والحقيقة أنه قد مضى أسبوع تقريباً منذ أن رفضت إيران بوضوح حزمة الإغراءات الاقتصادية التي كانت مقدمة لها مقابل تقليص برنامجها النووي. بعد الرد الإيراني برز سيناريوهان متوقعان: الأول هو قيام الأممالمتحدة بالتحرك بسرعة وفرض عقوبات ضد إيران، والثاني كان يتصور استجابة دبلوماسية بطيئة. \r\n \r\n والأسلوب القائم على الصبر والمنهجية في التعامل مع إيران هو الذي سيكسب في نهاية المطاف، كما يقول معظم المحللين ومنهم \"جورج بيركوفيتش\" خبير الانتشار النووي في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، حيث إن الولاياتالمتحدة تريد في قرارة نفسها المحافظة على وحدة الموقف الدولي ضد إيران لأطول فترة ممكنة، أما احتمالات فرض عقوبات فورية أو القيام بأي إجراء ذي مغزى من أجل الضغط على إيران، فهو احتمال ليس قوياً كما يؤكد \"بيركوفيتش\". \r\n \r\n والسبب الرئيسي الذي يدعو للاعتقاد بأن احتمال فرض عقوبات اقتصادية سريعة ضد إيران ليس قوياً، هو أن روسيا والصين قد تراجعتا عن موقفيهما اللذين كانا مؤيدين لهذا الخيار منذ أسابيع قليلة. \r\n \r\n علاوة على ذلك، فإن الحرب القصيرة التي اندلعت بين إسرائيل و\"حزب الله\" قد أدت إلى تحويل انتباه الغرب عن إيران، في نفس الوقت الذي وضعت فيه المزيد من الريح في الأشرعة الإيرانية، وحولت الموضوع النووي الإيراني إلى موضوع للمناقشة في بلدان العالم الإسلامي، وهي مناقشة لا تريد القوى الكبرى في العالم له الدخول فيها وخسارته أمام جماهير المسلمين، وهو ما يعطي مصداقية للحجة الداعية إلى اتباع الأسلوب المتمهل والمنهجي في التعامل مع الملف الإيراني. \r\n \r\n أما القيادة الإيرانية فتسعى إلى طرح موضوعها النووي في سياق مواجهة بين العالم الإسلامي من جهة والغرب من جهة أخرى، كما تصر على أنه من حقها أن تقوم بتطوير التقنية النووية التي تريد القوى الغربية التقليدية مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا حرمانها منها، وعلى أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية. في مقابل ذلك يصر القادة الأوروبيون والكثير من الخبراء النوويين على أن حرص إيران على إبقاء برنامجها سراً لسنوات طويلة وإصرارها على تخصيب اليورانيوم، يوحيان بعكس ما تدعي. \r\n \r\n وفي يوم أول من أمس (الثلاثاء)، سخر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد من الموعد النهائي المحدد من قبل مجلس الأمن الدولي، واتهم الولاياتالمتحدة وبريطانيا بأنهما\" السبب في جميع الاضطرابات في العالم منذ الحرب العالمية الثانية\". \r\n \r\n وفي حين أنه لم يكرر تهديداته السابقة بمحو دولة إسرائيل من الخريطة إلا أنه قال إن إسرائيل منذ قيامها قد حرمت الفلسطينيين من التمتع ولو حتى ب\"يوم واحد من السلام\". \r\n \r\n وقال أحمدي نجاد أيضاً إن الرد الذي قدمته إيران على العرض الخاص بالحوافز في الثاني والعشرين من أغسطس الحالي كان فرصة لإنهاء النزاع حول هذا الأمر والبدء في إجراء حوار. وكان الرد الإيراني ينص على التعليق النهائي لأنشطة التخصيب بمجرد البدء في المباحثات، بيد أن كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين \"علي لاريجاني\" قال هذا الأسبوع إن البرنامج الإيراني الهادف إلى التحكم بشكل كامل في دورة الوقود هو برنامج \"لا سبيل للتراجع عنه\". \r\n \r\n ولكن \"بيركوفيتش\" يقول إن \"إيران تعتبر مخالفة للالتزامات التي تفرضها عليها معاهدة عدم الانتشار النووي التي تعتبر إحدى الدول الموقعة عليها، وإنه كان يجب جرجرتها إلى مجلس الأمن منذ سنوات\". ويضيف \"بيركوفتش\" إلى ذلك قوله: إن السياق الدولي الحالي يحتم اتباع النهج المتمهل، وإن السجال لا يزال دائراً بين هؤلاء الذين يريدون اتخاذ إجراء سريع ضد إيران، وأولئك الذين يقولون إن الحاصل في الوقت الراهن هو أن الكثيرين يخشون الولاياتالمتحدة أكثر مما يخشون إيران ويدعون إلى التذرع بالصبر في التعامل مع الأخيرة. \r\n \r\n هذا هو السيناريو الذي يتوقعه \"بيركوفيتش\" ولكن الرجل الذي يتمتع بتاريخ طويل في مراقبة التطورات النووية لا يحب هذا السيناريو ويدعو \"إلى العمل بسرعة من خلال اختصار الفترة التي سيستغرقها السجال حول هذا الموضوع، والتحرك نحو فرض عقوبات في مجلس الأمن الدولي. وقال \"بيركوفيتش\": \r\n \r\n \"يجب أن نتحدى الروس والصينيين، ونحول بينهم وبين استخدام حق الفيتو من أجل إحباط أي قرار بفرض نظام عقوبات على إيران\". \r\n \r\n ويوافق \"بيركوفتش\" على أن المشكلة مع هذه الحجة هي أنه في حالة فشل نظام العقوبات المقترح ضد طهران، فإن الخيار العسكري سيصبح في هذه الحالة الخيار الوحيد المتاح. \r\n \r\n وفي الحقيقة أنه من ضمن أسباب الموقف اللين الذي تتبناه روسيا والصين تجاه موضوع العقوبات خشيتهما من أن تؤدي تلك العقوبات في نهاية المطاف إلى القيام بعمل عسكري ضد إيران وهو ما لا تريدانه بالنظر إلى مصالحهما الاقتصادية الكبيرة في تلك الدولة. \r\n \r\n وكان \"جون بولتون\" سفير الولاياتالمتحدة في المنظمة الدولية قد أشار إلى أن بلاده ستخرج بقرار يعالج هواجس هؤلاء الذين يخشون من تكرار السيناريو العراقي، أي تفسير القرارات الصادرة من المجلس على أنها ستفتح الباب لاستخدام القوة في حالة فشل نظام العقوبات. مع ذلك فتح \"بولتون\" الباب أمام خيار آخر هو قيام الولاياتالمتحدة بفرض عقوبات على إيران خارج نطاق مجلس الأمن ووفقاً للقوانين الأميركية بمشاركة بعض الدول التي توافقها على موقفها. \r\n \r\n ولكن بعض الخبراء يعربون عن شكوكهم في أن يكون للعقوبات التي يفرضها هذا النوع من \"التحالف\" تأثير كبير، وخصوصاً إذا ما اقتصرت على فرض قيود على سفر كبار المسؤولين الإيرانيين إلى الخارج، أو فرض قيود على حساباتهم البنكية. فاليابان على سبيل المثال قالت إنها ستسعى في حالة فرض عقوبات على إيران ألا تمس تلك العقوبات موضوع صادرات البترول من قريب أو بعيد، وخصوصاً أن اقتصادها يعتمد على النفط الإيراني. \r\n \r\n هاورد لافرانشي \r\n \r\n محرر الشؤون الخارجية في \"كريستيان ساينس مونيتور \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n