\r\n وناضل غراس في ستينات القرن المنصرم من أجل « جرأة ألمانية تعزز الديموقراطية». وساند فيلي براندت (أول مستشار ألماني اشتراكي- ديموقراطي، في 1969 - 1974) في سبيل تغيير نهج الحكومة الألمانية. وكان غونتر غراس من أكثر المعجبين بفيلي براندت. فهذا غادر ألمانيا في 1933، وتفادى التورط مع النازيين. واليوم، يسأل غراس نفسه: كيف انطلت عليه «البروباغندا» النازية حين كان في السابعة عشرة من عمره؟ وهو عاجز عن فهم اقتناعه، يومها، بالنازية، على رغم إعدام عمه في غدانسك، واختفاء استاذ اللغة اللاتينية الذي درس عليه بعد تشكيكه في النصر النازي النهائي. \r\n \r\n ولم يخرج غراس على النازية إلا بعد محاكمة نورنبرغ، وإدانة الحلفاء جرائم النازية. وفي الاعوام الماضية، عجز غراس، على ما يقول في سيرته الصادرة أخيراً، عن فضح الشاب الذي كانه في رواياته. وفي خضم مواجهة الألمان تاريخهم، يستهجن قراء سيرة غراس تنديده بالشباب اليساري في الستينات، ووصفهم ب «النازيين الحمر» (في إشارة الى الشيوعيين)، في حين كان هو من جند الفوهرر (هتلر). \r\n \r\n وعلى رغم بغضه ترجح الألمان بين الاعتراف بالماضي والصمت عنه، يبقى غراس نموذج جيل «ولد باكراً فلم ينج من النازية، وولد بعد فوات الأوان فلطخ يديه بالنازية وخضع لها». وهذا ما قاله غراس إبان زيارته اسرائيل، وهي زيارة تذكر الألمان جميعهم بماض لا يمضي، ولا ينسى. \r\n \r\n \r\n والحق أن اعترافات غراس تزامنت مع تقويم ألمانيا علاقتها بالدولة اليهودية. فبعد ستين عاماً على انتهائها، يخيّم شبح الحرب العالمية الثانية على السياسة الألمانية، ويقيّد عملها، على قول «دير شبيغل». فالألمان يترددون في المشاركة في قوات الأممالمتحدة بلبنان، ويخشون التعرض لجنود إسرائيليين. ولا شك في أن دعوة رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، ألمانيا الى المشاركة في قوات الأممالمتحدة، أحرجت برلين. وتفترض هذه الدعوة أن المانيا اليوم هي غير ألمانيا السابقة، وأنها حليفة اسرائيل. والحق أن المانيا لن تملك زمام سياستها في الشرق الاوسط ما لم تتحرر من قيود الماضي الدفين. \r\n \r\n «لوموند» الفرنسية،