\r\n والحق يقال، إن في خطاب الرئيس بوش حول ''حالة الاتحاد''، لا سيما في دعوته إلى ضرورة وضع حد لإدماننا لوقود النفط وتحسين مستوى تنافسنا الأكاديمي التعليمي وغيرهما، ما يشبه زيارة الرئيس نيكسون إلى نيو مكسيكو. فعلى رغم التغيير البالغ الأهمية في الاتجاه، والذي أحدثه ذلك الخطاب، فإن الرئيس بوش لا يزال بعيداً جداً عن التوجه نحو الصين. فما أكثر الأميال والبرازخ التي تفصله عنها وتغير السياسات والتوجهات وتطبيقاتها! إيه فريدمان... ألا تكن منطقياً وواقعياً أبداً يا رجل؟ فها هو الرئيس يقذف ببعض الفقرات التي تصب فيما تدعو أنت إليه... فلا تقابل ذلك إلا بالشكوك والاستهانة؟! وهل من سبيل سوى طرح كل هذه التصريحات جانباً والقذف بها إلى سلة القمامة؟ فأنت تعلم أن أهل البيت الأبيض ليسوا أهل عزم وجد. فكيف تصدقهم اليوم وكنت أنت من ظن أنهم سيحسنون خوضهم للحرب على العراق... ألا تذكر ذلك الآن؟ ولكن انظر إلى أين ذهبت بك تلك الظنون أيها المغفل. لقد كان عليك أن تستمع إلى ما كانت تقوله زوجتك الحكيمة! \r\n إيهٍ... إيهٍ إنني لعلى علم بكل ما جرى وكل ما رأيناه من تخييب للآمال والظنون. غير أني أدرك شيئاً آخر أيضاً، ألا وهو أن بوش سوف يظل رئيساً للولايات المتحدة خلال السنوات الثلاث المقبلة. ولذلك فإنه ليست لدينا ثلاث سنوات لنهدرها سواء فيما يتصل بمشكلة التغير المناخي، أم بكفاءة استهلاكنا للطاقة، أم بتحسين أدائنا الأكاديمي في مادتي الرياضيات والعلوم. ولست في موضع من يستمرئ الجلوس العاطل الكسول الذي لا يأتي شيئاً سوى القدح في أهل البيت الأبيض وسب كل ما يفعلونه، أملاً في أن يحل محلهم بعد ثلاث سنوات، رئيس ديمقراطي يصحح الاتجاه والمسيرة. أفق من غفوتك وأحلام يقظتك أيها المغفل... فالوقت يقطعنا كما حد السيف. \r\n وكنت قد استمعت إلى الرئيس بوش وهو يتحدث بلغة جديدة عن أهمية الكف عن إدماننا لوقود النفط، عن طريق تبنينا للابتكار والإبداع في تقنيات الطاقة البديلة، دون أن يشير من قريب أو بعيد إلى أهمية التنقيب والحفر في حقول ألاسكا النفطية. وعلى أية حال، فما أن يشرع الرئيس باستخدام لغة جديدة كهذه، تلامس ملامسة مستديمة موضوعات على كل هذا القدر من الأهمية والحيوية -لا يزال علينا اختبار ومراقبة استدامتها واستمرارها- فإن في ذلك ما يلهم البلاد كلها، ويحفز الجهاز البيروقراطي الأميركي بأسره لترديد اللغة والمفردات الجديدة نفسها. \r\n \r\n وإن كان كل ما فعله الرئيس حتى الآن هو مجرد القول والحديث، فكيف لنا أن نمسك بأفعاله لا بأقواله؟ إن إحدى أقصر الطرق المؤدية لهذا، أن يطلب الرئيس من أعضاء الكونجرس ومجلس الشيوخ دعم ''خيارات السيارات والطاقة المتضمنة في قانون الأمن الأميركي'' التي حظيت سلفاً بتأييد عدد من كبار القادة الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء. يجدر بالذكر أن مسودة هذا القانون تهدف إلى خفض استهلاكنا للنفط بمعدل مليونين ونصف المليون برميل يومياً بحلول عام 2015 ثم بمعدل 7 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2025 وهو ما يزيد كثيراً على المعدل الذي اقترحه الرئيس. كما ينص القانون على منح ضمانات قروض وحوافز عديدة لشركات صناعة السيارات التي تواجه أزمات مالية حادة الآن، شريطة أن تستخدم الشركات هذه الأموال في إعادة تأهيل خطوط تركيبها وإنتاجها، بحيث يكون الهدف هو تصنيع سيارات على درجة كبيرة من المرونة في استخدام الطاقة، تستطيع استهلاك أي نوع من أنواع الطاقة المزدوجة بين الكحول والجازولين، فضلاً عن تسخير الأموال ذاتها لتصنيع السيارات والشاحنات المهجنة -بما فيها تلك التي تعمل بالتبادل بين وقود النفط والطاقة الكهربائية. \r\n ويوفر هذا القانون وسيلة لتوفير كميات كبيرة من الوقود في زمن قياسي، إضافة إلى كونه وسيلة لإنقاذ ديترويت مالياً، قبل أن تقعد بها هذه الأزمة تماماً. وإن كنا نريد لبلادنا تبني خيارات عملية في الطاقة، فإن ذلك لا يكون إلا كما قال ''جال لوفت'' الخبير في شؤون الطاقة: ''إن كنا نريد إرسال دولاراتنا لأسوأ الأنظمة الشرق أوسطية، فما علينا إلا استهلاك الجازولين. أما إن أردنا إرسال الدولارات نفسها إلى أفضل المزارع الأميركية الواقعة في الغرب الأميركي الأوسط، فعلينا في هذه الحالة استهلاك الكحول المصنوع من مواردنا ومنتجاتنا الزراعية المحلية. أما التكنولوجيا التي نحتاجها للحد من استهلاكنا للجازولين، فمتوفرة لدينا سلفاً في السيارات المرنة في استهلاكها للوقود. ولذلك فإننا لسنا بحاجة لابتكارات وفتوحات تكنولوجية رئيسية في هذا المجال''. \r\n وبقدر ما هي جيدة فكرة حث شركات ديترويت على تصنيع السيارات عالية الكفاءة في استهلاك الطاقة، فإننا في أمس الحاجة في الوقت ذاته، لفرض ضرائب على استهلاك الجازولين، بحيث نرغم المستهلكين على شراء السيارات الجديدة عالية الكفاءة. ولكن المشكلة أن الرئيس يعارض فكرة الضرائب هذه. والخطأ هنا أنه لن يكون في وسعه وضع حد لإدمان بلادنا للنفط. بل لن يكون في وسعه تحقيق أجندته الديمقراطية العالمية الطموحة نفسها، ما لم تفطم أميركا العالم كله عن النفط. \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز \r\n \r\n \r\n