\r\n \r\n \r\n اتفق معكم في أن الكثير من هذه الصفات تنطبق على \"وودرو ويلسون\" الرجل الذي كان فشله في تحقيق السلام في أعقاب الحرب العالمية الأولى هو السبب الذي مهد المسرح لنشوب الحرب العالمية الثانية. وليس هناك شك في أن الإخفاق الذريع لغزو العراق الذي يُقال إن الدوافع \"الويلسونية\"، كانت هي التي شجعت عليه سيقوى هذا الاعتقاد ويدفع إلى المزيد من\" أبلسة\" ويلسون. \r\n ولكن صفة \"ويلسوني\" تقوم على اعتقاد مشكوك فيه، وهو أن الرئيس الثامن والعشرين في تاريخ الولاياتالمتحدة (وودرو ويلسون) كان هو أول من حقن مبادئ المثالية والتدخلية في سياستنا الخارجية. هذا زعم خاطئ كما دلل على ذلك العلامة \"روبرت كاجان\" في كتابه الموسوم \"أمة خطرة\"، وهو المجلد الأول من مجلدين عن التاريخ الأميركي. \r\n في هذا الكتاب ينطلق \"كاجان\" ليفند مقولة أن الأميركيين بالطبيعة \"منغلقين على أنفسهم ومتعاليين، وأنهم لا يخرجون من قارتهم إلا من حين لآخر استجابة لهجوم خارجي أو تهديدات مدركة\"، فهو يرى أن الذي كان يحرك الأميركيين دائما هو النزعة التوسعية، وذلك من أيام الحركة \"البيوريتانية\" بين المستوطنين الجدد لأميركا. \r\n ف\"البيوريتانيون\" في نظر \"كاجان\" لم يكونوا مستوطنون انعزاليون يرومون الهروب من العالم القديم وإنما كانوا حسب تعريفه \"ثواراً عالميين\"، جاءوا إلى العالم الجديد كي ينشئوا قاعدة ينطلقون منها لتحويل العالم القديم إلى مذهبهم. وهو يرى في كتابه أن \"البيوريتانيين\" قد قاموا بتبرير إزاحتهم للهنود والأسبان واحتلال أراضيهم بناء على إيديولوجية تقوم على أن\" الحضارة الإنجليزية تقود البشرية نحو المستقبل\" و\"كاجان\" يرى أن هؤلاء المستوطنيين كانوا من أشد أنصار الإمبريالية الإنجليزية حماساً. وهكذا فإن المستوطنين \"البيوريتانيين\" رأوا أن مهمتهم ومهمة وطنهم الجديد ليس نشر الحرية في أميركا، وإنما العمل على نشرها في العالم كله. \r\n وكانت المحاولات الأميركية للخروج وعبور المحيط لنشر الحرية في الخارج محدودة في القرن التاسع عشر لأن الولاياتالمتحدة في هذا القرن لم تكن سوى قوة من الدرجة الثالثة. \r\n والولاياتالمتحدة حتى في تلك الحالات المحدودة لم تكن تحارب من أجل فكرة الحرية ذاتها أو من أجل أفكار \"بيوريتانية\" مثالية- فهذا شيء لم نفعله أبداً في تاريخنا ولا حتى في كوسوفو ولا حتى في العراق- ولكنها كانت تحارب من أجل مصالحها. \r\n على أن ذلك ليس معناه القول إن الدافع المثالي القوي لم يكن قائماً وراء كل الحروب التي خاضتها الأمة الأميركية في القرن التاسع عشر بدءا من حرب العام 1812، إلى الحرب المكسيكية، إلى الحرب الأهلية، إلى الحرب الأسبانية- الأميركية وغيرها من الغزوات الأصغر حجماً التي كانت تهدف إلى حماية التجار والمبشرين الأميركيين، فالحقيقة أنه كان موجودا فيها كلها. \r\n كان هذا في الماضي أما الآن، فإن حرب العراق وعلى العكس مما يقوله المنتقدون لها ليس فيها أي جديد فيما يتعلق بنشر الحرية تحت تهديد السلاح. فالفلسفة المركزية الكامنة وراء إيمان الأميركيين برسالتهم هو الاعتقاد بأنهم باعتبارهم مدافعين عن الحرية لهم الحق ليس فقط في ضم كل أميركا، ولكن أيضاً ضم أراض من هاواي إلى الفلبين. لقد كان الأميركيون ناجحين غاية النجاح في تأسيس\"إمبراطورية الحرية\" الخاصة بهم(حسب نص كلمات جيفرسون) لدرجة أنه لا يوجد هناك اليوم من يدرك أن \"كسب الغرب الأميركي\"، لم يكن سوى استعمار في رداء آخر. \r\n وإذا ما فهمنا الأمر على النحو الصحيح فسندرك أن \"الويلسونيين\" لا يقفون الآن خارج التيار الرئيسي للسياسة الخارجية الأميركية، وإنما الذين يوجدون خارج هذا التيار هم نقاد السياسات الواقعية الذين يسعون إلى استيراد مقاربة غير أخلاقية للسياسة الخارجية ازدهرت في القرن التاسع عشر في المستشاريات الأوروبية، ولكنها لم تجد أبداً مكانا لها في أرض الأحرار. \r\n \r\n ماكس بوت \r\n زميل رئيسي في مجلس العلاقات الخارجية الأميركية \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n