أما في مدينة الكوفة, فقد أسالت التفجيرات التي وقعت هناك أنهاراً من الدماء وتطايرت أشلاء الجثث في منطقة السوق على امتداد الطريق المؤدي إليها من مسجد مسلم بن عقيل, حيث المنبر الرئيسي للزعيم الشيعي المتشدد مقتدى الصدر. ووفقاً لدراسة أعدتها الأممالمتحدة وحسب المعلومات الواردة في تقرير للشرطة العراقية, فقد خلفت المواجهات والهجمات المتبادلة بين المسلمين الشيعة والسنة منذ شهر مايو الماضي, ما يزيد على 6 آلاف مدني عراقي. وكانت تفجيرات الكوفة التي جاءت في أعقاب سلسلة من الاغتيالات والتفجيرات السابقة المنسوبة إلى ميليشيات \"جيش المهدي\" التابعة لمقتدى الصدر, وتلك المضادة لها من خصومها في الميليشيات السنية العربية, قد نقلت أرض الحرب الطائفية إلى عتبات البيت الشيعي, مما أثار المخاوف من اندلاع معارك ثأر جديدة بين الجانبين. \r\n \r\n وفي كل تلك المعارك والمعارك المضادة, رسالة مؤكدة وبالغة الوضوح فيما يتصل بوجود خلافات طائفية عميقة, على حد قول الفاضل شارح, القيادي الديني في حركة مقتدى الصدر, والذي مضى مستطرداً في القول إن فيها ما يشي بالاتجاه حثيثاً صوب \"الحرب الأهلية\". وفي المقابل لا يزال مسؤولون في الحكومتين الأميركية والعراقية يؤكدون قدرة قوات \"التحالف الدولي\" البالغ قوامها 150 ألف جندي, على تجنيب العراق مغبة الانزلاق إلى حرب أهلية واسعة النطاق. بيد أن الكثير من المسؤولين العراقيين يبدون قلقهم من أن يكون النزاع قد تجاوز الخطوط الحمراء وشارف على الوصول إلى تلك المرحلة. ذلك هو ما أكده الزعيم السني عدنان الدليمي بقوله في حوار صحفي أجري معه: \"إن ما يحدث هنا كارثي ومأساوي, لكونه سلسلة من حمامات الدماء وقتل المدنيين الأبرياء من العجزة والنساء والأطفال. ومع ما نرى من هذا القتل الجماعي, فليس ما يجري أقل حالاً من حرب أهلية غير معلنة\". \r\n \r\n مصداقاً لهذا الرأي أكدت دراسة صادرة عن الأممالمتحدة مؤخراً– اعتمدت على بيانات وإحصاءات وزارة الداخلية العراقية- مصرع 2669 مدنيا عراقيا مدنيا في شهر مايو المنصرم, بينما قتل 3149 مدنياً في يونيو الماضي. أما في يوليو الجاري, فتبدو موجة العنف أكثر تصاعداً, لا سيما في العاصمة بغداد التي تستهدفها حملات أمنية مكثفة ترمي لوضع حد للعنف فيها. وكانت القوات الأميركية قد دشنت الحملات المذكورة, في أعقاب زيارة خاطفة للعراق قام بها الرئيس بوش في منتصف يونيو المنصرم. \r\n \r\n لكن وفي واقع الأمر, فقد حذر \"الحزب الإسلامي العراقي\" وهو أكبر الأحزاب السنية العربية يوم الثلاثاء الماضي, من أن تكون البلاد قد بدأت تشهد بالفعل تصاعداً مأساوياً للعنف, داعياً في الوقت ذاته العراقيين للعودة إلى رشدهم وتحكيم عقولهم بدلاً من الانزلاق نحو الهاوية. \r\n \r\n يذكر أن أكثر الناس تحفظاً في العراق من تسمية ما يجري ب\"الحرب الأهلية\"، شرعوا ينادون الآن بأن تجنيب العراق هذا الشر, يتطلب الاستعانة بآليات المجتمع الدولي الخاصة بفض النزاعات والتوترات العرقية الدينية والسياسية الطائفية, على نحو ما حدث في فض نزاعات مماثلة في كل من أميركا الوسطى ويوغسلافيا السابقة وسريلانكا. \r\n \r\n بورزو دراغاهي \r\n \r\n مراسل صحيفة \"لوس أنجلوس تايمز\" في بغداد \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n