\r\n من القوانين الصارمة للدبلوماسية الحديثة أن فشل أي عملية دبلوماسية يؤكد الحاجة إلى ممارسة المزيد من نفس تلك العملية التي فشلت لتوها. وهكذا فإن هؤلاء الذين طالما وقفوا وراء خيار المفاوضات مع كوريا الشمالية، يقومون الآن بدعوة إدارة بوش للبدء في مباحثات مباشرة مع نظام \"كيم يونج إيل\". عفوا... ولكن كل ما سيحققه هذا الخيار هو مكافأة منتهكِ فعلي لاتفاقية حظر الانتشار النووي، من أجل المحافظة على وهم مؤداه أنه لا يزال هناك نظام ذو معنى لمنع الانتشار النووي. \r\n \r\n ويذهب البعض للقول في نبرات قلقة إن الاختبار النووي الكوري الشمالي، قد يؤدي إلى استفزاز اليابان ودفعها للتحول إلى دولة نووية، كما لو أن أسوأ نتيجة متوقعة لوجود أسلحة نووية في أيدي واحدة من الدول الأشد عداء للولايات المتحدة الأميركية هو حصول واحدة من الدول التي تعد من أقرب الدول صداقة لها على تلك الأسلحة. \r\n \r\n هناك حاجة فعلية لمقاربة جديدة... ولدى الولاياتالمتحدة ثلاثة أهداف استراتيجية رئيسية في أعقاب التجربة النووية الكورية الشمالية هي: \r\n \r\n الأول: تعزيز أمن حلفاء أميركا الأكثر تعرضاً للتهديد بواسطة الأسلحة النووية الكورية الشمالية وهما اليابان وكوريا الجنوبية. \r\n \r\n الثاني: جعل كوريا الشمالية تدفع ثمناً باهظاً لبرنامجها النووي يكفي بدوره لإخافة إيران وأي نظام آخر من الأنظمة المارقة من السير على خطى نظام بيونج يانج. \r\n \r\n الثالث: هو معاقبة الصين لأن نظام بيونج يانج لم يكن ليستطيع استكمال تصنيع قنبلته لو أن الصين التي قدمت له مساعدات هائلة في مجال الأغذية والطاقة، قامت بمعارضة خطواته بقوة ولكن استفادة الصين من حالة عدم اليقين التي يخلقها التفجير النووي الكوري هو الذي جعلها تغض الطرف عن ذلك. \r\n \r\n وإذا لم تتم معاقبة الصين، فما الذي يمكن أن يمنع روسيا من مساعدة البرنامج النووي الإيراني، أو يمنع باكستان من مساعدة البرنامج المصري؟ \r\n \r\n ولتحقيق هذه الأهداف فإن الولاياتالمتحدة بحاجة إلى القيام بأربع استجابات سريعة هي: \r\n \r\n -تسريع خطى تنمية ونشر منظومات الدفاع الصاروخي الحالية الخاصة بها. \r\n \r\n وعلى الرغم من أن تلك المنظومات ليست متقنة تماماً فإنها يجب أن تكون كافية لمواجهة أي أفعال وتصرفات قد تقوم بها قوة ضعيفة نسبياً مثل كوريا الشمالية ضدها أو ضد أحد حلفائها. \r\n \r\n - وقف تقديم المساعدات الإنسانية لكوريا الشمالية والضغط على كوريا الجنوبية للقيام بنفس الشيء. \r\n \r\n فمنذ 1995 قدمت الولاياتالمتحدة لكوريا الشمالية ما يزيد عن مليوني طن من المساعدات الغذائية بالإضافة إلى كميات ضخمة من الوقود بحجة أنها- الولاياتالمتحدة- تفصل بين مساعداتها الإنسانية وبين اهتماماتها الاستراتيجية، وعلى أمل أن يؤدي ذلك إلى الإبقاء على آمال تحسين العلاقات الأميركية- الكورية الشمالية في المستقبل. وإذا ما استمرت الولاياتالمتحدة في إرسال تلك المساعدات، فإن ذلك سيدفع بيونج يانج للاعتقاد بأن أعمالها العدائية قد أكسبتها نوعا من الحصانة المطلقة. \r\n \r\n - دعوة اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزلندا وسنغافورة للانضمام لحلف \"الناتو، بل ودعوة تايوان لإرسال مراقبين لحضور اجتماعات حلف شمال الأطلسي. السبب في ذلك أن كوريا الشمالية والصين قد يظنان أن ميزان القوى النووية في المحيط الهادئ، قد مال لصالحهما، مما يدعو لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بإيقاظهما من هذا الوهم. ونحن بحاجة بالإضافة لذلك إلى ترتيبات أشد قوة وأكثر صرامة في منطقة الباسيفيكي بأسرها، وهي منطقة تم استبعاد الدول المارقة والدول التي تساندها منها عن قصد. وقد وافق حلفاء \"الناتو\" على توسيع المنظمة إلى ما وراء أوروبا الغربية بكثير وقد حان الوقت لإقناعهم بأن يجعلوا ذلك التوسيع عالمياً. \r\n \r\n - تشجيع اليابان على التخلي عن اتفاقية حظر الانتشار والعمل بدلاً من ذلك على تدشين رادعها الخاص. \r\n \r\n لقد انتهت الحرب العالمية الثانية منذ وقت طويل وقد حان الوقت للتخلي عن ذلك التظاهر السخيف بأن يابان اليوم الديمقراطية تدين بالكثير من الذنوب لصين اليوم الصاعدة. \r\n \r\n فاتجاه اليابان إلى الخيار النووي، سيكون بمثابة عقاب للصين وكوريا الجنوبية، كما أنها ستقطع شوطاً بعيداً في الوفاء بهدفنا الخاص بصرف إيران عن المضي قدماً، فيما هي مقبلة عليه، وإقناعها أن الولاياتالمتحدة وأصدقاءها سوف يسعون بأسلوب اقتحامي، إلى تصحيح أي محاولة من قبل أي دولة مارقة لزعزعة الاستقرار أو الإخلال بالتوازن النووي. \r\n \r\n إن الدول مثل كوريا الشمالية واليابان تسعى إلى الأسلحة النووية لأنها تتخيل أن هذه الأسلحة ستعزز أمنها وقوتها. والطريقة المثلى لاحتوائها هي إقناعها بعكس ذلك. \r\n \r\n عندما يمكن منع الانتشار النووي بواسطة المفاوضات فإن ذلك يكون هو الخيار المفضل. ولكن عندما تفشل تلك المفاوضات كما فشلت مع كوريا الشمالية وكما هي على وشك الفشل مع إيران، فإن الخيار الأمثل هو جعل تلك الأنظمة المارقة تعاني جراء طموحاتها النووية الخطرة. \r\n \r\n ديفيد فروم \r\n \r\n \r\n كاتب خطابات الرئيس بوش من 2001- 2003 وزميل بمعهد أميركان إنتربرايز والمؤلف المشارك لكتاب: نهاية الشر: كيف تكسب الحرب على الإرهاب. \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n