركية المبذولة للعثور على تسوية للصراع الفلسطيني - الاسرائيلي. ما العمل اذن يا ترى؟ ربما يكون الحل كما اقترح عنان وبيكر يتمثل في التحدث الى الشيطان. فريغان تحدث مع امبراطورية الشر في الاتحاد السوفياتي وجلس نيكسون مع ماو في بكين وكلا البلدين هذين مثلا خطرا اكبر على الولاياتالمتحدة من ايران وكوريا الشمالية. \r\n \r\n ان الجنون بعينه هو الاستمرار في الأخذ بنفس هذه السياسة والتأمل بالخروج بنتائج افضل. \r\n