\r\n وأعتقد أن تفسير ذلك هو أن ذاكرة الأميركيين قصيرة العمر على النقيض من معظم الهنود. فالإرهاب الذي ضرب الهنود في صميم قلوبهم واستمر لعدة قرون تالية ما يزال شاخصا في قلوبهم وعقولهم. \r\n وقد كتبت عن ذلك بعد مرور ثلاثة أعوام على أحداث 11 سبتمبر وتوجهت بالحديث إلى هؤلاء النفر من أصحاب الذاكرات قصيرة العمر ، وأجدني اليوم في حاجة إلى تكرار الحديث نفسه في الذكرى الخامسة لهذا اليوم العصيب. \r\n لم يكن الهنود يدركون على الإطلاق أي شر وعنف وارهاب يمكن أن يحمله لهم هؤلاء الغزاة بيد أنهم وجدوا أنفسهم امام موت محقق وجها لوجه. وكان ذلك في شكل حرب بيولوجية عندما تم توزيع بطاطين ملوثة بالجدري على ضحايا لم يكن لديهم شك في نوايا من قدموها لهم. وانهمر عليهم الرعب والموت من فوهات البنادق التي لم تميز بين المحاربين والنساء والكبار والأطفال ، وجاءهم القضاء والقدر على أيدي الغزاة المتطلعين إلى التوسع. \r\n وفيما كان الهنود يتعرضون للذبح كأنهم ليسوا من البشر كان البعض منهم يلوح بالأعلام الأميركية ظنا منهم أن ذلك قد يقنع قاتليهم انهم ليسوا أشرارا. \r\n وفي عام 1890 شهدت قرية وونديد ني في داكوتا الجنوبية نفذ الجيش الأميركي مذبحة ضد الهنود عرفت بانها آخر معركة إبادة للسكان الأصليين على الرغم من أنها لم تكن معركة حقيقية ولكنها كانت عملا إرهابيا ضد أناس أبرياء. اما هجمات 11 سبتمبر التي نفذتها مجموعة من المسلمين المتشددين فكانت صورة اخرى متكررة. \r\n فقد مات الهنود وهم لا يعرفون السبب وراء ذلك وينطبق الموقف نفسه مع الأشخاص الذين كانوا داخل مبنى التجارة العالمي. لقد مات شعب لاكوتا خوفا ورعبا في ذلك اليوم قارس البرودة في وونديد ني فيما كانوا يهربون أملا في العثور على ملجأ يختبئون فيها. وعاش هؤلاء تجربة ارهاب حكومة لم تكن تعتبرهم من البشر. كما أن الاخرين ماتوا داخل برجي مبنى التجارة العالمي على يد متشددين يسعون للانتقام لاسباب لم يكن الضحايا يفهمونها. \r\n وعندما قامت وسائل الإعلام آنذاك وصورت السكان الهنود الأصليين على أنهم بربريون قتلة مختطفون فإنها قد مهدت بذلك لارتكاب مذبحة وونديد ني. ففي ضغوطها المستمرة التي مارستها وسائل الاعلام لتحث الحكومة على ابعاد الهنود بأية وسيلة من موطنهم الأصلي يكون هذا الاعلام ضالعا في الجرم وأيديه ملطخة بدماء الأبرياء وعلى جبينه وصم الإرهاب. \r\n وربما كان هناك تشابه مع أحداث 11 سبتمبر بعد ان انتشرت آراء تردد أن الأميركيين هم من الكفار ومهدت الطريق أمام تلك الهجمات كما حدث أيضا وآمنت الجيوش التي قامت بغزو العرب وشنت الحروب الصليبية ضدهم حيث كانوا ينظرون اليهم على أنهم جماعات من الهمجيين في درجة أدنى من البشر العاديين. كما ينسحب الشئ نفسه على الأميركيين الذين وضعوا معايير مزدوجة ضد الأميركيين الأوائل. \r\n والشعوب في الدول الاسلامية لا تنسى الماضي على الاطلاق ، والهنود ربما يغفرون ولكنهم أبدا لا ينسون. فالحروب الصليبية حاولت تجريد العرب من صفاتهم الانسانية كما فعل قبلهم الأميركيون مع الهنود وكما يفعل المتشددين الاسلاميين مع الغرب. \r\n وكما ان القصص والأفلام الجديدة تصور العرب على أنهم في مرتبة أدنى دون سواهم من البشر كذلك فعلت وسائل الاعلام مع السكان الأصليين في أميركا حيث لم يعد أحد وقتها يأبه بحياة هؤلاء الأفراد وبقيمتها. \r\n وأعتقد أن الولاياتالمتحدة قد ارتكبت خطأ كبيرا عندما أغفلت الاستفادة من دروس الماضي لتتعلم كيف تتعامل مع باقي العالم بعد أن اساءت التعامل مع سكانها الأصليين. وحتى الآن لم تسدد أميركا ذلك الدين بعد سواء من الناحية المالية أو الأخلاقية مع السكان الأصليين. \r\n وقد بكت أميركا جميعها عندما لقي حوالي ثلاثة آلاف من مواطنيها مصرعهم في مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر ، وما يزال الهنود يبكون الآلاف من قتلاهم الذين سقطوا قبل ما يناهز خمسة قرون جراء ارهاب أطبق عليهم من قبل دولة لم تأبه كثيرا بما فعلت. \r\n و قال أحد الفلاسفة : الأمم العظيمة يحكم عليها بطريقة تعاملها مع سكانها الأصليين. ومن أسف أن أقول أن أميركا قد أخفقت في تجاوز الاختبار. \r\n وعلى أميركا اليوم أن تتقن تعلم الدرس جيدا ، فهل لو أنها كانت قد تعاملت مع سكانها الأصليين بالعدل والقسط أكانت هجمات 11 سبتمبر واقعة ؟ \r\n إنه لأمر يستحق التوقف للتفكير فيه مليا. وإن كانت الاشارات والملصقات التي تذكر بتلك الهجمات قد تلاشت بشكل تدريجي فكلي أمل ألا تتلاشى معها المشاعر العميقة التي جاءت بها. \r\n تيم غياغو * \r\n مؤسس وأول رئيس لاتحاد الصحفيين الأميركيين الأصليين \r\n خدمة ام سي تي خاص ب (الوطن)