\r\n نلحظ عدم إقدام أي منهم على إثارة السؤال الملح المهم: وهل لذلك من أهمية تذكر؟ وإذا لم تكن لذلك السؤال أية أهمية بالنسبة لبوتين, فإن من رأي ديك تشيني ومؤيديه, أن في وسع واشنطن الدفع باتجاه إصدار قرار حازم ضد إيران في مجلس الأمن الدولي, في ذات الوقت الذي تنفتح فيه روسيا على شركات النفط الأميركية, بغية تصدير المزيد من كميات النفط والغاز الروسيين, كي تباع بأسعار زهيدة في السوق العالمية, بينما سيتعين على موسكو أن تبدي تسامحاً أكبر مع أفضليات واشنطن في جملة من المسائل المثارة حالياً. \r\n \r\n وإذا ما صحت هذه الأخبار الصادرة من دوائر ديك تشيني ومؤيديه, فإننا نغامر بركوب المخاطر والمغامرات غير المحسوبة العواقب, وذلك بتقليلنا من شأن وأهمية الدعم الشعبي الكبير الذي يحظى به المنحى الذي يسلكه الرئيس بوتين. فقد كشفت آخر استطلاعات الرأي العام الروسي التي أجريت, عن أن بوتين يحظى بتأييد نسبة 57 في المئة من فئات الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18-24 عاماً –مع العلم أن هؤلاء يشكلون الفئة الديموغرافية التي أمَّنت حاجة الثورات الديمقراطية \"الملونة\" التي شهدتها كل من جورجيا وأوكرانيا من الجنود والمتظاهرين- وتكمن أهمية هذه النسبة في كونها تمثل ضعف ذلك التأييد الذي يحظى به الرئيس بوش من الفئة العمرية ذاتها في بلاده. وليس ذلك فحسب, بل لقد أفاد ثلاثة أرباع المواطنين الروس بحدوث زيادة في معدلات دخلهم خلال العام الماضي. وعلى رغم وجود البلبلة والتململ في أوساط الروس, سواء لجهة عدم رضاهم عن مظاهر عدم الكفاءة الإدارية والفساد والرشوة والمحسوبية, أم شكواهم من بيروقراطية الدولة وغيرها, مع ذلك لا تميل اتجاهات الرأي العام الروسي مطلقاً إلى الإطاحة التامة بنظام يعتقد الكثير من الروس أنه نجح في تحقيق بعض الاستقرار والازدهار الاقتصاديين, إثر الانهيار المدوي الذي تعرضت له بلادهم واقتصادها في بدايات عقد التسعينيات. \r\n \r\n ثم هناك سؤال آخر مهم: فهل تكون روسيا الأكثر ديمقراطية, أكثر تساهلاً وليونة إزاء المصالح الأميركية داخل الأراضي الروسية؟ وفي هذا تشير استطلاعات الرأي المذكورة آنفاً, إلى أن نسبة 60 في المئة من الروس يعتقدون أن للولايات المتحدة تأثيراً سلبياً على أحداث ومجريات المسرح الدولي. إلى ذلك يعتقد ما يزيد على 50 في المئة من الروس, أن الولاياتالمتحدة تبدي مشاعر عداء وجفوة إزاء بلادهم. وعلى الرغم من أنه يحلو ويطيب للكثيرين من الأميركيين إرضاء أنفسهم بالقول إن النسب المذكورة أعلاه, إنما تعبر عن آراء الأجيال القديمة التي لا تزال عالقة في مرحلة الحرب الباردة وما سادتها من مشاعر عداء روسي جامح لأميركا. غير أن الحقيقة الساطعة هي أن النسب المشار إليها تعكس في الواقع آراء الشباب الروس والنخب الجامعية المتعلمة في كل من موسكو ومدينة سان بطرسبورج, وكلتاهما من أغنى وأكبر المدن الروسية الليبرالية المستنيرة دون شك. \r\n \r\n ثم وفي منحى الرصد نفسه, ما هي مشاعر الروس إزاء إيران؟ تشير استطلاعات الرأي العام التي أجريت, إلى وجود هامش يتفاوت بين 2-1 في تفضيل الروس لمصالح بلادهم الاقتصادية المتمثلة في بيعها للمزيد من الأسلحة لإيران, على احتفاظها بعلاقات طيبة مع الولاياتالمتحدة. وليس ذلك فحسب, بل إن نسبة تزيد على 60 في المئة, لا تشاطر واشنطن القول إن طهران تمثل خطراً أمنياً على روسيا, بينما ترى نسبة 80 في المئة منهم, أن هذا الغضب الذي تبديه واشنطن إزاء طهران, ليس مرده إلى ما تمثله طهران من خطر على الأمن والسلم الدوليين, بقدر ما هو ناجم عن إحباط طهران ووقوفها حجر عثرة أمام الأطماع الأميركية في المنطقة. والملاحظ في جميع اتجاهات الرأي العام الروسي هذه, خلوها من أية رغبة للشارع الروسي في انضمام بلاده إلى تحالف أميركي دولي يهدف إلى مواجهة القيادات الدينية والسياسية الحاكمة في إيران. وهكذا يتضح أنه وفيما لو شاءت أية حكومة روسية الانضمام إلى خطوة أو تحالف يرمى إلى إرغام طهران على التراجع عن برامجها النووية وسياساتها الراهنة, فإنها لاشك سيكون عليها تحدي إرادة شعبية روسية قوية, مناوئة لأي اتجاه كهذا. فهل في ذلك ما يفيد تعزيز الديمقراطية الروسية؟! \r\n \r\n نيكولاس كي. جوفزديف \r\n \r\n محرر في دورية \"ناشونال إنترست\" \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n