\r\n \r\n \r\n وتركيا مصممة في الوقت الراهن على الحيلولة دون تكرار حرب عصابات على غرار تلك التي اندلعت خلال الفترة 1984-1999 مع حزب \"العمال الكردستاني\" الانفصالي ، وهي حرب فقدت خلالها ما يزيد على 30 ألف نسمة. من أجل ذلك قامت تركيا بحشد قوة كبيرة على حدودها مع العراق، وتهدد بغزو المنطقة الشمالية منه. وهذا الأمر لو تحقق سيؤدي إلى خلق حالة من الفوضى في هذا الجزء من العالم، ومن الممكن جداً أن يؤدي إلى خلخلة استقرار المنطقة. \r\n ورد فعل وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس على الحشود التركية، والذي تمثل في محاولة إحياء اللجنة الثلاثية التي تشارك فيها حكومات تركيا والعراق والولاياتالمتحدة غير كافٍ، ويجب على واشنطن أن تتخذ إجراءات أكثر حزماً للحيلولة دون تحول حرب العصابات التي يشنها \"حزب العمال الكردستاني\" ضد تركيا إلى سبب في تقويض سياستها في الشرق الأوسط. \r\n خلال حرب العصابات السابقة، كان \"حزب العمال الكردستاني\" يعمل من إيران وشمال العراق وسوريا، التي كانت قد وفرت في ذلك الوقت ملاذاً لعبد الله أوجلان زعيم الحزب، قبل أن تحتشد القوات التركية على حدودها مهددة بغزوها مما جعل الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد يطرد أوجلان الذي تم القبض عليه في نهاية المطاف وأودع السجن في تركيا. \r\n وعقب سجن أوجلان أعلن الحزب وقفاً لإطلاق النار عاد وتراجع عنه عام 2004. ومع ذلك التراجع من قبل الحزب عن وقف إطلاق النار إلا أن الولاياتالمتحدة منعت القوات التركية من عبور الحدود الشمالية مع العراق لتعقب أفراد الحزب الذين يفرون إلى داخله، مما قاد إلى شعور تركيا بالإحباط وبالتالي إلى الأزمة الراهنة. \r\n والولاياتالمتحدة تجد نفسها في موقف صعب: فهي إذا لم تقم بمعارضة الغزو التركي، فإنها ستواجه وضعا أكثر فوضوية في العراق، كما أنها ستغامر بفقدان علاقتها الوثيقة طويلة الأمد مع أكراد العراق الذين يمثلون أملاً للولايات المتحدة في الحصول مستقبلاً على قواعد جوية أميركية داخل كردستان العراق. ومن ناحية ثانية، فإنها إذا ما عارضت الغزو، فإنها ستخاطر بمزيد من الابتعاد عن تركيا، وهي دولة مؤهلة للعب دور استراتيجي غاية في الأهمية في منطقة تواجه فيها الولاياتالمتحدة تحدياً متزايداً من قبل إيران. \r\n أما تركيا، فتخشى من الدعوة إلى توحيد الأكراد في المنطقة في دولة واحدة، والتي يمكن أن تنتج عن استقلال كردستان العراقية. فأكراد العراق يرون أن الغزو التركي يرمي إلى السيطرة على مدينة كركوك الغنية بالنفط مما سيؤدي بالتالي إلى حرمانهم من قاعدة اقتصادية مهمة لاستقلالهم. علاوة على ذلك، فإن التدخل التركي في العراق سيسفر عن خلق سابقة خطيرة يمكن أن تشكل ذريعة لتدخلات إيرانية وسورية في الحرب الأهلية العراقية. \r\n ما الذي يتعين على الولاياتالمتحدة وتركيا وأكراد العراق أن يفعلوه لتجنب هذه الأزمة؟ بالنسبة لأكراد العراق يجب أن يحرموا \"حزب العمال الكردستاني\" من الملاذات في شمال العراق ومنع قيادات الحزب من الانتقال بحرية عبر تلك المنطقة. \r\n أما الأتراك، فهم في حاجة إلى أن يعالجوا بشكل أكثر فعالية المطالب الثقافية والسياسية والاقتصادية للأكراد القاطنين في منطقة جنوب شرق الأناضول التي تعاني من البطالة ومن ضعف التنمية الاقتصادية وهي خطوة بدأت فيها تركيا بالفعل باتخاذ خطوات تحسب لها، وخصوصاً بالنسبة لدولة مثلها تنظر إلى جميع سكانها على أنهم مواطنون أتراك، وترى أن الاعتراف بالاختلافات العرقية يمكن أن يهدد سلامة النسيج الوطني والحياة السياسية فيها. \r\n أما الولاياتالمتحدة، فهي بحاجة إلى منع الغزو التركي لبلاد الرافدين، وأن تلقي بثقلها وراء الجهود الرامية إلى إخراج \"حزب العمال الكردستاني\" من شمال العراق، وهي بحاجة بعد ذلك للمزيد من الضغط على أوروبا لمنع تحويل أموال لهذا الحزب الذي صنفته على أنه حزب إرهابي. أما الاعتماد على اللجنة الثلاثية فقط لمنع اندلاع حرب عصابات أخرى في الشرق الأوسط فهو أمر لا يجدي فتيلاً. \r\n \r\n لينور جي. مارتين \r\n أستاذة مساعدة في \"مركز دراسات الشرق الأوسط\" بجامعة \"هارفارد\" \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n \r\n