\r\n فبعد رفضها قبل نحو شهر لمساعدات عرضها عليها الصليب الأحمر الكوري الجنوبي، تقدمت كوريا الشمالية مؤخراً بطلب عن طريق لجنة مشتركة، أعربت فيه عن شكرها للجنوبيين وأوضحت فيه حاجتها إلى \"الإسمنت والفولاذ ومركبات البناء، إضافة إلى الأغذية والأغطية والأدوية\". ومما يجدر ذكره أن ثلاث عواصف قوية ضربت كوريا الشمالية الشهر الماضي، ما تسبب في فيضانات أودت بحياة المئات من الأشخاص، قرابة 549 شخصاً وفق صحيفة موالية لبيونج يانج تصدر في طوكيو. غير أن مسؤولاً كبيراً في الصليب الأحمر الكوري الجنوبي، أعلن أن العدد الحقيقي للقتلى قد يكون أكبر بكثير من الأرقام المعلن عنها حتى الآن. \r\n وزارة الوحدة الكورية الجنوبية، وبعد أن كانت رفضت طلب كوريا الشمالية المتمثل في 500000 طن من الأرز إضافة إلى الأسمدة عقب تجربة الصواريخ وقبل حدوث الفيضانات، استجابت بحماس لاستئناف الجهود الرامية إلى المصالحة بالرغم من الضغوط الأميركية الداعية إلى الانتظار إلى حين استئناف المحادثات سداسية الأطراف حول أسلحة كوريا الشمالية النووية. وفي سياق تفسيره للقرار، أعلن \"شين إيون سانغ\"، نائب وزير الوحدة، وهو المسؤول عن متابعة العلاقات مع كوريا لشمالية، يوم الجمعة \"إن الحكومة لا تتوقع أي شيء\" بالمقابل، مضيفاً أن \"مساعدات الإغاثة العاجلة\" التي أمرت بها الحكومة \"إنسانية صرفة\". \r\n ولئن تمسكت كوريا الشمالية بطلب المساعدات \"دون شروط مسبقة\"، فإن المسؤولين الكوريين الجنوبيين يقولون إن برنامج المساعدات قد يساعد على إصلاح جملة من الاتصالات التي عُلقت أو ألغيت في الأسابيع قبيل تجربة الصواريخ وبعدها. وفي هذا الإطار، يقول \"بايك هاك سون\"، مدير الدراسات الكورية-الكورية بمعهد \"سيجونغ\": \"إن حكومة سيول تبحث عن فرص لتحسين العلاقة بين البلدين\". ويضيف قائلا إن كوريا الجنوبية \"تنظر إلى ضرورة التعامل مع هذه العلاقة الكورية-الكورية كوسيلة للتعامل مع مشاكل من قبيل الأسلحة النووية والصواريخ. وهكذا، فإن هذه المساعدات تشكل قاعدة للحوار والتعاون والعلاقات الاجتماعية بين البلدين\". \r\n غير أن جهود المصالحة تثير جدلاً في ضوء ازدياد قوة \"المحافظين\" مقابل التقلص المضطرد في شعبية الرئيس الكوري الجنوبي \"رومو هيان\" المنتمي إلى \"يسار الوسط\"، والذي يضغط في اتجاه تحسين العلاقات مع كوريا الشمالية. ويقول \"مايكل برين\"، الذي ألف كتابين حول المواقف والمشاكل الكورية، \"إن كوريا الشمالية تتصرف على نحو كان متوقعاً\"، مضيفاً \"أن كوريا الشمالية عموماً هي بلد مستجد ولكنها فخورة ولا تشعر أنها كذلك. إنها تجعل المتبرع يشعر بالامتنان لأنه قدم المساعدة\". \r\n والواقع أن تقلبات جهود المصالحة تشكل لغزاً يقسم الكوريين الجنوبيين، ويحير المحللين الذين يحاولون تقييم فرص الحرب أو السلام في المنطقة. وفي هذا السياق، يقول \"بيتر هيان\"، الذي فر إلى كوريا الجنوبية قادما إليها من الجارة الشمالية قبل الحرب الكورية والمعروف بانتقاده للنظام الكوري الشمالي، \"إن المصالحة لا توجد في القاموس الكوري الشمالي\"، مضيفاً \"إذا لم يكن المتبرع جد متأكد من أن المساعدات ستوزع على الفلاحين الذين يتضورون جوعا، فعلينا ألا نقدمها\". وروى هيان ما حكاه فارون من كوريا الشمالية مؤخراً من أن الجنود الكوريين الشماليين بزي مدني يقومون بتحميل شحنات الأرز على شاحنات مدنية بميناء \"نامبو\" على الساحل الغربي، قائلاً \"إنهم ينقلونها إلى وحداتهم ووجهات مجهولة، أما الشعب الذي يموت جوعاً فلا يزال جائعاً\". \r\n ويزداد لغز كوريا الشمالية تعقيداً عندما يتعلق الأمر ببرنامجها العسكري –خصوصاً في ضوء التقارير التي تفيد بأنها بصدد بناء قواعد جديدة للصواريخ في وقت تطلب فيه المساعدات بعد فيضانات الشهر الماضي. ويقول \"يان داك مين\"، الأستاذ بمعهد الشؤون الخارجية والأمن الوطني، التابع لوزارة الخارجية الكورية الجنوبية \"إننا جد قلقين بخصوص أمننا، ذلك أنهم طوروا صواريخ وتكنولوجيا جديدة\". \r\n ويقول يان، وهو صاحب دراسة حديثة حول برنامج صواريخ كوريا الشمالية، إن الجارة الشمالية أنشأت مركز قيادة لإطلاق الصواريخ في وقت تواصل فيه بناء منصات بمحاذاة الساحل الشرقي لإطلاق صواريخ \"سكود\" قصيرة المدى وصواريخ \"رودونغ\" متوسطة المدى القادرة على ضرب أي مكان تقريباً في اليابان. ويضيف يان قائلا إن الشمال يطور ويصنع المزيد من الصواريخ، ومنها نوع جديد من صواريخ \"رودونغ\" التي يتراوح مداها ما بين 1500 و2500 ميل، وصواريخ \"فروغ\" قصيرة المدى التي يمكنها استهداف قواعد بكوريا الجنوبية. \r\n ويرى برين أن كوريا الجنوبية هي الخاسرة في لعبة المساومة. إذ يقول \"إن الكوريين الجنوبيين يسعون إلى المصالحة. غير أن هذه الدولة ترفض التعاون، وتطلب المساعدات. أما في ما يتعلق بالتكتيك، فإن الكوريين الجنوبيين يخسرون دائما\". \r\n \r\n دونالد كورك \r\n مراسل \"كريستيان ساينس مونيتور\" في سيول \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n